هل تتحول إيران من النظام الرئاسي إلى البرلماني؟

الجمعة 28 فبراير 2020 02:25 م

في 15 أغسطس/آب 2019، أعلن "عزت الله يوسفيان ملا"، النائب عن مدينة أمول، أن 151 من أصل 290 برلمانياً في إيران وقعوا رسالة تدعو إلى تعديل الدستور، من أجل تحويل النظام الرئاسي في البلاد إلى نظام برلماني.

وأضاف "يوسفيان ملا" أنه عندما رفض الزعيم الإيراني الأعلى "علي خامنئي" الفكرة، تأجلت المناقشات حول هذا الموضوع حتى نهاية فترة البرلمان العاشر.

وسيختتم البرلمان العاشر نهاية شهر مايو/أيار وسيحل محله أعضاء جدد تم انتخابهم خلال انتخابات 21 فبراير/شباط الأخيرة للبرلمان الحادي عشر باستثناء 4 مقاعد حيث ستجري جولة الإعادة في 20 أبريل/نيسان.

وتعني نتائج هذه الانتخابات والاستعدادات لخلافة "خامنئي" كزعيم أعلى أن موضوع استبدال النظام الرئاسي بالنظام البرلماني قد يكون مطروحًا للنقاش مرة أخرى.

ويبدو أن النظام والشعب الإيراني يريدان أخذ البلاد في اتجاهين متعاكسين. يريد النظام غير المنتخب برئاسة المرشد الأعلى أن تبقى إيران على طريقها الثوري للتركيز على مواجهة الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة.

على النقيض من ذلك، يريد الجمهور من ممثليه المنتخبين أي الحكومة والبرلمان أن يركزوا على القضايا المحلية، وخاصة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.

ورغم أن الرئيس الإيراني "حسن روحاني" حاول معالجة مثل هذه القضايا، إلا أن النظام غير المنتخب قوضها بشدة. وينطبق الشيء نفسه على البرلمان الأخير، الذي تم تهميشه مراراً وتكراراً من قبل النظام. ويعتبر ذلك أحد أسباب الانخفاض التاريخي في المشاركة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة.

ورغم أن انسحاب "ترامب" من الصفقة النووية الإيرانية في مايو/أيار 2018، أضعف "روحاني" ومؤيديه، إلا أن الجمهور لا يبدو راضياً عن الحجة القائلة بأن كل ذلك كان خطأ "ترامب".

يتضح هذا من حقيقة أن المتظاهرين ركزوا في مظاهرات نوفمبر/تشرين الثاني 2019 ويناير/كانون الثاني 2020، على القضايا المحلية، وليس على "ترامب".

وبشكل واضح كان على الشعب الإيراني التعايش مع سياسات "ترامب" لمدة 3 سنوات فقط  لكنهم اضطروا للتعايش مع سياسات "خامنئي" لمدة 30 عامًا.

ونظرًا لصعوبة التغلب على الاختلافات بين أولويات النظام وأولويات الجمهور، يبدو أن النظام قرر أن توحيد الاتجاه هو أفضل استراتيجية. لهذا السبب تم استبعاد العديد من المرشحين الإصلاحيين والمعتدلين قبل الانتخابات البرلمانية الأخيرة، مما جعله يبدو وكأنه سباق فردي. وأدى هذا إلى مزيد من الضرر بشرعية النظام الانتخابي في إيران في نظر الجمهور.

ومع ذلك، هناك فرق واضح بين البرلمان والرئاسة: الرئيس في إيران يحمل وزنا أكبر من أي برلماني أو من رئيس البرلمان. الرئيس هو ممثل لعشرات الملايين من الناخبين في جميع أنحاء البلاد، في حين يمثل البرلمانيون منطقة معينة. لا تعد الأصوات المؤيدة لأحد أعضاء البرلمان سوى جزء ضئيل مما يحصل عليه الرئيس الحالي. على سبيل المثال فاز "روحاني" في انتخابات عام 2017 بحصوله على 23 مليون صوت لصالحه.

