هل يتصاعد دور الهند في المنطقة بعد صفقة القرن؟

الأحد 9 فبراير 2020 06:25 م

مرة أخرى وقف الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" مع (إسرائيل) وطرح خطة تزيد من تفكك الفلسطينيين وتهدف إلى تقديم الدعم الكامل لـ(إسرائيل) لضم جميع المستوطنات في الضفة الغربية.

وقد فشل إعلان الخطة في أذهان الجماهير التي وصفتها بأنها غير منطقية، ما أدى إلى اندلاع الاحتجاجات في الشرق الأوسط تشير إلى موت الخطة بالفعل عند ولادتها.

والسؤال هو: هل سيجري تطبيق الخطة بالفعل على الأرض وتغير مصير الملايين من الأشخاص المظلومين، وعندها سنكون بالفعل في نهاية الطريق؟ وفي حين أن "ترامب" يصفها بأنها فوز للجانبين، لكنها في الواقع نصر واضح لـ(إسرائيل) وتدل على سيطرتها على فلسطين.

قابلت خطة "ترامب" رفضا من قبل القيادة الفلسطينية خاصة الرئيس "محمود عباس" و"حماس" التي رفضت الصفقة بكلمات قوية، ورفضت الأمم المتحدة الصفقة وحافظت على موقفها السابق من هذه القضية.

وأثار توقيت إعلان الخطة جدلا باعتبار أن "ترامب" يبحث عن فترة ولاية جديدة قريبًا؛ كذلك الحال فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" يواجه المساءلة التي عرضته للإحراج مؤخرًا والكثير من الانتقادات، ولذلك رحب "نتنياهو" بالخطة ووصفها بأنها "فرصة للقرن" (رغم أنه يعني فرصة له) لأنها قد تحقق له أرباحًا كبيرة وتستعيد صورته الملوثة بعد توجيه اتهامات فساد إليه رسمياً.

تحتاج القضية إلى حل ولكن ليس على أساس نظام المحسوبية الأمريكية الأعمى لـ(إسرائيل)، وفي حين أن بعض القادة مثل "بوريس جونسون" قد ينصحون الفلسطينيين بعدم إضاعة هذه الفرصة الذهبية، فإن الفلسطينيين يرون أنها سرقة وخطة للفصل العنصري تمنحهم سيادة محدودة.

كما أن تصريح "ترامب" بالذات بأن القدس "ستبقى عاصمة (إسرائيل) غير المقسمة" يدمر الخطة نفسها وقد كانت لديه الجرأة في التصريح بأنه يمكن للفلسطينيين تسمية عاصمتهم "القدس" من خلال الاستهزاء بإطلاق اسم "القدس" على أراضي مختلفة بعيدة عن القدس نفسها (أجزاء من القدس الشرقية).

ويعد اعتراف "ترامب" بالسيادة الإسرائيلية على الكتل الاستيطانية الكبرى في الضفة الغربية بمثابة موافقة على سياسات (إسرائيل) الاستيطانية وبالتالي فهي معيبة ومخالفة للقانون الدولي، وقد رد وزير خارجية فلسطين قائلاً: "هذا لا يمكن أن يكون مستقبل فلسطين".

ووفقا لهذه الخطة، فإن (إسرائيل) التي تواطأت مع القوة العظمى في العالم هي التي تريد إفقار الدولة الفلسطينية من خلال تقديم الحرية المشروطة ولا تزال تدعي أنها يمكن أن تمهد الطريق لاتفاق سلام، تطالب فلسطين بالحرية والسيادة وليس الحكم الذاتي المحدود.

العالم الإسلامي يرفض الصفقة

اتسعت الهوة بين المسلمين والموقف الأمريكي التي تقسم فلسطين وتعامل القدس كعاصمة لـ(إسرائيل)، دول مثل قطر وماليزيا وتركيا والمغرب وباكستان ومصر وإيران والجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي وحتى جماعات حقوق إسرائيلية مثل "بيت سيلم"، انتقدت جميعها بالإجماع الصفقة.

وحتى حليف "ترامب" المفضل في السعودية لم يقر الخطة، لا يكاد هناك أي بلد مسلم مستعد لقبول القدس كعاصمة غير مقسمة لـ(إسرائيل). وقد رفض الرئيس "عباس" بحق الاقتراح قائلاً إنه من المستحيل على أي فلسطيني قبول دولة فلسطينية بدون القدس عاصمة لها.

فهم موقف الهند

منذ البداية تريد الهند حل الدولتين للقضية الفلسطينية الإسرائيلية، وغني عن القول أن الهند لديها علاقات جيدة للغاية مع (إسرائيل) بالنظر إلى التعاون التجاري وكذلك التعاون الأمني، لكن الهند كانت أيضًا تدعم إلى حد ما القضية الفلسطينية، وهذا الموقف في الواقع يجعل من الصعب على الهند دعم أي من الطرفين.

