صادرات الأسلحة.. كيف تساعد أنقرة في بسط نفوذها الإقليمي؟

الجمعة 31 يناير 2020 09:07 م

شهد العام الماضي (2019) ارتفاعا كبيرا في حجم سوق الأسلحة العالمي، لتبلغ إجمالي قيمته 92 مليار دولار، مسجلا بذلك أعلى مستوى منذ سنوات، وفقا لما نشره مركز تحليل التجارة العالمية للأسلحة "CAWAT".

وبحسب تصنيف المركز، فقد حافظت الولايات المتحدة على موقعها كأكبر مصدر للأسلحة بمبيعات بلغت 38.775 مليار دولار، وهو ما يشكل 42.12% من سوق الأسلحة العالمية.

بالمثل، حافظت روسيا على مركزها كثاني أكبر مصدر للأسلحة والمعدات العسكرية، بصادرات بلغت 14.144 مليار دولار وبنسبة 15.4% من الإمدادات العالمية، وفي حين حلت الصين في المركز الخامس عالميا من حيث حجم الصادرات، لكنها تفوقت على روسيا من حيث حجم الإنتاج وتقدمت إلى المركز الثاني لأول مرة، وفق تقرير لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام.

في الوقت نفسه، يشير التقرير إلى قفزة كبيرة في قيمة الصادرات الدفاعية التركية، إذ بلغت مليارين و741 مليون دولار في 2019، مسجلة بذلك رقما قياسيا جديدا.

ووفق بيانات مجلس المصدرين الأتراك، فإن صادرات تركيا الدفاعية والجوية، زادت بمقدار 34.6% العام الماضي.

وتعد الولايات المتحدة أكبر المستوردين للسلاح من تركيا بقيمة 748 مليون دولار بزيادة قدرها 16.27%، ثم ألمانيا بقيمة 242.21 مليون دولار بزيادة قدرها 14.42%، وجاءت سلطنة عمان في المركز الثالث، تلتها قطر ثم الإمارات العربية المتحدة، ولاحقا هولندا وبريطانيا والهند وبولندا وفرنسا.

طفرة الدفاع التركية

ووفقا لتقارير غربية، فقد باتت تركيا تزاحم دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) في صناعة وتصدير الطائرات المسيرة، بعدما نجحت طائراتها عام 2018 في تنفيذ غارات موجهة بالأقمار الصناعية، وهي تحلق بمحرك منتج محليا، قبل أن تتطور في العام ذاته لتتمكن من التحليق المتواصل لأكثر من 24 ساعة.

وخلال السنوات العشر الأخيرة، نمت صناعة هذا النوع من الطائرات، بشقيه الاستكشافي "IHA" والمسلح "SIHA"، لتحتل تركيا موقعا بين أول أربع دول بالعالم في هذا المجال.

وبحسب التقارير الرسمية التركية، تقدم الطائرات بدون طيار التركية بديلا عن نظيرتها القادمة من الولايات المتحدة و(إسرائيل) لدول المنطقة العربية والإسلامية.

وتتربع طائرات "بيرقدار" المسيرة على قمة هرم الصناعات العسكرية التركية، وقد استخدمتها أنقرة في المعارك التي خاضها الجيش التركي حديثا على الحدود السورية ضد المسلحين الأكراد، وفي دعم حكومة الوفاق الليبية المعترف بها دوليا، ضد غزوات قوات الجنرال "خليفة حفتر"، المدعوم من القاهرة وأبوظبي.

ومنذ نهاية العام 2017، ارتفع عدد طائرات "بيرقدار تي بي 2" من 38 إلى 94 طائرة تخدم في مختلف الأجهزة الأمنية التركية، ما ساهم في القفز بقيمة صادرات الدفاع التركية من مليارين و35 مليونا و956 ألف دولار في 2018، إلى مليارين و740 مليونا و988 ألف دولار في 2019، ما وضع أنقرة في المرتبة الـ14 بين العواصم الأكثر تصديرا للأسلحة في العالم.

وعلى رأس مؤسسات تصدير المنتجات الدفاعية في تركيا، تأتي شركة "أسيلسان" والشركة التركية لصناعات الفضاء (تاي) ، اللتان أدرجهما تقريرٌ سابق لمعهد ستوكهولم من بين أفضل 100 شركة في سوق الأسلحة والدفاع العالمي، إلى جانب شركة "هافيلسان" للدفاعات الجوّية والبرمجيات، وشركة "روكيتسان" لإنتاج منظومات القذائف والصواريخ الحربية.

وينوه الباحث في الشؤون الاستراتيجية "نوزت تشاغيليان" إلى أن هذا التقدم التركي الكبير يعود إلى تلبية نحو 65% من احتياجات أنقرة القتالية عبر الإنتاج المحلي، من خلال منح الأولوية للشركات التركية في تقديم أنظمة وبرامج التسليح والقتال الأساسية للجيش، وفقا لما نقله موقع "الجزيرة نت".

فمنذ وصول الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" إلى سدّة الحكم، جعل من تنمية صناعة الدفاع هدفا طويل الأجل، وفي ظل متابعة مباشرة من الرئاسة، أصبح حوالي 70% من احتياجات تركيا من الأسلحة يلبى محليا، مقارنة بنسبة 20% عندما صعد "أردوغان" إلى السلطة في عام 2003.

