الاتحاد الأوروبي يواجه تحديا خطيرا بسبب الأزمة الليبية

الاثنين 24 فبراير 2020 02:04 م

ركزت الصحافة الدولية على احتفالات "دافوس" السنوية في يناير/كانون الثاني على حساب تغطية قضية تؤثر على مستقبل أوروبا أكثر بكثير من أي شيء يقال في منتجع سويسري للتزلج. وتكمن هذه القضية في مواجهة الاتحاد الأوروبي تهديدات خارجية بسبب عدم الاستقرار على طول حدوده وبسبب سياسات جيرانه المغامرين ولكنها في نهاية الأمر تجلب تحدي كبير في الداخل.

استضافت المستشارة الألمانية "أنجيلا ميركل" الشهر الماضي مؤتمرا في برلين في محاولة لحل الصراع في ليبيا. وبالرغم أن الحاضرين قدموا وعوداً بالالتزام بحظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة، والذي تم تجاهله على نطاق واسع لسنوات، لم تتوصل الأطراف الليبية المتحاربة إلى وقف لإطلاق النار، وقال البيان الصادر بعد المؤتمر إنه من غير الممكن أن تؤدي العملية السياسية الحالية في ليبيا إلى إنهاء النزاع وتحقيق سلام دائم"، وقالت "ميركل" إن "الفرق بين الطرفين ضخم جدا، لدرجة أنهم لا يتحدثون مع بعضهم البعض".

وتكمن المشكلة المباشرة بالنسبة لأوروبا في أن هذا الصراع له آثار بعيدة المدى. وليس فقط استفادة الجماعات الإرهابية من الفوضى؛ بل إن انهيار النظام يمنح المتاجرين بالبشر حرية استغلال مئات الآلاف من الأشخاص الذين يحاولون عبور البحر الأبيض المتوسط إلى الاتحاد الأوروبي. فالظروف الشبيهة بالعبودية والتي يعاني منها الكثير من هؤلاء الناس مروعة، كما يفيد التقرير السنوي لوزارة الخارجية الأمريكية.

ومع وصول المهاجرين إلى أوروبا، فإن رد الفعل العنيف من وصولهم سيهز السياسة الأوروبية، حيث يفتقر الاتحاد الأوروبي إلى القدرة على حل هذه المشكلة دون مساعدة ليبية.

منذ عام 2015، وصل ما يقرب من نصف مليون شخص إلى إيطاليا، وساهم عجز الأحزاب عن وقف هذا التدفق في صعود الشعبويين الإيطاليين إلى السلطة. سنت الحكومة السابقة العديد من السياسات التي أبطأت التدفق بشكل كبير لكنها تعتمد بشكل أساسي على قيام الليبيين بإيقاف أعمال المهربين في أفريقيا. وتهدد الحرب الأهلية المتصاعدة في ليبيا بالتراجع عن تلك الاستراتيجية. وإذا تعثر الشركاء المحليون، فإن الأوروبيين يفتقرون إلى عدد كاف من خفر السواحل والأصول البحرية اللازمة لمراقبة البحر المتوسط جيدًا بما يكفي لوقف موجة أخرى.

ربما كان يمكن التحكم بهذا المشهد لو كان الأوروبيون هم القوى الخارجية الوحيدة المتورطة في ليبيا لكنهم ليسوا كذلك. لقد شاركت دول أخرى منذ سنوات، وتحول مسار الحرب مؤخراً عندما وصل المرتزقة الروس لدعم أمير الحرب "خليفة حفتر"، مما أجبر تركيا على نشر مستشارين عسكريين ووكلاء سوريين لدعم حكومة الوفاق الوطني المعترف بها من قبل الأمم المتحدة.

ليس من الواضح أي المنتصرين سيكون أقل كارثية على مصالح أوروبا. إن فوز "حفتر" سيمنح الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" وصولاً أفضل إلى البحر الأبيض المتوسط من قواعده السورية، مما يسمح له بتهديد الجهة الجنوبية لحلف الناتو في أي مواجهة. من ناحية أخرى، هدد "رجب طيب أردوغان" العام الماضي بالرد على الانتقادات الأوروبية لأفعاله في سوريا بإرسال اللاجئين الذين يعيشون في تركيا إلى أوروبا، وإذا سيطر "أردوغان" على نقطة مغادرة اللاجئين الرئيسية الأخرى لأوروبا، فسيحصل على ورقة رابحة للعب ضد الاتحاد الأوروبي.

وبالرغم من الخطاب الراقي للمسؤولين مثل رئيس المفوضية الأوروبية "أورسولا فون دير لاين"، فمن غير المرجح أن تصبح أوروبا قوة جيوسياسية لأنه نادراً ما يكون هناك إجماع أوروبي على القضايا الرئيسية بما في ذلك ليبيا.

في أبريل/نيسان الماضي، تحدى الرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون" بقية الكتلة ووقف في طريق وضع قرار يدين هجوم "حفتر". والسبب في ذلك هو أن أصول النفط الفرنسية تقع في أجزاء البلاد التي يسيطر عليها بالفعل "حفتر". والنتيجة، كما أشار "أردوغان"، هي الشلل الأوروبي لأن أكثر مبادئ الاتحاد يتم انتهاكها علنًا في الجوار.

يجادل الكثير من المعارضين لعلاقات أوثق بين بريطانيا والاتحاد الاوروبي، أنه بدلاً من توفير حل للنزاع الذي كان يطارد أوروبا منذ آلاف السنين، فإن الاتحاد الأوروبي هو فقط أحدث وسيلة لفرنسا وألمانيا للسيطرة على جيرانهم، وتبدو الهيمنة الفرنسية والألمانية أكثر وضوحا مما كانت عليه قبل قرن مضى.

علاوة على ذلك، مع تحويل الولايات المتحدة تركيزها إلى منطقة المحيط الهادئ، من المرجح أن تصبح الضمانات الأمنية الأمريكية في أوروبا أضعف، ومن الأفضل بكثير أن تناضل الدول الأوروبية في اجتماعات للحوار بدلاً من العودة إلى النزاع المسلح. من السهل أن نتخيل بديلاً حقيقياً لبيروقراطية بروكسل، إنهم المهاجرون الذين ينتظرون وراء البحر مباشرة.

المصدر | مايك واتسون - ناشيونال إنترست - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الأزمة الليبية الاتحاد الأوروبي أزمة اللاجئين