مؤامرة كورونا.. إيران تهدد بتحويل الفيروس إلى وباء عالمي

الأربعاء 26 فبراير 2020 05:27 م

"على العالم أن يستعد لاحتمالية تحول كورونا إلى وباء عالمي".. هكذا قرع رئيس منظمة الصحة العالمية "تيدروس أدهانوم غيبريسوس" ناقوس الخطر، الإثنين (24 فبراير/شباط)، بعدما اعترفت السلطات الإيراني بتفشي الإصابات بالفيروس في البلاد، مع نسبة مرتفعة نسبيا من الوفيات.

وبحسب أرقام رسمية إيرانية، أعلنتها السلطات اليوم الأربعاء 26 فبراير/شباط، فقد ارتفع عدد الوفيات جراء الفيروس إلى 18 فيما وصل عدد الإصابات إلى 193، وفقا لما أوردته وكالة "رويترز"، ما يعني أن إيران باتت الدولة التي سُجل فيها أكبر عدد وفيات بعد الصين (منشأ انتشار الفيروس).

وتوزع نطاق الإصابات بكورونا جغرافيا بين العاصمة الإيرانية طھران، ومدينة قم، التي تعد مزارا لملايين الشيعة، ومحافظة كیلان الشمالیة، وهو ما قدم مؤشرا على ترجيح تفشي الفيروس في البلاد دون قدرة على حصره في نطاق حجر صحي محدد.

وإزاء ذلك، هبطت أسعار النفط في المبادلات العالمية في سوق تشهد فائضا أصلا، ما ينذر بأزمة اقتصادية كبرى في إيران، تفوق في تأثيرها العقوبات الأمريكية.

وعزز من تنامي الأثر الاقتصادي لانتشار كورونا في إيران اضطرار بلدان، بينها الكويت وتركيا وباكستان وأفغانستان، إلى وقف المبادلات التجارية مع طهران ووقف رحلات جوية منها وإليها، وإغلاق الحدود البرية معها، وهو ما ينذر بانكماش اقتصادي على ضوء وقف الأنشطة التجارية.

بخلاف ذلك، يهدد تفشي الفيروس بوقف نشاط قطاع السياحة في البلاد بشكل كلي، ناهيك عن إغلاق كافة أنشطة التبادلات التجارية عبر البحر. وكما يشير أستاذ علم الفيروسات بجامعة "كوين ماري" في لندن "جون أكسفورد"، فإن "السفن السياحية تعد أحد أخطر نواقل الأوبئة المرشحة لنشر كورونا في إيران وغيرها من الدول".

وبحسب "أكسفورد" فإن هذه السفن تكون دائما مكتظة، ومع هذا العدد من الركاب، قد يحصل إخلال في شروط النظافة، ولذا يجب التحذير من رحلات السياحة البحرية، خاصة أن ركابها كثيرا ما يكونون من المسنين، وهم أكثر عرضة للإصابة بالعدوى.

وفي هذا الإطار، يشير الخبير في القطاع بالولايات المتحدة "ستيوارت تشيرون" إلى حالات سابقة لأزمات صحية أدت إلى تباطؤ في حجوزات السفن السياحية؛ "لأن الناس قلقة من الأوضاع" حسب قوله.

تأثير سياسي

ورغم أن التأثير الاقتصادي لكورونا في إيران يبدو خطيرا، إلا أن تأثيره السياسي لا يقل خطرا، خاصة أن إعلان طهران عن تفشي الإصابات بالفيروس جاء متأخرا وبعد فترة "تعتيم" حسب وصف معارضي النظام الحاكم.

فبينما حذرت منصات إعلامية معارضة وشبكات التواصل الاجتماعي من انتشار الفيروس القاتل، وطالبت بوقف الرحلات الإيرانية إلى مدينة ووهان الصينية (بؤرة كورونا)، أصر النظام الإيراني على تجاهل تلك النداءات انحيازا لمصالحه الاقتصادية والاستراتيجية مع بكين، وهو ما سبق لـ"الخليج الجديد" تناوله في تقرير سابق. (طالع)

وبعد ظهور حالات الإصابة، فرض النظام الإيراني حالة من التكتم الشديد عليها، ونفي أكثر من مسؤول ظهور إصابات بكورونا في البلاد، ولم يتم الإعلان عنها إلا بعد توالي حالات الوفاة، وبعد إجراء الانتخابات البرلمانية يوم الجمعة (21 فبراير/شباط).

