ماذا وراء انتقادات روسيا للغارات الجوية الإسرائيلية في سوريا؟

الأحد 9 فبراير 2020 01:56 م

قالت روسيا، خلال عطلة نهاية الأسبوع، إن الغارات الجوية الإسرائيلية على دمشق عرّضت طائرة مدنية لخطر جسيم وأجبرتها على التحول إلى قاعدة حميميم الروسية.

ويبدو أنها رسالة من موسكو، لكن ما هي الرسالة وما هو سياقها؟

قامت السفارة الروسية في (إسرائيل) بالتغريد حول الحادث الأخير، ووضعت رابطا لمقال في موقع "روسيا اليوم" حول الأمر، تقول في التغريدة إن (إسرائيل) وضعت طائرة مدنية في "خطر جسيم".

وتقف وزارة الدفاع الروسية وراء التقييم المبدئي، لكن وزارة خارجيتها كتبت تغريدة أخرى تقول إن طائرة "إيرباص A320" من طهران اضطرت إلى الهبوط اضطراريا بعد هجوم صاروخي إسرائيلي. وكانت رسالة روسيا الأكثر خطورة إلى وسائل الإعلام هو سعيها للقول إن (إسرائيل) تسترت وراء طائرة مدنية لحماية غاراتها. وذهبت روسيا إلى أبعد من ذلك بادعاء أن هذا شائع.

وربما تحاول روسيا تشبيه الحادث بما جرى مع إيران التي أسقطت طائرة مدنية أوكرانية في 8 يناير/كانون الثاني، بعد الضربات الصاروخية الإيرانية على القوات الأمريكية في العراق.

واستخدمت وسائل الإعلام الروسية مصطلح "تبادل إطلاق النار"، الذي كان يستخدم أيضا كذريعة لتبرير إسقاط إيران للطائرة الأوكرانية. والتقطت وسائل الإعلام الإيرانية القصة أيضا.

ووصلت ادعاءات روسيا إلى هيئة الإذاعة البريطانية، حيث أكدت في مقالة أن (إسرائيل) "ضربت تقريبا" طائرة مدنية. لكن لا يوجد دليل لتأكيد ذلك.

ولم تشتك شركة طيران "شام وينجز" من تعرضها للضرب، وليس من الواضح سبب توجهها شمالا إلى اللاذقية بدلا من الهبوط في مطار آخر. وقال "إيجور كوناشينكوف"، من وزارة الدفاع الروسية، إن (إسرائيل) "تستغل وجود شركات الطيران المدنية كدرع ضد إطلاق النار السوري المضاد للطائرات"، وقال إنها "استهانت بأرواح مئات المدنيين الأبرياء".

وتعد هذه انتقادات قاسية من روسيا إلى (إسرائيل). ويأتي ذلك في الوقت الذي تعاني فيه موسكو من توترات مع تركيا بسبب القتال في إدلب، وبعد زيارة رئيس الوزراء "بنيامين نتنياهو" لموسكو في أواخر يناير/كانون الثاني، التي جرى خلالها إطلاق سراح "نعمة يساكر"، وهي أمريكية إسرائيلية كانت محتجزة في موسكو.

وصعدت روسيا خطابها بشأن الضربات الإسرائيلية في سوريا في الأعوام الأخيرة. ويأتي هذا بعد أن أصبحت (إسرائيل) تتبنى العلنية بشأن غاراتها على المواقع الإيرانية في سوريا. على سبيل المثال، قال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق، في يناير/كانون الثاني 2019، إن (إسرائيل) لديها ألف هدف إيراني في سوريا. وقال وزير الدفاع الإسرائيلي إن (إسرائيل) ستجعل سوريا "فيتنام" أخرى لإيران.

وكانت روسيا و(إسرائيل) على اتصال وثيق ومتزايد منذ أن تدخلت روسيا لدعم النظام السوري في عام 2015 وأرسلت قواتها الجوية إلى سوريا. وبشكل عام، كانت العمليات الروسية في شمال البلاد، وليس حيث نفذت (إسرائيل) غاراتها الجوية. لكن الخلافات زادت.