لقد أعطى ذلك الرؤساء في إيران تفويضًا وثقلًا سياسيًا يصعب تجاهله. لأن الرؤساء ينتخبون من قبل الشعب ويجب أن يكونوا مسؤولين أمامهم، وفي بعض المراحل، بسبب الأولويات المتباينة للنظام مع الجمهور، فقد طوروا جميعهم خلافات جادة مع "خامنئي". ويشمل ذلك "محمود أحمدي نجاد"، الذي وصف ذات مرة علاقته بالزعيم الأعلى بأنها  علاقة "الأب والابن" عام 2009. لكن بعد ذلك بفترة وجيزة وقعا في عدد من الخلافات، معظمها قضايا محلية.

كان لـ"خامنئي" علاقة صعبة مع الرؤساء العاملين تحت قيادته، على الرغم من حقيقة أنه بين عامي 1981 و 1989، شغل هو نفسه منصب الرئيس وهو يعرف جيدًا التحديات التي تنطوي عليها الرئاسة.

ومع ذلك، فإن معظم المرشحين المحتملين لخلافته لم يشاركوا في الانتخابات. ويشمل ذلك رئيس السلطة القضائية السابق، "صادق لاريجاني"، وابن "خامنئي"، "مجتبى". فيما شارك الرئيس الحالي للقضاء، "إبراهيم الريسي"، كمرشح رئاسي فقط عام 2017، لكنه خسر أمام "روحاني".

جرى تعيين جميع الخلفاء المحتملين المذكورين أعلاه من قبل القائد الأعلى في مناصبهم الحالية. ويجعل غياب الخبرة السياسية الأمر أكثر صعوبة بالنسبة لهم للعمل مع الرؤساء. لذلك، من المحتمل أن "خامنئي" لا يريد أن يواجه خليفته نفس التحديات التي يواجهها.

وهذا هو السبب في أن النقاش الدائر في البرلمان العاشر حول استبدال الرئاسة الإيرانية بنظام برلماني يمكن أن يكتسب قوة مرة أخرى. من خلال استبدال رئيس منتخب شعبيا برئيس وزراء ينتخبه البرلمانيون، يمكن للنظام أن يحل العديد من المشاكل في وقت واحد.

يمكن أن يجعل رئيس الوزراء العمل أكثر مرونة بالنسبة لأولويات النظام مما هو الحال الآن مع الرؤساء المنتخبين مباشرة، من خلال ضمان ملء البرلمان بالمحافظين الموالين للنظام.

وبما أن البرلمان سينتخب رئيس الوزراء مباشرة، فسيكون أكثر مسؤولية أمام أعضائه بدلاً من الجمهور، وسيكون لديه تفويض أقل لتحدي سياسات الزعيم الأعلى في المستقبل.

سيكون من الأسهل السيطرة على رئيس الوزراء أيضًا، حيث يستطيع الزعيم الأعلى في المستقبل ضمان أن يتماشى مع البرلمان، مما قد يكبح جماح سلوكه وسياساته. كما سيكون تهديد رئيس الوزراء الذي ينتخبه البرلمان بالتقصير أسهل من تهديد رئيس مدعوم بأصوات ملايين الإيرانيين.

كان للجمهورية الإسلامية رئيس وزراء ورئيس بين عامي 1979 و 1989. وعام 1989، تم إجراء استفتاء لتعديل الدستور لإزالة منصب رئيس الوزراء ومنح الرئيس ولاية أكبر. لم يتحول هذا التغيير إلى تجربة سعيدة للزعيم الإيراني الحالي، ويمكن إجراء استفتاء آخر لعكسه.

ويمكن للفجوة المتزايدة بين الشعب والنظام الإيراني، وحاجة الأخير إلى تعزيز أدوات القوة لديه، أن تجعل التحول للنظام البرلماني أمرا واقعيًا. إذا تحقق هذا السيناريو، فسيعني ذلك نكسة كبيرة للنظام السياسي لما بعد الثورة في إيران.

ومع ذلك، مع انهيار شرعية النظام بسبب عدم كفاءة النظام في التعامل مع قضايا مهمة مثل اندلاع فيروس "كورونا"، قد لا يبقى أمامه خيار سوى تعزيز سيطرته على النظام السياسي.

المصدر | مير جواد أنور/ معهد ميدل ايست- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

البرلمان الإيراني علي خامنئي النظام البرلماني