ومن دون تمهيد بإعلان ظهور حالات إصابة أولا، خرج وزير الصحة الإيراني "سعيد نمكي" فجأة الأسبوع الماضي بتصريح مقتضب حول وفاة شخصين بسبب كورونا، وهو ما تسبب في خلق حالة عارمة من الغضب بين الإيرانيين تطورت إلى احتجاجات جماهيرية في مدينة لاهيجان وجامعة تالش احتجاجا على غياب الشفافية من قبل المسؤوليين في الإعلان عن الفيروس.

واتهم المحتجون مسؤولي النظام، وعلى رأسهم المرشد الأعلى "علي خامنئي"، بعدم الاكتراث بصحة الشعب في سبيل خدمة أغراضهم السياسية، المتمثلة في إفساح المجال لمشاركة شعبية أكبر في الانتخابات البرلمانية.

ولم يأت هذا الربط بين كورونا والانتخابات الإيرانية من فراغ، فقد روج "خامنئي" لرواية معاكسة بهدف التغطية على تكتم السلطات على ظهور حالات مصابة بالفيروس، قائلا إن "أعداء إيران سعوا لإثناء الناس عن التصويت في الانتخابات البرلمانية بالمبالغة في خطر كورونا".

وتنبع أهمية الانتخابات البرلمانية الأخيرة لـ"خامنئي" من كونها اختبارا يعكس شعبية النظام الحاكم بعد الاحتجاجات الشعبية العارمة التي شهدتها البلاد في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، احتجاجا على تردي الأوضاع الاقتصادية والفساد.

وتفاقمت حالة الغضب بعدما كشفت تقارير إيرانية إصابة بعض المرشحين للانتخابات بالفيروس، بما يعكس الانتشار السريع للفيروس في البلاد، وهو ما اعتبرته المعارضة الإيرانية تكرارا لممارسات النظام المضللة للرأي العام، والتي ظهرت بوضوح خلال حادثة إسقاط الطائرة الأوكرانية الذي اضطرت السلطات للاعتراف به في النهاية بعد نفيه أولا.

كارثة في الجوار

في سياق متصل، يرى مدير المركز الأحوازي للإعلام والدراسات الاستراتيجية "حسن راضي" أن الأثر السلبي للتعامل المضلل للسلطات الإيرانية مع كورونا سوف يتعدى تأثيره حدود إيران، وهو ينذر بحدوث كارثة إنسانية في دول الجوار العربية، التي رصدت حالات إصابة قادمة من إيران مثل الكويت والبحرين والعراق ولبنان.

ويدعم هكذا ترجيح اتهام النائب الإيراني "أحمد أمير آبادي فراهاني" للحكومة بـ"عدم قول الحقيقة" بشأن حجم انتشار كورونا في البلاد، مؤكدا أن الفيروس منتشر في قم منذ 3 أسابيع، داعياً إلى ضرورة فرض الحجر الصحي على المدينة وإغلاق العتبات المقدسة لدى الشيعة هناك.

وساهمت ثورة الإعلام الجديد وحالة السخط بين عدد من النواب الإيرانيين في دحض نغمة المؤامرة التي روجها "خامنئي" بشأن انتشار كورونا بالبلاد، خاصة مع تداول صورة توثق المكان الذي ألقى فيه تصريحه المثير للجدل حول "المبالغة في خطر كورونا" أثناء تقديمه درسا دينيا بالعاصمة طهران.

فالمرشد الإيراني الأعلى جلس على مسافة كبيرة جدا تفصله عن الطلاب، وهو ما أثار السخرية الكبيرة بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي، الذين تداولوا الصورة، ليؤكدوا على تناقض تصريحات "خامنئي" التي تحاول التقليل من كارثة كورونا، وبين ما يفعله على أرض الواقع لحماية نفسه.

 

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

كورونا منظمة الصحة العالمية النظام الإيراني علي خامنئي

أهلا بالصينيين.. هكذا تحول كورونا إلى فرصة استراتيجية لإيران

روحاني يرفض الحجر الصحي على أي مدينة إيرانية بسبب كورونا

نظرية مؤامرة جديدة: بيل جيتس سبب نشأة وانتشار كورونا