وفي سبتمبر/أيلول 2018، أسقط صاروخ سوري تابع لمنظومة "إس-200" الروسية طائرة عسكرية روسية خلال غارة جوية إسرائيلية، مما أدى إلى حدوث أزمة. وأرسلت روسيا منظومة"إس-300" إلى سوريا ردا على ذلك، وعقدت محادثات مع (إسرائيل).

وفي ديسمبر/كانون الأول 2018، وصفت روسيا الضربات الإسرائيلية على سوريا بأنها "استفزازية". وقالت روسيا في ذلك الوقت إن الضربة "عرضت رحلتين مدنيتين للخطر". وفي انتقاد يونيو/حزيران، قال مستشار الأمن القومي الروسي إن الغارات الجوية الإسرائيلية غير مرغوب فيها.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2019، ذهبت روسيا إلى أبعد من ذلك وأصدرت وزارة الخارجية معلومات حول 4 هجمات للجيش الإسرائيلي في الأيام الـ10 السابقة. واعتبرت تسريب هذه المعلومة محاولة لإحراج (إسرائيل). وذكرت الوزارة أن (إسرائيل) شنت حملة قصف بالقرب من البوكمال في سوريا، وأن الطائرات المقاتلة الإسرائيلية عبرت الأجواء العراقية والأردنية.

فهل يكون ادعاء روسيا الأخير حول الطائرة المدنية رسالة أخرى إلى (إسرائيل) بخصوص سوريا؟ أم أنها وسيلة لإظهار دعم موسكو للنظام السوري؟ أو حتى وسيلة لجعل (إسرائيل) تقوم بتعديل استراتيجيتها قليلا؟ في الحقيقة، يفتقر هدف روسيا النهائي للوضوح.

وترغب روسيا أن تظهر أنها قادرة على الكشف عن مزيد من التفاصيل حول تصرفات (إسرائيل)، ومن خلال هذا قد تؤثر على السياسة الإسرائيلية، أو على الأقل تجعل قرارات (إسرائيل) أكثر شفافية. وقد يغذي هذا التوترات بين (إسرائيل) وإيران. لكن عموما، لم تسعى روسيا إلى منع تصرفات (إسرائيل) أو تزويد دمشق بالدفاعات الجوية التي قد تردعها.

وجادل البعض على مر السنين بأن ذلك يرجع إلى أن روسيا وإيران لا يرون سوريا بنفس الطريقة، وأن روسيا لا تمانع في أن تصبح سوريا خالية من الوجود الإيراني. وستكون النظرية أن إضعاف إيران في سوريا يقوي روسيا، لأنه يعني أن النظام السوري سوف يعتمد اعتمادا كليا على موسكو. وأيضا، قد تنظر روسيا إلى إيران على أنها تزعزع استقرار سوريا، لأن إيران تحتفظ بقواتها في سوريا وتهدد (إسرائيل)، وبالتالي تقوض دمشق.

وسعت إيران إلى نقل منظومتها للدفاع الجوي إلى قاعدة "تي-4" في سوريا، ونقل تكنولوجيا الصواريخ الموجهة عبر سوريا لمساعدة "حزب الله". ويعد هذا تهديدا كبيرا. وتتمثل استراتيجية روسيا في سوريا في الحفاظ على النظام والتركيز على موازنة العلاقات مع تركيا.

ويمكن لإيران أن تفسد كل هذا من خلال أفعالها. وتظهر تعليقات موسكو أنها تولي عناية وثيقة لما يحدث بين (إسرائيل) وإيران. ويبدو أن الادعاءات المتعلقة بالطائرة المدنية هي نوع من التحذير.

وفيما يخص تزايد الانتقادات، فإنها قد تمثل محاولة من موسكو لتدشين مرحلة إملاء المواقف في المرحلة المقبلة من الصراع السوري، ومحاولة للتضيق على كافة القوى التي كانت تتمتع بحرية في المجال الجوي السوري.

المصدر | سيث فرانتسمان - جيروزاليم بوست - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

غارات إسرائيلية العلاقات الروسية الإسرائيلية

مقتل 12 عنصرا من الميليشيات الإيرانية بقصف إسرائيلي على دمشق