3 أهداف لجولة مدير الاستخبارات المصرية في شمال أفريقيا

الاثنين 2 مارس 2020 01:55 م

الجزائر والرباط والخرطوم وشرقي ليبيا.. محطات الجولة التي قام بها -سرا- مدير جهاز المخابرات العامة المصرية، اللواء "عباس كامل"، خلال الأيام الماضية، حاملا معه أجندة مصرية إماراتية للتعامل مع الأزمة الليبية ومواجهة النفوذ التركي هناك.

وتدعم مصر والإمارات إلى جانب السعودية وفرنسا، قوات الجنرال "خليفة حفتر"، قائد قوات شرقي ليبيا، بينما تدعم تركيا وقطر حكومة "الوفاق" الوطني (معترف بها دوليا)، والتي تسيطر على العاصمة طرابلس.

ومنذ قرار البرلمان التركي، إرسال قوات لدعم "الوفاق"، مطلع يناير/كانون الثاني الماضي، تندد مصر بالتدخل العسكري التركي في ليبيا، وتتهم أنقرة بمحاولة تهديد أمنها القومي، والتأثير سلباً على استقرار منطقة البحر المتوسط، وشمال أفريقيا.

تنسيق المواقف

منذ أسابيع، قام الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان"، بنشاط دبلوماسي لافت، شمل كلا من تونس والجزائر؛ لبحث الملف الليبي، وتعزيز جبهة حكومة "الوفاق" بلاعبين إقليميين من دول الجوار.

ويبدو أن زيارات "أردوغان"، برفقة وزيري الدفاع والمخابرات، ومن قبلها زيارات وزير الخارجية التركي، "مولود تشاووش أوغلو"، مثلت مصدر إزعاج للقاهرة، التي تعتبر وجود قدم لتركيا قرب حدوها الشرقية، خطرا عليها، لاسيما وأن أنقرة تناوئ نظام الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي"، وترفض الاعتراف به، وتستضيف على أراضيها معارضين له.

وخلال السنوات الماضية، كانت مصر والإمارات أبرز اللاعبين على الساحة الليبية، لكن "أردوغان" نجح في تغيير قواعد اللعبة، بإقحام لاعبين جدد (تونس، الجزائر)، إضافة إلى فرض نفسه كلاعب رئيس بتدخله عسكريا إلى جانب حكومة طرابلس، وهي متغيرات لم تكن في حسبان الجانب المصري.

وتلعب مصر على وتر الهواجس الأمنية لدى جول الجوار الليبي من ظهور سوريا جديدة في الشمال الإفريقي، من أجل فرض أجندتها الأمنية والسياسية تحت ذريعة مواجهة الإرهاب.

اللافت أن جولة "عباس كامل" تجاهلت تونس، أحد أبرز دول الجوار الليبي، ربما لمشاركة جماعة "الإخوان" في الحكم هناك، أو لاعتبارات سياسية أخرى، منها أن القاهرة ترى تونس متناغمة بشكل أكبر مع الدوحة وأنقرة وحكومة طرابلس.

خلية استخباراتية

 ووفقا لما أوردته دورية "إنتليجنس أون لاين" الاستخباراتية الفرنسية، فإن "كامل" سعى خلال جولته إلى إبرام تفاهمات أمنية، تقضي بإنشاء وحدة تنسيق، تتألف من ممثلين عن أجهزة المخابرات في المنطقة، تكون مسؤولة عن مراقبة الوضع في ليبيا.

وتستهدف مصر عبر تلك الخطوة، إلى زيادة التعاون الأمني وتسهيل تبادل المعلومات بين الدول التي شملتها جولة "كامل"، ومحاولة تحييد تلك العواصم وعزلها عن دعم الموقف التركي بشأن الأزمة.

وتسعى القاهرة إلى إثارة فزع دول الشمال الأفريقي من سيناريو نقل مقاتلين سوريين إلى ليبيا لدعم "الوفاق"، ما يهدد دول الجوار، غاضة الطرف عن تورط عناصر سودانية وروسية في القتال إلى جانب حليفها "حفتر".

