الكويت وصفقة القرن.. غموض حذر وموقف غير معتاد

الخميس 30 يناير 2020 07:18 م

مقارنة بموقفها السابق من مؤتمر المنامة (الشق الاقتصادي لصفقة القرن)، في يونيو/ حزيران الماضي، وما سبقها من ملابسات، جاء الرد الكويتي على إعلان الرئيس الأمريكي؛ "دونالد ترامب"، عن تفاصيل بالشق السياسي متسما بالغموض الحذر والترقب بعض الشيء.

وأتى رد دولة الكويت، المعروفة بمواقفها الداعمة بشكل واضح للقضية الفلسطينية، ومعارضتها القاطعة للتطبيع مع (إسرائيل)، على غير العادة، مشابها للعديد من الدول العربية، التي لديها علاقات رسمية أو سرية مع دولة الاحتلال.

وشمل الشق الاقتصادي لصفقة القرن إنشاء صندوق استثمار عالمي لدعم اقتصادات الفلسطينيين، والدول العربية المجاورة، فيما تضمن الشق السياسي، إقامة دولة فلسطينية "متصلة" في صورة "أرخبيل"، تربطه جسور وأنفاق، بلا مطار ولا ميناء بحري، مع جعل مدينة القدس المحتلة عاصمة موحدة مزعومة لـ(إسرائيل).

  • غموض وترقب  

وفى تعليقها على إعلان "ترامب" لخطته المزعومة للتسوية السياسية بالشرق الأوسط، المعروفة إعلاميا بـ "صفقة القرن"، قالت وزارة الخارجية الكويتية في بيان رسمي، الأربعاء، إنها "تقدر عاليا المساعي الأمريكية لحل القضية الفلسطينية، وإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي، الذي امتد لأكثر من سبعين عاما".

لكن بيان الخارجية عاد وعقب أن "الحل العادل للقضية الفلسطينية لا يتحقق الا بالالتزام بالقرارات الشرعية، وبإقامة دولة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية".

 

 

وجاء الرد الكويتي متأخرا عن النظراء الخليجيين، حيث أعلنت الإمارات دعمها الصريح للمقترح الأمريكي، وحضر سفيرها في واشنطن المؤتمر الخاص بإعلان تفاصيل الصفقة، بجانب نظرائه في البحرين وعمان، وقد حظيت الدول الثلاث بثناء علني من "ترامب" خلال المؤتمر، الذي أقيم في واشنطن، الثلاثاء.

وسبق للحكومة الكويتية أن رفضت، في يونيو/ حزيران عام 2019، المشاركة في ورشة البحرين الاقتصادية، وأصدر البرلمان الكويتي بياناً طلب فيه من الحكومة مقاطعة هذه الورشة، ورفض نتائجها، واعتبر أنها "تكرس للاحتلال الإسرائيلي، وتضفي الشرعية عليه".

ووفق مديرة "مبادرة سكوكروفت لأمن الشرق الأوسط" التابعة لمؤسسة المجلس الأطلسي البحثية، "كريستين فونتينروز"، فإن الكويت تتبنى نهج الانتظار والترقب.

وأشارت إلى أن "الكويت كانت الدولة الأكثر ترددا في دول مجلس التعاون الخليجي، لتقديم الدعم لمساعي خطة السلام الأمريكية".

وأوضحت أن "أمير الكويت (صباح الأحمد الجابر الصباح) دائما ما يؤيد حل النزاعات الإقليمية سلميا، ولا يدخر جهدا لخدمة إصلاح العلاقات بين جيرانه الخليجيين".

وذكرت أنه، في وقت سابق، امتنعت الكويت عن التعبير عن التأييد الصريح لمبادرة البيت الأبيض، قائلة إنها تحتاج إلى رؤية الخطة قبل أن يتمكنوا من التعليق.

  • لمز وخلاف علني

وتضمنت الصيغة النهائية لـ"صفقة القرن"، التي تم نشرها بعد إعلان الثلاثاء، ما يمكن وصفه بـ"اللمز" الأمريكي للكويت، حول ما آلت إليه أحوال الفلسطينيين.

ووفق نص الاتفاق المقترح: "تم عزل العرب (الفلسطينيون) الذين نزحوا، بأعداد كبيرة للغاية، ومنعوا من العيش كمواطنين في العديد من البلدان العربية في المنطقة. على سبيل المثال، بعد عودة الحكومة الكويتية، عقب تحريرها من قبل الولايات المتحدة وتحالفها، بدأت عملية تطهير ممنهج للفلسطينيين في البلاد، من خلال العنف والضغط الاقتصادي، وانخفض عدد الفلسطينيين في الكويت من 400 ألف قبل الغزو العراقي إلى 25 ألف فلسطيني".

