استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

التــدبـر والعـقــل الــذرائــعي

السبت 1 أغسطس 2015 12:08 م

العقل الذرائعي نوع من أنواع العقول المسلمة، فيه خوف وتردد بدرجة قد تُفوت كثيرًا من المصالح، أو تضعفها، لظن موهوم بأنَّه قد يترتب على ذلك خطر، فما أن بدأت الدعوة المباركة لتدبر القرآن المجيد تشق طريقها بين الناس؛ محاولة إقناع العقل المسلم بالمسلَّمة القرآنية الواردة في قوله تعالى ﴿ولقد يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ﴾ (القمر:22)، حتى بدأت بعض الأصوات تحذر من إطلاق هذه الدعوة، وتتحفظ عليها، وتدعو إلى إيقافها خوفًا من أن يقتحم من لا يحسن التدبر، وضوابطه، وشروطه عملية التدبر.

وغلق الذريعة قضية معروفة في أصول الفقه، اتخذها البعض دليلا من أدلة التشريع، وشرَّعوا بمقتضاها كثيرًا مما لم يأذن به الله، ووصفت ألسنتهم الكذب أشياء كثيرة بالتحريم والحذر وما إليها، وإذا سألت عن دليل من كتاب الله، أو مما صح من سُنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فجاءوك بأنَّ الدليل هو سد الذريعة، فهذا القول أو هذا العمل سوف يكون ذريعة إلى كذا وكذا وكذا ... وبالتالي فلابد من رفضه.

 وهذا الدليل المزعوم برز في عهود ساد فيها الجمود العقليّ، بعد أن سقط العقل المسلم في المتاهات الكثيرة نتيجة البعد عن كتاب الله، ثم عن الصحيح من سُنّة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فَعَلَت فكرة الذرائع، وغلق الأبواب، والنوافذ، وكل المنطلقات بهذا القسم المسمى بسد الذريعة.

فلو أننا اتبعنا المنطق الذرائعيّ، فقد نتخلى عن أمور تدخل في إطار حريات عمرانية، وحضاريّة، وأمور ما ينبغي التفريط بها. فحين نتوسع بالذريعة، فقد تقتضي العقليّة الذرائعيّة، أن نعتكف في بيوتنا، لا نخرج منها؛ لأن من المحتمل أن خروجنا من المنزل، وركوبنا السيارة أو الطائرة يؤدي بنا إلى مهالك، وذلك في حالة اصطدام السيارة أو سقوط الطائرة !.

أنَّ العقلية التي تحاول أن توقف أي شيء، بل كل شيء، خوفًا من أن يؤدي إلى أمر غير محمود، عقليّة لا تناسب توجه القرآن الكريم، الذي يحضّ الناس حضًا لقراءته، وتدبره، والله (تبارك وتعالى) علَّم المسلمين كيف يجيرون الكافرين حتى يسمعوا كلام الله، ثم نبلغهم مأمنهم﴿ وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ ﴾(التوبة:6). 

ولقد علَّمَنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن الاجتهاد واجب، وفريضة قد نمارسها كل يوم، لتحديد القبلة، والاتجاه، وأوقات الفطر، والصيام، والملايين من شئون، وشجون الحياة، وحين تردد بعض أصحابه بالقيام بواجب الاجتهاد، قال (صلوات الله وسلامه) عليه: «الحاكم إذا اجتهد فأصاب فله أجران وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر».

وبالتالي فالتدبر فريضة على كل مسلم ومسلمة بآيات الكتاب الأربعة الدالة عليه، وحضّ القرآن المجيد على تدبر آياته، وتيسيره للمتدبرين،﴿ ولقد يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ﴾(القمر:22).

فذلك كله يدل على: أن تدبر القرآن الكريم هو الواقي، والحافظ، الذي يحول بيننا وبين السقوط فيما سقط فيه اليهود من قبلنا من «القراءة الحمارية»، وقد قال (جلّ شأنّه) عن بني إسرائيل، الذين لم يتدبروا كتابهم، وحذرهم الربابنة منهم، من القراءة فيه، دون أن يكون معهم رجل دين، يختار لهم ما يقرأون، ويقرأه ويفسره لهم، وقد ذمّ الحق  (جلّ شأنّه) القوم بذلك النوع من القراءة ﴿ مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا  بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ  وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾(الجمعة:5)، ولو تدبروا كتبهم، وأحسنوا ذلك التدبر، وأعطوا التدبر حقه، وأعدوا له عدته، لما سقطوا فيما سقطوا فيه.

أن خطأ بعض المتدبرين، أو القارئين، لا نريده أن يُتخذ ذريعة؛ لحرمان المسلمين من التدبر في كتاب ربهم، وحسن الارتباط به، وتذَّكر آياته، فلابد من اتخاذ ذلك وسيلة للحضّ على مزيد من التدبر، وتشجيع على إشاعة ظاهرة التدبر، ومع شيوعها، وانتشارها، ويدرك الناس الفرق بين التدبر الحقيقيّ السليم، وبين مجرد التأمل، أو النظر للاقتباس، أو التأثر بالموضوع.  

وستزداد التراكمات من تجارب المتدبرين وعلاقاتهم بكتاب الله (عزّ وجلّ)؛ ليكون بالإمكان جعل التدبر علمًا له ضوابطه، ومبادئه، ومسائله، وجزئياته، وكلياته، لكن لا ينبغي لنا أن نوقف اتجاهات التدبر بغلق الذريعة حتى يتشكل ذلك.  

نسأل الله (جلّ شأنّه) أن يحيل لهذه الأمّة الرشد، وأن يشرح صدور أبنائها؛ لتدبر كتاب ربهم تدبرًا يشفي صدورهم، ويعالج انكساراتهم، ويربي عقولهم، ويحررهم، ويخرجهم من الظلمات إلى النور، إنَّه سميع مجيب.

  كلمات مفتاحية

القراءة الحمارية تدبر القرآن العقل الذرائعي القرآن التدبر

«اكتشافات» قرآنية في غير مكتشف

بين التدبر والتفسير

باحثون بريطانيون يكتشفون أقدم نصوص قرآنية في العالم

«مجمع الملك فهد» يستعد لطرح ترجمة معاني «القرآن الكريم» باليابانية والعبرية

تجدد التفسير الديني