فرنسا وإسرائيل.. سياسة متقاربة وحوار استراتيجي

الخميس 30 يناير 2020 04:01 م

اعتبرت صحيفة الأخبار اللبنانية أن السياسة الفرنسية تتجه نحو المزيد من التطابق مع نظيرتها الإسرائيلية وذلك بعد إعطاء الرئيس الفرنسي، "إيمانويل ماكرون"، خلال زيارته إلى (إسرائيل)، موافقته على طلب رئيس وزرائها "بنيامين نتنياهو"  "حوارا استراتيجيا" بين تل أبيب وباريس.

وأوضحت الصحيفة في تقرير لها أنه كثيرا ما توصف العلاقات الفرنسية الإسرائيلية بالعاطفية، وهي، على الرغم ممّا شهدته من فتور في مراحل غير قصيرة، قد تعزّزت على مستوى التعاون الثقافي والعلمي والاقتصادي والسياسي منذ عهد الرئيس الأسبق "نيكولا ساركوزي".

فمنذ أكثر من عقد، لم يعد تطور العلاقات الثنائية بين الجانبين مرتبطاً بتقدّم مسار التسوية مع الفلسطينيين، إذ إن حوارا استراتيجيا بين وزارتَي خارجيتيهما بدأ سنة 2009.

وفي يونيو/حزيران 2018، أجرت البحرية الفرنسية، للمرة الأولى، مناورات عسكرية مشتركة مع تلك الإسرائيلية لتحسين مستوى التنسيق بينهما في المتوسط.

ولم يعد للتوترات التي تبرز بين الفينة والأخرى، وآخرها اقتحام قوة أمنية إسرائيلية المركز الفرنسي في القدس لفرض إلغاء نشاط ثقافي، تأثير جدّي على أهمية التعاون الفرنسي - الإسرائيلي وعمق.

ويرى العديد من المراقبين أن الإعلان عن "حوار استراتيجي" بين الجانبين حول آفاق تعاونهما العسكري وقضية الطاقة في المتوسط والملفات الإقليمية محكوم أساساً باعتبارات سياسية دعائية.

فالحوار الاستراتيجي بينهما قائم، ولكن إضفاء الطابع الرسمي عليه يسمح بتطويره وتعميقه، ما يشكّل قطيعة مع المقاربة الفرنسية التقليدية المتحفّظة نسبياً للعلاقات مع (إسرائيل).

وفي ظلّ تصاعد التوتر في الشرق الأوسط، بات الانطباع الغالب هو أن "ماكرون" شرع في استدارة سياسية تخلّى معها عن مزاعمه عن الحرص على الموقف المتوازن لفرنسا حيال مختلف الأفرقاء الإقليميين.

غاية "ماكرون" الحقيقية

المتخصّص في شؤون الدفاع في "مجموعة الأبحاث حول السلام والأمن" "جان ماري كولان"، يعتقد أن غاية "ماكرون" الحقيقية من إبراز قوة علاقاته مع (إسرائيل) هي السعي إلى كبح جموحها قدر الإمكان.

وبحسب الخبير الفرنسي، فإن "رغبة الدبلوماسية الفرنسية في بناء علاقات مميزة مع عدة قادة سياسيين ناتجة من عزمها على تحقيق تقدم في عدة ملفات شائكة".

والمقاربة نفسها معتمدة مع الروس والأمريكيين والإسرائيليين. ففي سبتمبر/أيلول 2009، حاول "ماكرون"، دون أن ينجح، جمع الأمريكيين والإيرانيين خلال انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة.

ويخالف نائب مدير معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية "ديدييه بيون" هذا التحليل تماما حيث يجزم بأن فرنسا أصبحت أكثر انحيازا إلى الموقف الإسرائيلي في بيئة جيواستراتيجية إقليمية شديدة الاضطراب.

ووفقا لـ"بيون"، فإن "ماكرون" حاول بدايةً التأثير على الأمريكيين من خلال إظهار صداقته للرئيس "دونالد ترامب" بطريقة استعراضية، على الرغم من أن الأخير لا يفهم سوى لغة القوة الفجّة، لكنه سرعان ما تبنّى المطالب الأمريكية في ما يتصل بالملف النووي الإيراني.

في مارس/آذار 2018، عشية زيارته لإيران، قال وزير الخارجية "جان إيف لودريان"، في مقابلة مع الصحافة الفرنسية، إنه ذاهب إلى طهران ليطالب الإيرانيين بوقف تطوير صواريخهم الباليستية والامتناع عن التدخل في الأزمات الإقليمية.

في اليوم التالي، عنونت صحيفة إيرانية محسوبة على المحافظين أن دمية الأمريكيين ستزور إيران، لقد فشلت مهمة "لودريان" قبل بدايتها، إذا تجاوزنا التركيز الشكلي على أهمية الحوار، فإن الفرنسيين يتحدثون بالنيابة عن الأمريكيين.

بعد اغتيال "قاسم سليماني"، اتصل "ماكرون" بـ"ترامب" ليبلغه تضامنه الكامل مع الولايات المتحدة، وهو ما يعني أن فرنسا تقف في معسكر الأخيرة على المستوى الاستراتيجي، برأي "بيون"، الذي يعرب عن اقتناعه بأن السياسة الفرنسية، بمعزل عن خطابها السيادي الذي يؤكد عدم انحيازها إلى أيّ طرف، قد شهدت تحولات مهمة على مستويات عدة.

في 16 يوليو/تموز 2017، وبحضور "نتنياهو"، أعلن "ماكرون" أن العداء للصهيونية هو الشكل المستجدّ للعداء للسامية.

وفي هذا الإطار، يعتبر "بيون" أن "الخلط المتعمّد بين العداء للصهيونية والعداء للسامية فضيحة على المستوى الفكري، وخطر على المستوى السياسي، لأن المقصود هو منع أيّ نقد لـ(إسرائيل)".

ويأتي تزامن الإعلان عن حوار استراتيجي فرنسي - إسرائيلي مع الازدراء الكبير الذي أظهره "ماكرون" تجاه نظيره الفلسطيني، "محمود عباس"، الذي اضطر إلى الانتظار 4 ساعات قبل أن يقابله، ليشكّل ذلك في نظر "بيون" مؤشراً على خيار التطابق مع التوجّهات الإسرائيلية.

لا يمكن تفسير هذا الخيار بدوافع أيديولوجية، لأن "ماكرون براجماتي، بل حتى انتهازي، ليست لديه قناعات على رغم إعجابه بـ(إسرائيل) وإنجازاتها في مجالات العلوم والتكنولوجيا، أعتقد، إضافة إلى ذلك أن الدولة العميقة في فرنسا تلعب دوراً مهماً، ففي وزارة الخارجية، يمارس تيار المحافظين الجدد المؤيد لـ(إسرائيل) ضغوطاً فعّالة على الرئاسة"، يختم "بيون".

المصدر | الخليج الجديد + الأخبار اللبنانية

  كلمات مفتاحية

ماكرون العلاقات الفرنسية الإسرائيلية

ماكرون يلتقي الأربعاء نتنياهو وعباس ويزور القدس الشرقية

نتنياهو لماكرون: التوقيت ليس مناسبا لمحاورة إيران

تعاون عسكري إسرائيلي فرنسي سري في مجالات حرب المستقبل