وتعتبر الهند أكبر مستورد للأسلحة الإسرائيلية في العالم، وقد نمت العلاقات خاصة بعد عام 1992 عندما أعلنت الهند علاقاتها الدبلوماسية الكاملة مع (إسرائيل)، بعد ذلك أصبحت الهند و(إسرائيل) متقاربتين جدا في قضايا، مثل الدفاع والابتكار التكنولوجي المدني، إلخ.

وحرصت (إسرائيل) على تطوير العلاقات بينها وبين الهند ووصلت التجارة الثنائية إلى حوالي 5 مليارات دولار.

من ناحية أخرى، فإن الهند صديقة لفلسطين كذلك، منذ عام 1974 عندما أصبحت الهند أول دولة غير عربية تعترف بمنظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني حتى عام 1988، عندما أصبحت الهند واحدة من أوائل الدول التي اعترفت بالدولة الفلسطينية.

في عام 1996، افتتحت الهند مكتبها التمثيلي في غزة الذي تحول فيما بعد إلى رام الله في عام 2003.

في 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2019 صوّتت الهند أيضًا لصالح القرار المعنون "حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير" في اللجنة الثالثة للجمعية العامة للأمم المتحدة. أقر القرار بحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير. وهكذا فإن الهند تؤيد حق فلسطين في تقرير المصير.

لذلك تلعب الدبلوماسية الهندية في هذا المنعطف بأمان بالنظر إلى العلاقات المتزايدة والعميقة خاصة في ظل نظام "مودي"، لذلك يبدو أن الهند سوف تمتنع عن الإساءة إلى (إسرائيل) أو تقول أي شيء يؤثر على علاقاتها الجيدة مع العالم الإسلامي الذي يدعم فلسطين علانية وينتقد (إسرائيل) بقسوة.

لم تحث الهند حتى الآن الطرفين على الانخراط في خطة "ترامب"، حيث تؤمن الهند إيمانا راسخا بأن هذه القضايا لن يتم حلها إلا من خلال المفاوضات المباشرة بين الطرفين.

وتحاول الهند ممارسة دور نشط في الشرق الأوسط كما هو الحال في الفناء الخلفي للهند، ولكن في الوقت نفسه، عليها أن تنظر في عوامل مهمة مثل موقف واشنطن في ضوء العلاقات الثنائية، والمشاعر الداخلية بسبب وجود عدد كبير من السكان الذين يدعمون فلسطين.

وبصرف النظر عن الولايات المتحدة، ربما تكون الهند هي الدولة الوحيدة التي يمكنها المساعدة دبلوماسيا في حل هذه القضية لأنها تتمتع بعلاقات جيدة مع الطرفين بالإضافة إلى أنها تربطها علاقات ثنائية هائلة مع الولايات المتحدة.

فلسطين اليوم هي أكثر من مجرد قضية سياسية، كما أنها ليست مشروعًا عقاريًا كما يرى صهر "ترامب، ويعكس بيان "كوشنر" نفسه مقدار القيمة والاحترام  للجانب الفلسطيني.

ولن تغير هذه الصفقة من الناحية العملية من حياة معظم الفلسطينيين لأن الخطة ليس لديها رؤية لمعالجة مثل هذه الأزمة الإنسانية الضخمة، ولكي يتوصل الإسرائيليون والفلسطينيون إلى اتفاق ثنائي، لا تستطيع الولايات المتحدة أو سماسرة السلام الآخرون الوعظ برؤية مؤيدة لـ(إسرائيل) أو إغراء القيادة الفلسطينية بالحديث عن استثمار بقيمة 50 مليار دولار (وهذا أيضًا بدون فكرة من أين ستأتي الأموال) كحل وتسميتها صفقة سلام.

إن الخطة المكونة من 181 صفحة نفسها خاطئة لأنها غامضة أو صامتة بشأن العديد من القضايا الرئيسية التي تعتبر حيوية لوجود فلسطين، من المستحيل تصور قيام دولة فلسطينية بقيود مع الاعتراف بالمستوطنات الإسرائيلية.

هناك حاجة للمضي قدمًا واقتراح شيء آخر غير ما جرى عرضه في محاولات السلام السابقة، بما في ذلك خطة سلام "جاريد كوشنر"، أو ما يسميه "فرصة القرن".

المصدر | أدفر شاه | أوراسيا ريفيو - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

صفقة القرن العلاقات الهندية الإسرائيلية السلطة الفلسطينية

سفير أمريكا بإسرائيل: ضم أراض فلسطينية يعرض صفقة القرن للخطر