100 يوم في قصر قرطاج.. هل يتجه سعيد للوفاء بوعوده؟

الجمعة 31 يناير 2020 05:09 م

بعد 100 يوم على وصول أستاذ القانون الدستوري "قيس سعيد"، إلى كرسي قصر قرطاج، الذي تولاه رسميا في 23 أكتوبر/تشرين الأول 2019، سعى محللون وسياسيون تونسيون إلى تقييم الأيام الأولى للرئيس التونسي وسياساته، وما إذا كان على طريق الوفاء بوعوده.

الأستاذ أوصله إلى سدة الحكم نحو 3 ملايين ناخب، عقدوا عليه كل آمالهم، عله يكون عند حسن ظنهم، ويحدث "التغيير" المنتظر.

مسؤولية ليست بالهينة أمامه، رغم الصلاحيات المحدودة التي منحه إياها الدستور، فكيف ينظر إلى هذه الفترة من حكم "سعيد"؟.

واعتبر المحلل السياسي "كمال الشارني" أن "سعيد وفى بوعده من حيث المبدأ، وقدم انطباعا إيجابيا، خاصة أنه كان وعد في المناظرة المتلفزة قبيل الانتخابات، بإجراء حوار بعد مرور 100 يوم من توليه منصب الرئاسة، وفي ذلك احترام لناخبيه"، بحسب "الأناضول".

من جانبه، قال المحلل السياسي "بولبابة سالم"، إن "الـ 100 يوم تعد فترة سماحة كما تسمى في عديد من ديمقراطيات العالم، وهي التي تفسح المجال لأي مسؤول جديد حتى يتعرف على دواليب الدولة ويجري تقييما موضوعيا".

حكومة لم تولد بعد

واستدرك "الشارني" بالقول إن سعيد بدأ "رئاسة متعثرة، أولا لتزامنها مع انتخابات تشريعية، وفي نفس الوقت عدم القدرة وإلى غاية اليوم على تشكيل الحكومة".

وأضاف أنه "لا يمكن للرئيس ممارسة صلاحياته إلا في حالة وجود حكومة، فليس أمامه طرف مقابل، وحكومة يتعامل وينسق معها على المدى البعيد، وبالتالي هناك ارتباك دستوري".

خلل في الاتصال

وتابع "الشارني" أن "الجانب السلبي أيضا، هو عدم قدرة سعيد، على التخلص من شخصيته وطريقة اتصاله الانطوائية، إذ بدأنا ننتظر تسريبات حتى نفهم ما يحصل في الرئاسة".

ورأى أنه "فشل على مستوى الاتصال، وأنه اتصال غير صناعي وغير مهني وغير مجدٍ".

وعن طريقة التواصل التي يتوخاها "سعيد"، سواء مع الصحفيين أو مع الشعب عموما، قال "الشارني" إنها "يفترض أن تكون أكثر وضوحا".

ولفت إلى أن "سعيد لم يحسن طريقة اختيار مساعديه، بل كان عليه إعداد فريق كامل من الخبراء والمستشارين في شتى المجالات حتى لا يخطئ، ويكون ملما بكل المسائل".

من جهته، اعتبر "سالم" أن "الأداء الاتصالي يتسم بضعف كبير، إذ كان من المفترض أن يعين سعيد شخصيات ذات خبرة وقدرة كبيرة في مجال التواصل".

وقال إن "المطلوب منه أن يكون عمليا أكثر، وأن يشكل فريقا متجانسا يعتمد أكثر على العنصر الشبابي، وينسجم مع الخيارات الاقتصادية والاجتماعية، ويساهم من موقعه في تشكيل الحكومة".

ملفات خارجية

وانتقد "الشارني" تأخر الرئاسة في إصدار المواقف وردود الفعل إزاء القضايا الخارجية، قائلا: "نعول على سعيد، حتى يتحرك باتجاه ارتداء شخصية الرئاسة، والإسراع في إصدار ردود فعل".

فيما قال "سالم" إن "سعيد، وجد نفسه أمام آلة سياسة خارجية في ظل عدم وجود وزير خارجية بعد يتم التنسيق معه".

