استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

«صفقة القرن» لم تكشف كل شيء.. هناك المزيد

الأربعاء 5 فبراير 2020 04:53 م

«صفقة القرن» لم تكشف كل شيء.. هناك المزيد

الرد الحقيقي يرفضه عباس: "الانتفاضة الشاملة" رد سيأتي وسيفشل الصفقة كما أفشل سابقتها بعد أوسلو وغزو العراق.

ترويج صفقة ترامب باعتبارها مقدمة للمفاوضات ضرب من بيع الأوهام لأن الحقيقة أن التطبيق دائماً أسوأ بكثير من النصوص.

هل نشهد عمليات ترحيل طوعي من الضفة للأردن ليجري تفريغ الضفة من السكان بالتدريج لا سيما أن الأوضاع الجديدة لن تسمح بعيش كريم.

*     *     *

صحيح أن «صفقة القرن» تُعد مرحلة استثنائية في مسيرة الاستدراج التي انتهجها الصهاينة منذ بدء الصراع بوعد بلفور ثم «مشروع التقسيم»، الذي منح الفلسطينيين 45% من مساحة فلسطين التاريخية، مروراً بالاحتلال الأول «سرق 78%»، ثم الثاني الذي سرق ما تبقى، وصولاً إلى اتفاق أوسلو وما بعده أو ترتب عليه.

غير أن من العبث الاعتقاد أن الصفقة تمثل نهاية الأحلام الصهيونية، رغم مجيئها في ظل رئيس أميركي طاعن في الصهينة، ووضع عربي رسمي غير مسبوق في البؤس والانبطاح، بجانب قيادة فلسطينية عاجزة تم استدراجها نحو مسار يصعب الفكاك منه.

نقول ذلك من منطلق التجربة، وفي مقدمتها مفاوضات تواصلت لأكثر من عقدين ونصف، منذ توقيع اتفاق أوسلو 1993، وحتى نهاية مفاوضات عباس مع أولمرت 2006-2008.

للتذكير فقط، يقرّ الصهاينة بأن عامي مفاوضات عباس مع أولمرت، ورغم تصنيف الأخير بوصفه «معتدلاً»، فإنها كانت الأكثر شراسة في الاستيطان والتهويد، وهو ما تصاعد أيضاً بعد ذلك في ظل توقف المفاوضات خلال مرحلة نتنياهو.

من هنا يمكن القول، إن محاولة ترويج صفقة ترمب بالقول إنها مقدمة للمفاوضات، هو ضرب من بيع الأوهام، لأن الحقيقة أن التطبيق دائماً ما يكون أسوأ بكثير من النصوص.

ففي حين جاءت الصفقة لكي تشرّع الوقائع التي تمت صناعتها على الأرض في السابق، فإن المفاوضات الجديدة، والتي ستستمر لسنوات، ستشهد تواصل الاستيطان والتهويد، وستتم شرعنة ذلك أيضاً في وقت لاحق.

ما لا ينتبه إليه كثيرون هو أن الصفقة لا تعترف للفلسطينيين بما تبقى من أراضي الضفة الغربية التي لم تدخل في السياق الصهيوني المباشر، وإنما اعتبرتها برسم التفاوض، أو أنها أراضٍ متنازع عليها وفق التعبير الشهير، أي أن ما نصّت عليه وثيقة ترامب بأنه صهيوني سيكون كذلك، أما الجزء الآخر فهو برسم التفاوض!!

دعك هنا من جانب بالغ الأهمية يتعلق بالشروط التي وضعها الصهاينة لكي يحصل الفلسطينيون على ما يمكن الحصول عليه بحسب صفقة ترامب، ومنها الاعتراف بيهودية «إسرائيل»، والذي يبشّر بالتخلص من فلسطينيي عام 1948، أكان بالترحيل، أم من خلال تبادل في الأرض!

فقد «نصّت الصفقة صراحة على التخلص من عرب المثلث»، ومنها أيضاً ما يتعلق بنزع سلاح «حماس» في قطاع غزة، والنتيجة أننا نتحدث عن زمن طويل ستتغير فيه الوقائع، وسيأتي لاحقاً من يطالب بتثبيتها في المفاوضات، تماماً كما فعل ترمب مع الوقائع السابقة.

في الأثناء، سيكون فتح باب التفاوض قد فتح أبواب التطبيع مع الدول العربية، بجانب مشاريع اقتصادية تطبيعية، تحيل الصراع إلى مجرد نزاع لا أكثر، وقد نشهد عمليات ترحيل طوعي من الضفة إلى الأردن بطرق عديدة، بحيث يجري تفريغ الضفة من السكان بالتدريج.

لا سيما أن الأوضاع الجديدة لن تسمح بعيش كريم، وسنكون إزاء تطبيق لمشروع «الوطن البديل»، وأقله التوطين، بجانب تصفية القضية الفلسطينية التي ستُنسى وسط موجة من اختراق الكيان للوضع السياسي العربي، وسط تشرذم غير مسبوق بين محاوره، بجانب تناقضات الإقليم المعروفة.

أما وعود الرخاء التي يتم الحديث عنها «أكثرها لن يتحقق»، فلن يدفع الصهاينة منها شيئاً، بل سيطالبون بحصتهم منها، لا سيما أنهم يقولون إن قيمة أملاك اليهود في الدول العربية «يطالبون بها طبعاً»، أعلى بكثير من تعويضات اللاجئين الفلسطينيين. الخلاصة من جديد، هي أن ما ستسفر عنه الصفقة لو تمّ تمريرها سيكون أسوأ بكثير من نصوصها، فكيف والنصوص تنطوي على تنازلات مرعبة لا يقبل بها أي أحد، مهما بلغ انبطاحه؟!

أما الرد الحقيقي الذي يرفضه عباس، فتحدثنا عنه مراراً «الانتفاضة الشاملة»، وهو رد لا بد سيأتي وسيفشل هذه الصفقة، كما أفشل سابقتها بعد أوسلو، وبعد غزو العراق.

* ياسر الزعاترة كاتب صحفي أردني/فلسطيني.

المصدر | العرب القطرية

  كلمات مفتاحية