كورونا يهدد أهم مصدرين للدخل في العالم العربي

الأحد 8 مارس 2020 05:07 م

تراجع أسعار النفط وشلل السياحة على وقع انتشار كورونا، يضع الدول العربية في مواجهة كوارث اقتصادية جديدة، هل تستفيق حكومات هذه الدول لتفادي شح الموارد عن طريق تنويع اقتصادياتها والخروج من حلقة التبعية لمصدر واحد للدخل؟

وكأن اقتصاديات العالم العربي لا تكفيها ضربات الصراعات والنزاعات والحروب، حتى يطالها خطر فيروس كورونا الذي يواصل انتشاره في مختلف دول العالم.

هذا الفيروس الذي يصيب الإنسان في غفلة من أمره ويهدد حياة الكثيرين دون سابق إنذار، وصل إلى معظم الدول العربية ومن بينها العراق والكويت والإمارات والسعودية ولبنان وتونس ومصر. 

ورغم أن عدد الإصابات في هذه الدول مجتمعة ما تزال أقل من مثيلاتها في دول أخرى كإيران وكوريا الجنوبية وإيطاليا، فإن تبعات الفيروس على اقتصادياتها ستكون أيضا كارثية في فترة قصيرة مع استمرار انتشار الفيروس.

ويعود السبب في ذلك إلى أن هذا الفيروس المتسلل يوجه ضرباته القاسية وشبه القاضية للقطاعات الاقتصادية الواحد تلو الآخر وفي مقدمتها قطاعي السياحة والنفط. 


ويدل على ذلك خلو الفنادق وتوقف حركة السفر وإلغاء الأنشطة العامة والمعارض وإغلاق معالم سياحية في الدول التي أصابها الفيروس واستمرار تراجع أسعار النفط الخام إلى مستويات أقل من 50 دولارا للبرميل في السوق العالمية.

تعتمد الدول العربية في غالبيتها على النفط أو على السياحة أو على كليهما في تحقيق إيراداتها المالية الرئيسية، ويبرز الاعتماد الأساسي على النفط في دول كالسعودية والكويت والإمارات والعراق والجزائر. 

وفي هذه الدول باستثناء قطر التي تعتمد على صادرات الغاز إلى شرق آسيا بالدرجة الأولى تشكل إيرادات النفط 60 إلى 90% من الدخل العام. 

وتعد الصين المستورد الأول للنفط الخليجي تليها اليابان والهند وكوريا الجنوبية، قبل فيروس كورونا الذي تم تسجيل انتشاره أواخر العام الماضي 2019 كان الاقتصاد الصيني يستورد يوميا 1.5 إلى 2 مليون برميل نفط من السعودية، أي أكثر من ربع الصادرات السعودية، ومع توسع رقعة انتشار الفيروس توقفت عجلة الانتاج في آلاف الشركات والمؤسسات الصينية بشكل جزئي أوكلي. 

ومن تبعات ذلك حتى الآن تراجع أسعار النفط بنسبة تصل إلى نحو 25% خلال أقل من شهرين، من نحو 65 إلى أقل من 49 دولارا للبرميل بسبب تراجع الطلب والاستهلاك العالميين، فالصين على سبيل المثال لا تستورد حاليا سوى 8 ملايين برميل بدلا من 11 مليون برميل نفط في اليوم. 

ويزيد الطين بلة أن تراجع الأسعار والاستهلاك مستمر رغم استمرار تخفيض إنتاج "أوبك" بأكثر من 2 مليون برميل يوميا. 

ويشكل هذا المنحى الذي يتوقع استمراره بسبب صعوبة احتواء كورونا تراجعا حادا في إيرادات دول الخليج وخطرا على استقرار اقتصادياتها وعملاتها التي تعاني أيضا من استنزاف احتياطاتها المالية في الخارج بشكل متسارع منذ التراجع الدرامتيكي الأخير لأسعار النفط عام 2014.

فيما يتعلق بالسياحة، فإنها تحتل أحد المراتب الثلاث الأولى بين القطاعات الاقتصادية على صعيد الدخل وتشغيل الأيدي العاملة في دول عربية عدة كالمغرب وتونس ومصر. 

وعلى سبيل المثال وصل الدخل التونسي من السياحة إلى نحو ملياري دولار والمغربي إلى نحو 8 مليارات دولار خلال العام الماضي 2019. 

حتى الآن ما يزال تأثير كورونا على السياحة في هذه الدول محدودا، لأن ذروة الموسم السياحي ليست في الشتاء. 

على العكس من ذلك أدى انتشار كورونا إلى جانب الاحتجاجات الشعبية ضد الفساد إلى انهيار سياحة العتبات المقدسة في العراق، خاصة في النجف وكربلاء التي يأتيها سنويا أكثر من 10 ملايين زائر. 

كما انهارت سياحة العمرة والسياحة الدينية إلى مكة والمدينة المنورة في السعودية التي تجذب أكثر من 20 مليون زائر سنويا بمن فيهم الحجاج.  

وهناك احتمال بإلغاء الحج هذه السنة بسبب مخاطر الاختلاط وانتشار وباء كورونا، ومما يعنيه ذلك خسائر  بمليارات الدولارات.


 ومع توجه المزيد من شركات الطيران إلى إلغاء رحلاتها ومنع السفر إلى الدول التي سجلت إصابات بالفيروس، فإن الدول العربية مقبلة على تراجع السياحة الدولية إليها من أوروبا والصين والولايات المتحدة.

ولن تقتصر تبعات ذلك على خلو الفنادق والمنتجعات والمعالم السياحية من زوارها، إذ ستطال عشرات آلاف الموظفين والعمال الذين سيفقدون عملهم. 

كما ستعني توقف مشاريع تطوير القطاع السياحي الطموحة في مختلف الدول بما فيها الدول العربية.

مخاطر حالة شبه ميؤوس منها

تأتي مصيبة كورونا في زمن يغص بالمصائب السياسية والاقتصادية على الدول العربية.

وتكمن المشكلة الأساسية في أن اقتصادياتها على العموم ضعيفة المرونة للتكيف مع الواقع الجديد الذي يزداد صعوبة.

وهنا لا بد من الإشارة إلى أن اقتصاديات دول مثل تونس ومصر والمغرب أكثر قدرة على التكيف من اقتصاديات العراق ودول الخليج بسبب تنوع مصادر دخلها ووجود قطاعات تقليدية زراعية وصناعية قادرة على زيادة إنتاجها في المدى القصير وتوفير قسم هام من المواد الاستهلاكية الأساسية للسوق المحلية.

غير أن ذلك يتطلب دعم هذه القطاعات عن طريق تشكيل خلية أزمات تقدم التسهيلات الضريبية والقروض الميسرة والاستشارات المطلوبة وغير ذلك من وسائل المساعدة اللازمة.

وبالمجمل فإن أزمة كورونا والمستقبل الصعب، يتطلب من جميع الدول العربية مضاعفة جهودها أكثر من أي وقت مضى لتنويع مصادر دخلها وعدم الاستمرار في ربط مصير اقتصادياتها بقطاع واحد أو اثنين، لأن مثل هذا الربط يعني إيصالها في المدى المنظور إلى حالة شبه ميؤوس منها وفتح الباب أمام اضطرابات سياسية واجتماعية ليس لها نهاية.

المصدر | دويتشه فيله

  كلمات مفتاحية

كورونا فيروس كورونا إصابات كورونا وفيات كورونا

تقرير: كورونا كشف هشاشة بنية الاقتصاد والمجتمع بالكويت

اتحادات غرب آسيا تؤجل تصفيات مونديال 2022 بسبب كورونا