ويقول مصدر غربي بارز، إن "مدير المخابرات المصرية أطلع نظراءها على أدلة تشير إلى نقل مقاتلين سوريين إلى مناطق نفوذ الوفاق"، وسط اتهامات وجهها لأنقرة بدعم التطرف، بحسب "العربي الجديد".

ويعول الجانب المصري كثيرا على استمالة الجزائر والمغرب إلى جانبه؛ لتشكيل خلية استخباراتية، أو غرفة عمليات مشتركة، تكون معنية بالملف الليبي، وتطوراته، بشكل يؤدي إلى تحجيم التمدد التركي شمال القارة السمراء.

لكن الواقع يؤكد أن تقديرات الأزمة لدى الجزائر والمغرب، وكذلك تونس، لا تتفق مع الرؤية المصرية، وأن لدى هذه الدول مخاوف حقيقية من سقوط طرابلس في يد حفتر، والتداعيات المرتبة على ذلك وعلى رأسها إمكانية حدوث موجة نزوح ليبية.

دعم عسكري

على مستوى التفاصيل، كان أهداف جولة مدير المخابرات المصري متباينة بشكل كبير، فما سيطلبه من الخرطوم مثلا، لا يمكن طرحه على الجانب الجزائري، أو المغربي.

ومما يؤخذ في الاعتبار وجود مخابرات جديد في السودان، بعد استقالة مدير الاستخبارات السودانية الفريق أول "أبو بكر مصطفى دمبلاب"، وتعيين الفريق ركن "جمال عبدالمجيد" خلفا له في يناير/كانون الثاني الماضي، ما يعني حاجة "كامل" للتواصل مع نظيره السوداني الجديد.

وفي السودان، تحديدا، طالب رئيس جهاز المخابرات المصرية، من المسؤولين هناك، إرسال المزيد من المقاتلين السودانيين إلى ليبيا، وفق ما كشفته "إنتليجنس أونلاين".

وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، اتهم تقرير أممي، نائب رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق "محمد حمدان حميدتي"، المقرب من مصر والإمارات، بإرسال ألف جندي سوداني من قوات الدعم السريع إلى الشرق الليبي في يوليو/تموز الماضي.

وتمركزت لاحقا قوات الدعم السريع السودانية بمنطقة الجفرة جنوبي ليبيا، لحماية بنغازي، وتمكين قوات "حفتر" من الهجوم على العاصمة طرابلس، وذلك بتمويل إماراتي سعودي.

ويحصل "حفتر" منذ سنوات على دعم مالي سخي، وعتاد عسكري، ودعم لوجسيتي واستخباراتي من المحور المصري الإماراتي السعودي، الذي يرفض تفاهمات اتفاق برلين الداعية لوقف إطلاق النار، وإطلاق تسوية سياسية بين الفرقاء الليبين، ويصر على حسم الصراع عسكريا.

نجاح محدود

الخلاصة أن القاهرة تسعى لتوسيع نشاطها الاستخباراتي والدبلوماسي، في محاولة لتطويق نفوذ تركيا، وتفزيع دول الجوار الليبي، وكذلك دول المتوسط من تمدد نفوذ أنقرة.

ولكن مع تورط مصر في دعم أحد طرفي الصراع في ليبيا (بصحبة الإمارات والسعودية)، من الصعب على القاهرة إقناع الجزائر والرباط بتبني رؤيتها للصراع في ليبيا، خاصة وأن الجزائر تعمل بالفعل على مبادرة لحل سياسي.

لكن ذلك لا يمنع أن جولة كامل قد تحقق نجاحا محدودا بشأن إنشاء آلية للتنسيق، وتبادل المعلومات، بشأن الوضع في ليبيا. ورغم ذلك، فإن جولة "كامل" من غير المرجح أن تحقق أهدافها المرجوة وسط مطالبات من دول الجوار بوقف أية تدخلات خارجية في الأزمة الليبية، ودعم مسار سياسي يحافظ على وحدة التراب الليبي.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية