ناشيونال إنترست: مستقبل الصراع الإيراني الإسرائيلي في سوريا

الأحد 2 فبراير 2020 09:16 م

زادت فرص التصعيد العسكري بين (إسرائيل) وإيران بشكل كبير في الأشهر الأخيرة، فقد ضربت (إسرائيل) أهدافا إيرانية في سوريا والعراق، وانتقمت إيران.

في هذه الأثناء، لم تفعل روسيا سوى القليل لتخفيض التواجد الإيراني في سوريا إلى الحد الأدنى، في الوقت الذي تحاول فيه تقييد حرية التصرف الإسرائيلية.

إذا استمرت هذه الديناميات في التطور، فسوف يزيد احتمال المواجهة بين (إسرائيل) (مدعومة من الولايات المتحدة ربما) وإيران ووكلائها؛ "حزب الله"، قوات النظام السوري، وربما حتى القوات الروسية.

قد تزداد هذه الفرص في أعقاب الاغتيال الأمريكي لقائد فيلق القدس الإيراني "قاسم سليماني"، وهذا يخلق احتمال تصعيد غير مقصود، مثل التصعيد الذي سبق أن مرت به (إسرائيل) في الماضي.

روسيا لديها حدود

ومع ذلك، فإن إيران وسوريا وروسيا يتصرفون بعقلانية، ويتجنبون المخاطر غير الضرورية، كما يعرفون كيفية التمييز بين المصالح الحيوية والمصالح الخاصة، ولديهم حساسية نحو جميع أشكال أدوات القوة الأمريكية والإسرائيلية.

يمكن ردعهم عن الرد على الإجراءات الإسرائيلية والأمريكية المتعلقة بسوريا، وربما حتى من استخدام سوريا للرد على مقتل "سليماني"، ومع ذلك، فإن تخفيض وجودهم وتأثيرهم في سوريا قد يكون أكثر صعوبة.

حذرت روسيا (إسرائيل) من القيام بضربات جوية في سوريا ونقلت صواريخ أرض جو متطورة إلى السوريين لتعزيز تهديداتها، كما نشرت روسيا حتى أنظمة الدفاع الجوي المتقدمة الخاصة بها في سوريا.

لكن ربما تدرك روسيا أن استهداف طائرة إسرائيلية - ناهيك عن طائرة أمريكية - قد يكون له عواقب وخيمة، فقد يضعف التصعيد العسكري في النهاية حلفاء روسيا الإقليميين، ما يهدد طموحها الأساسي للمنافسة مع الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وترجمة نجاحاتها العسكرية إلى نجاحات سياسية واقتصادية.

يمكن للأفضلية الأمريكية والعقوبات أن تجعل موسكو تدرك هذه النقطة، وعلى الرغم من أن الروس قد أصبحوا عدوانيين وأكثر جرأة، لكنهم ليسوا مُطلَقي القدرة.

يجب على الولايات المتحدة اعتبار الشرق الأوسط جانبًا آخر - وإن كان بسيطًا - من منافسة القوى العظمى مع روسيا، ومن خلال القيام بذلك، يمكن ردع الروس.

القيادة الإيرانية حذرة

كان النظام السوري أيضًا تحت تأثير الردع الإسرائيلي والغربي لسنوات، حاولت الدفاعات الجوية السورية عدة مرات إسقاط الطائرات الإسرائيلية، وحتى أنها نجحت مرة واحدة.

لكنهم يفهمون أيضًا هشاشة سيادتهم، ويعلمون أنها يمكن أن تتعرض للخطر بسبب النزاع العسكري مع (إسرائيل)، ناهيك عن الولايات المتحدة، وهم يفهمون تمامًا دونيتهم العسكرية، لقد تم ردعهم بالفعل ويمكن جعلهم أكثر ترددًا في الدخول في تصعيد عسكري.

في المقابل، أصبحت إيران ووكيلها "حزب الله"، أكثر جرأة وقد يبدو أنهم لم يستجيبوا للردع. ففي سبتمبر/أيلول 2019، نفذ "حزب الله" هجومًا نادرًا على مركبة تابعة للجيش الإسرائيلي، كما أسقط الإيرانيون طائرة أمريكية مسيرة، وقاموا بضربة صاروخية موجهة ضد منشآت النفط في السعودية، وألحقوا أضرارًا بالناقلات الغربية، كما وجهوا هجمات على المنشآت الأمريكية والأفراد في العراق، وقاموا بالرد على الضربات الإسرائيلية في سوريا.

ربما استنتجوا خطأ أنهم ردعوا الولايات المتحدة، وبالتالي فوجئوا باستهداف "سليماني".

لكن إيران و"حزب الله" يتجنبان المخاطر غير الضرورية، فقد نفذت (إسرائيل) العديد من الضربات في سوريا في السنوات الأخيرة، ما ألحق أضرارًا بمنشآت وأسلحة إيران و"حزب الله"، ما أدى في بعض الأحيان إلى قتل أفرادهم، وفي معظم الحالات لم يكن هناك رد عسكري.

فشلت معظم المحاولات القليلة للرد أو تم إحباطها، وفيما يتعلق بسوريا، فقد تم ردعهم بالفعل، بالعقاب والنبذ، ويمكن تعزيز هذا النوع من الضغط أكثر.

وتعتبر القيادة في طهران عقلانية وحذرة، حتى عندما تنتهك الاتفاقية النووية، وإيران ليست مطلقة القوة، فهي تفهم حدود قوتها وتقدر القوة الصلبة الأمريكية والإسرائيلية.

تعزيز الردع

إن شن حرب كبرى مع (إسرائيل) في سوريا، أو القيام باستفزاز يطلق العنان للقوات الأمريكية، قد يعرض ضرورات الأمن القومي الإيراني للخطر، بما في ذلك الحفاظ على القدرات النووية وإنعاش الاقتصاد.

صحيح أن ضرورة الانتقام لمقتل "سليماني" واستعادة الردع - على الأقل تجاه الولايات المتحدة - أصبحت الآن عاملاً رئيسياً في صنع القرار الإيراني، ولكن حتى هذا الاعتبار من المحتمل أن يتأثر بالتفكير في تكلفة القيام بذلك، خاصة أن المشاكل الداخلية التي تواجهها إيران و"حزب الله" منذ مقتل "سليماني"، لم تختف.

يتصرف الإيرانيون والسوريون و"حزب الله" والروس بعقلانية وبرجماتية وعناية. حتى إذا كان النظام الإيراني ثوريًا وكانت روسيا تعتبر استبدادية، لكن لديهم إدارة مخاطر محترفة وصنعًا منظمًا للقرار.

صحيح أن الوجود الإيراني والشيعي في سوريا أمر مهم بالنسبة إليهم ولكنه ليس بالضرورة من ضروريات الأمن القومي، يمكن ردعهم عن الدخول في مواجهة عسكرية مع (إسرائيل)، والتي من المحتمل أن تستمر في الدفاع عن مصالحها (وحتى المصالح الأمريكية) المتعلقة بسوريا.

قد يكون التصعيد غير المقصود في سوريا أمرًا محتملاً لكنه ليس أمرًا مفروغًا منه مسبقًا، بل يمكن تجنبه من خلال ردع أمريكي وإسرائيلي قوي.

ولهذا؛ ففي أعقاب اغتيال "سليماني" والبحث الإيراني عن فرص للانتقام، ينبغي تعزيز حملة الردع هذه، ويفضل أن يكون ذلك بتنسيق أمريكي إسرائيلي.

المصدر | إتاي شابيرا | ناشيونال إنترست - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مقتل سليماني الحرب في سوريا العلاقات الإيرانية الإسرائيلية

دبلوماسي إسرائيلي يلمح لاغتيال نصرالله على غرار سليماني

وزير الجيش الإسرائيلي: سنخرج إيران من سوريا خلال أشهر