استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

دفاعًا عن السودانيين ... وثورتهم

الجمعة 7 فبراير 2020 03:47 م

دفاعًا عن السودانيين ... وثورتهم

من الظلم أن يواصلوا إطلاق النار ضد الضحية، بدلا من التهديف على العدو الحقيقي.

قارف البرهان شيئاً فريّا ولم يصدر في ذلك عن إرادة الشعب السوداني ولا عن ثورته وانتفاضته.

فعل البرهان وجنرالات الجنجويد ما فعلوا، ليس لمصلحة سودانية عليا ولا لحفظ أمن السودان الشقيق!

يتخذ معسكر «الثورات المضادة» من أي حدث مناسبة للانقضاض على ثورات الربيع العربي لتشويهها وشيطنتها.

حان الوقت لترحيل "الشطر العسكري" من مجلس السيادة الذي امتطى الثورة الشعبية، ليعيد تموضع السودان بـ«صفقة القرن» وتحالفاتها.

*     *     *

أن يتخذ معسكر «الثورات المضادة» من أي حدث، وكل حدث، مناسبة للانقضاض على ثورات الربيع العربي وانتفاضاته، لتشويهها وشيطنتها، فذلك أمرٌ مفهوم تماماً.

فأطراف هذا المعسكر وأركانه، بما لديها من أدوات وامتدادات وعناصر اقتدار، نظرت إلى ثورات العقد الثاني من القرن الحالي، بوصفها تهديداً وجودياً لأنظمة الفساد والاستبداد والركود، وهي أعلنت الحرب، جهاراً نهاراً على هذه الثورات.

ووظفت كل ما بحوزتها من وسائل ووسائط، مالية ودبلوماسية من أجل إجهاضها وإفراغها من مضامينها، حتى أنها لم تتورع عن اعتماد «القوة الخشنة» و»المال الأسود» لتقطيع أوصال هذه الثورات، وتمزيق أواصر حواضنها الاجتماعية.

لكن أن يصب بعض المحسوبين على «معسكرات» الثورة والمقاومة والتغيير والإصلاح في العالم العربي، القمح مجاناً في طاحونة المعسكر المضاد، وأن يواصلوا «تهريجهم» و«رطانتهم السوداء» ضد «الثورات الملونة» و«الانتفاضات المصنّعة»، فذلك أمرٌ لا تفسير له، سوى بواحدٍ من أمرين اثنين:

- الأول علاقة الاستتباع ببعض العواصم الإقليمية والدولية المعروفة «حركياً» باسم «محور المقاومة»،

- الثاني العمى الإيديولوجي الذي يحجب الرؤية ويضعف البصر ويعطل البصيرة.

مناسبة هذه المداخلة، التي تبدو للوهلة الأولى، من  دون مناسبة، الهجوم الذي تتعرض له اليوم الانتفاضة الشعبية الاجتماعية السودانية، على خلفية اللقاء المشبوه بين البرهان ونتنياهو فخرج البعض، وخرجت بعض صحف هذا الفريق، لتنطق بلسان «الشماتة»:

ألم نقل لكم إنها ثورات معلبة ومشبوهة ومصنّعة. في الظاهر، هم يهاجمون «الثورة السودانية» لكن أعينهم في الباطن، متسمرة على الانتفاضتين اللبنانية والعراقية، وقبلها على الانتفاضة السورية، قبل أن تتحول – لأسباب لا مجال للخوض فيها الآن – إلى حرب كونية في سوريا وعليها.

أيها السادة: لقد قارف البرهان شيئاً فريّا. بيد أنه لم يصدر في ذلك عن إرادة الشعب السوداني ولا عن ثورته وانتفاضته، ولم يكن ناطقاً فيما فعل وأتى، باسم قوى الحرية والتغيير وتجمع المهنيين وغيرها من الكتل والمجاميع التي فجّرت غضب الشعب السوداني وقادت واحدة من أنبل ثوراته.

لقد فعل ما فعل، استكمالاً لما بدأه سلفه ومعلمه المخلوع، الذي أحدث استدارة بزاوية 180 درجة في سياساته ومواقفه وتحالفاته، وبدأ مشوار الغزل مع إسرائيل، علّه يتأبد على كرسي الحكم، ويتفادى كرسي العدالة في لاهاي.

لقد فعل البرهان، وجنرالات الجنجويد، ما فعلوا، ليس لمصلحة سودانية عليا، ولا لحفظ أمن السودان الشقيق، كما زعموا مبررين وشارحين. لقد فعلوا ذلك للحصول على الضوء الأخضر للقضاء على مرامي الثورة السودانية قبل انتهاء مشوار الانتقال بالسودان من الحكم الشمولي الديني إلى ضفاف الديمقراطية التعددية.

لقد فعلوا ما فعلوا ليس بتفويض من شعبهم، الذي عبرت غالبية قواه الحية والوطنية والشعبية والإسلامية، عن رفضها لهذه الخطوة المشبوهة وتنديدها بها، بل بتفويض من معسكر «الثورة المضادة» في الإقليم، وهو ذاته المعسكر الذي قاد ودبّر ودعم وموّل مختلف الثورات المضادة في العالم العربي.

لقد عبرت قوى الحرية والتغيير عن موقفها الرافض للقاء عنتيبي، وقال الحزب الشيوعي السوداني إن الوقت قد حان لترحيل «الشطر العسكري» من مجلس السيادة، الذي امتطى صهوة الثورة الشعبية، لينحرف بها عن مراميها، وليعيد تموضع السودان في خانة «صفقة القرن» وتحالفاتها الدولية والإقليمية.

ومن الظلم ألا يرى من يعتبرون أنفسهم في صف العداء لصفقة القرن و«الشيطانين الأكبر والأصغر»، وبعض قوى اليسار والقوميين، هذه الحقائق. من الظلم أن يواصلوا إطلاق النار ضد الضحية، بدلا من التهديف على العدو الحقيقي.

* عريب الرنتاوي كاتب صحفي أردني

المصدر | الدستور الأردنية

  كلمات مفتاحية