وأضاف: "رغم ذلك وجدنا تفاعلا مع الوضع الليبي، إذ استقبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، كما التقى مجلس القبائل (الليبي)، وكان هناك تنسيق مع الشقيقة الجزائر، التي سيزورها الأحد كما وعد في نفس الإطار".

الشباب والثورة

وفي علاقته بجرحى الثورة، اعتبر "الشارني" أن "ظهور سعيد، كان من منطلق أخلاقي فلكوري، وأنه اعتمد في ذلك سياسة الحضن الدافئ.. واكتفى بزيارات أجراها لعائلات الجرحى، أو استقبال بعضهم، دون أن يتحقق لهم أي شيء على أرض الواقع".

وتابع: "كان بإمكانه أن يقوم بدعوى قضائية للمطالبة بالإسراع بنشر القائمة الرسمية لجرحى وشهداء الثورة".

وبحسب "الشارني" فإنه "من الصعب إحداث تغيير كبير".

وأضاف في هذا الصدد: "نحن في حالة حيرة، لدينا تحديات في كافة الجهات، ونتمنى أن يوضح سعيد الحقيقة، خاصة في مستوى تشكيل الحكومة".

وطالب "الشارني" بالتوضيح في "صورة فشل حكومة (رئيس الوزراء المكلف إلياس) الفخفاخ، في الحصول على ثقة البرلمان، ومعرفة الخطوات التي قد تلي ذلك.. وكل الشعب في انتظار إجابات شافية".

وذكر "سالم" أن "من الجوانب السلبية هو حديثه المطول عن الشباب ومشاغلهم، وفي المقابل لا تعكس تعييناته ذلك، إذ كانت أغلبها وجوها أكاديمية قديمة، وكان بإمكانه تعيين بعض الشباب ممن عمل معه في الحملة مثلا".

وشدد على أن "التونسيين ينتظرون منه وضوحا أكثر.. وحلحلة للعديد من المسائل الاقتصادية والاجتماعية العالقة".

ولفت إلى "ضرورة أن يستعمل الرئيس تأثيره الأدبي مع الأحزاب التي دعمته، للإسراع في تشكيل الحكومة".

مسائل مجتمعية في الأولوية

وأوضح "سالم" أن "انتقادات وجهت إلى سعيد، منذ اليوم الأول لتوليه المنصب، وهذا نابع من أن منتقديه لم يرغبوا في وصوله إلى الحكم؛ لأنه لا يمثل مراكز النفوذ، وبالتالي ليس وراءه ماكنات إعلامية كبيره مثل غيره" على حد قوله.

وتابع أن "سعيد، حرص على إيجاد انسجام مع خطاب قدمه في الحملة الانتخابية، بالتركيز على مسائل الشباب والتفاعل معهم، كما أنه كان منسجما في مواقفه مع القضية الفلسطينية".

وفيما يتعلق بالمسائل الاجتماعية والاقتصادية والأمنية، بين "سالم" أنه "لما انتشرت ظاهرة السطو على المواطنين، فإنه استقبل وزير الداخلية مرتين، ولاحظنا تحسنا في الأداء الأمني".

وأضاف أن "الوضع الصحي أيضا كان محل اهتمام الرئيس سعيد، فهناك متابعة لهذا الشأن، وكلنا يعلم أنه يشتغل في ظل عدم وجود حكومة جديدة، وبالتالي فإنه وجد نفسه أمام كم من المشاكل المتراكمة داخليا وخارجيا".

واعتبر سالم أن "سعيد، أعطى رسالة قوية للشعب، وأراد تشكيل حكومة مع الأحزاب المصطفة حول الثورة: هناك معركة يخوضها صد النظام البرلماني".

ومنتصف أكتوبر/ تشرين الأول 2019، فاز سعيد برئاسة الجمهورية بحصوله على 72.71% من أصوات الناخبين، بعدما منحه 2.7 مليون ناخب أصواتهم، في حين حقق منافسه "نبيل القروي" (رئيس حزب "قلب تونس") 1.04 مليون صوت، أي بنسبة 27.29%.

المصدر | الأناضول

  كلمات مفتاحية

قيس سعيد الرئيس التونسي

داعمون لحملة قيس سعيد يسعون لتأسيس حزب تونسي جديد