ولا يمكن أن يأتي "اللمز" الأمريكي السابق، بمعزل عن اللقاء العاصف الذي جرى بين مستشار الرئيس الأميركي وصهره وعراب صفقة القرن، "جاريد كوشنر"، وبين سفير الكويت في واشنطن، "سالم عبدالله الجابر الصباح"، بعام 2018، حيث عبر الأول عن انزعاجه من موقف الكويت في مجلس الأمن بشأن التطورات الأخيرة في فلسطين.

ووفقا لما نقلته صحيفة "الرأي" الكويتية، عن مصدر دبلوماسي أمريكي، فإن "كوشنر" عقد لقاء "قصيرا جدا" مع السفير الكويتي، عاتبه فيه على الموقف بلاده في مجلس الأمن، وقال إن هذا الموقف "أحرجه شخصيا أمام مسؤولي الإدارة الأمريكية، وأمام دول صديقة لأمريكا".

وخلال اللقاء، كشف "كوشنر" أنه كان يعمل مع السعودية ومصر على إنجاز بيان مشترك عربي أمريكي يتعلق بالأوضاع في غزة، مضيفا إنه "لم يكن يعلم أن الكويت خارج الإجماع العربي، مع أنها تدعي أنها تمثل الكتلة العربية في مجلس الأمن".

وذكر "كوشنر": "أنتم (الكويتيين) بهذا الفعل دفعتمونا إلى تأجيل هذا الموقف المشترك، حتى تتضح لنا الرؤية"، مضيفا إنه شخصيا كان "وراء إقناع دول كثيرة بإبقاء الكويت وسيطا في الأزمة الخليجية، رغم أن كثيرين أرادوا أن نصنفها كطرف".

ونوه أن "أمريكا تدافع عن الكويت في وجه من يحاولون تضخيم مساهمة جمعيات فيها أو أشخاص في دعم الإرهاب"، بحسب الصحيفة.

ووجه صهر الرئيس الأمريكي اللوم للسفير الكويتي على ما اعتبره دعما من الكويت لحركة المقاومة الإسلامية (حماس).

وقال صهر الرئيس الأمريكي إن "الدول العربية الكبيرة لم تظهر الموقف الذي أظهرتموه، وكانوا يعملون معنا بهدوء لتسيير عملنا لا لعرقلته".

وخرج "كوشنر" من اللقاء بعد خمس دقائق، وقال للسفير "سأتركك مع جماعتي (my guys)، حتى تقوموا باحتواء الأضرار (damage control)".

  • توازنات داخلية وخارجية

بالعودة إلى مؤتمر المنامة، فقد جاء الرفض الكويتي للحضور، في أعقاب مطالبات عدد من القوى والتيارات السياسية الكويتية، حكومة بلادها، بمقاطعة المؤتمر، الذي اعتبرته بمثابة تسويق للتطبيع مع دولة الاحتلال، والترويج لـ"صفقة القرن".

وقالت القوى السياسية الكويتية، في بيان بشهر يونيو/ حزيران الماضي، إن السلطة الفلسطينية والفصائل أعلنت رفضها التام والقاطع للضلوع فيها، "لذا فإننا نربأ بالكويت ـ والتي كانت حاضنة للعمل الفلسطيني المقاوم منذ بداياتهـ أن تكون لها مشاركة في هكذا مؤامرة".

وتابعت: "حري بالحكومة الكويتية أن تقطع طريق التكهنات والشائعات والشبهات، تماشيا مع موقف الكويت الوطني والقومي والإسلامي تاريخيا، على المستويين الرسمي والشعب".

وبعد ذلك، لم تكتف الكويت بمقاطعة الورشة الاقتصادية بالبحرين، بل أصدرت قرارا في شهر أكتوبر الماضي بتعيين "عزيز الديحاني " سفيرًا لها غير مقيم لدى فلسطين، وذلك للمرة الأولى.

ويري مراقبون أن الضغوط المحلية الرافضة للصفقة، والخارجية من أمريكا ودول خليجية أخرى للقبول بالصفقة، والتوازنات التي يحاول قادة الكويت تنفيذها، ربما يفسر التردد في إعلان الدولة الخليجية موقفها الصريح من الخطة الأمريكية، والتي تنطوى على إهدار لحقوق الفلسطينيين التاريخية، التي تنص عليها المواثيق الدولية.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

صفقة القرن «صفقة القرن» الأردن القضية الفلسطنية صفقة القرن رفض صفقة القرن صفقة القرن. سلمان دعم «صفقة القرن» مؤامرة «صفقة القرن»

الغانم: لا تسوية دون دولة فلسطينية حرة وكاملة السيادة

مجلس الأمة الكويتي يرفض صفقة القرن: ندعم رباط الفلسطينيين