وتفيد التقارير التركية بأن قطاع الصناعات الدفاعية يتطلع لزيادة حجم مبيعاته إلى 26.9 مليار دولار، وصادراته إلى 10.2 مليارات دولار، وعدد موظفيه إلى 79 ألفا و300 موظف، كما يهدف لزيادة معدل الإنتاج المحلي إلى 75% من احتياجات الأسلحة التركية بحلول عام 2023.

تعزيز النفوذ

ورغم ذلك، تدرك تركيا أنها لا تستطيع مناطحة أمريكا وروسيا اللتين تهيمنان على سوق تصدير الأسلحة عالميا، ولديهما التكنولوجيا اللازمة لصنع الطائرات المقاتلة وأنظمة الصواريخ التي لا تستطيع تركيا تصنيعها في الوقت الراهن، ولذا قررت أنقرة تركيز المنافسة مع الفئة الثانية من مصدري الأسلحة؛ التي تضم الصين وبريطانيا وألمانيا وفرنسا، وبات تزاحم هذه الدول في تصدير السلاح لدول الشرق الأوسط.

فمن بين 13 دولة أعلنت تركيا عن تسليمها عربات مصفحة منذ عام 2010، توجد بينها 11 دولة إسلامية على رأسها تونس وتركمانستان وباكستان وقطر وأوزبكستان.

وكانت تونس أول دولة تستورد مدرعة "التنين يالتشين" التركية متعددة الاستخدامات، والتي أنتجتها شركة "نورول" التركية في سبتمبر/أيلول 2017، بعدما اجتازت اختبارات قاسية لمدة أسبوعين في الصحراء التونسية، متخطية مدرعات منافسة من دول أخرى مثل فرنسا.

كما اتفقت تركيا وأوزبكستان على بدء تنفيذ اتفاق عسكري لإنتاج ألف مدرعة من النوع نفسه بالتعاون بين شركة "نورول ماكينا" التركية و"أوز أوتو" الأوزبكية، في مصنع تابع للشركة التركية على الأراضي الأوزبكية، وهو ما يسهم في انفتاح الصناعات الدفاعية التركية على الأسواق الآسيوية.

وتُستخدَم مدرعة "التنين يالتشين" في مراقبة الحدود وعمليات الاستطلاع ونقل وإطلاق الصواريخ التكتيكية والكشف عن الإشعاعات الكيميائية والبيولوجية والنووية، ورصد وتدمير الألغام والعبوات الناسفة.

كما تستخدم المدرعة التركية كعربة قيادة وتحكم، ودفاع جوي، وآلية قتالية، وعربة نقل جنود، وسيارة إسعاف مدرعة، كما توفِّر حماية عالية ضد التهديدات الباليستية، وانفجارات الألغام والعبوات الناسفة.

وفي الإطار ذاته، اشترى الجيش الماليزي من تركيا 257 مدرعة من طراز "AV8"، مصممة وفق نموذج ثماني الدفع، واتفق الجيش العماني على شراء 172 مدرعة من طراز "بارس 3" التركية، التي تأتي من نظام دفع سداسي أو ثماني.

ويضمن هذا الجسر الممتد لتركيا مع جوارها الإسلامي وجهات أكثر أمنا لصادراتها، وأقل تأثرا بالتوترات التي تهيمن حاليا على علاقات أنقرة مع أوروبا والولايات المتحدة.

ولذا يؤكد الباحث التركي في الشؤون الإستراتيجية "محيي الدين أتمان"، أن أنقرة تدخل العام 2020 كقوة إقليمية وفاعل دولي ليس فقط عبر استخدام القوة الناعمة، بل من خلال تصدير القوة الصلبة أيضا، وفق لما نقله "الجزيرة نت".

وحسنت الكفاءة التي أظهرتها الأسلحة التركية من فرص تنامي حصتها بالسوق العالمية، وهو ما كشفت نجاحه العمليات في سوريا وليبيا تحديدا.

ومن أبرز شواهد هذه الكفاءة، ما نشرته وكالة "رويترز" في 28 يناير/كانون الثاني بشأن اعتماد قوات حكومة الوفاق الليبية على صاروخ تركي موجه بالليزر في إسقاط طائرة استطلاع إماراتية صينية الصنع، قرب مدينة مصراتة غربي البلاد.

ومع حضور الأسلحة التركية في العديد من ميادين الصراع الإقليمية، مع ما أظهرته من كفاءة استراتيجية وتكتيكية، يبدو أن صادرات الأسلحة سوف تكون رأس الحربة لتركيا في خطتها لتعزيز نفوذها الإقليمي خلال السنوات المقبلة.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الصادرات التركية معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام حلف شمال الأطلسي بيرقدار خليفة حفتر

%34.6 زيادة في الصادرات التركية الدفاعية والجوية 2019

الصناعات الدفاعية التركية تسعى لتولي مشاريع بالكويت

الصناعات الدفاعية التركية تحقق رقما قياسيا بطلبات الشراء