كيف يقرأ أردوغان توجهات بوتين في ليبيا؟

السبت 14 مارس 2020 03:03 م

بعد توصل الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" إلى اتفاق مع نظيره الروسي "فلاديمير بوتين" في 5 مارس/آذار لوضع حد للقتال في إدلب شمال غربي سوريا، قال إنه يأمل في أن يتمكن البلدان من توسيع تعاونهما مع ليبيا؛ حيث تدعم تركيا وروسيا جبهات متعارضة.

إذ تدعم تركيا حكومة "الوفاق الوطني" المعترف بها دوليا ومقرها طرابلس بقيادة رئيس الوزراء "فايز السراج"، بينما تدعم روسيا قوات الجنرال "خليفة حفتر".

وقال "أردوغان" إنه نقل قلقه إلى "بوتين" من الحملة العسكرية التي يشنها "حفتر" ضد حكومة طرابلس. وأضاف أنه متفائل بأن "بوتين" سيتخذ خطوات إيجابية فيما يتعلق بعمليات شركة "فاجنر" الأمنية الخاصة المرتبطة بالكرملين في ليبيا.

  • سوريا

قد يخطئ "أردوغان" في قراءة "بوتين" مرة أخرى. لطالما اعتقدت أنقرة أن موسكو ستستوعب تركيا في سوريا شريطة أن يواصل الجانبان تنمية علاقات أوثق على جبهات أخرى. لكن التوتر بين البلدين تصاعد في الأسابيع القليلة الماضية؛ حيث كثفت قوات النظام السوري المدعومة من روسيا عملياتها لاستعادة آخر معقل للمعارضة في إدلب.

وبلغ التوتر ذروته إثر مقتل عشرات الجنود الأتراك جراء غارة جوية يُعتقد أنها روسية في إدلب. وخفّض الطرفان من التوتر في اجتماع عُقد في موسكو في 5 مارس/آذار، لكن مقتل الجنود الأتراك مثّل أدنى نقطة في العلاقات بين تركيا وروسيا منذ 2015، عندما أسقطت تركيا طائرة روسية بالقرب من الحدود التركية السورية.

 ترى الحكومة التركية أن اتفاق وقف إطلاق النار، الذي تم التوصل إليه في موسكو، هو إنجاز دبلوماسي، لكن الاتفاق يثبت مرة أخرى أن روسيا وتركيا لديهما أهداف لا يمكن التوفيق بينها في سوريا وأن روسيا مستعدة للقيام بكل ما يلزم، بما في ذلك قتل الجنود الأتراك، للتأكد من تحقق أهدافها.

  • الناتو والاتحاد الأوروبي

بعد التوتر الأخير بشأن إدلب، أصبحت تركيا في وضع أضعف من روسيا.

عندما تصاعد النزاع، ناشدت تركيا شركاءها في "الناتو" للمساعدة. ورفضت وزارة الدفاع الأمريكية الطلبات التركية بخصوص نشر بطاريات الدفاع الصاروخي "باتريوت"، بينما لم يقدم "الناتو" حتى الآن أي شيء يتجاوز كلمات التضامن.

وأغضبت تركيا الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بقرارها الذي اتخذ بعد مقتل جنودها في الغارة الجوية في إدلب، بالتوقف مؤقتًا عن منع المهاجرين السوريين واللاجئين من عبور حدودها إلى أوروبا. لكن هذه الخطوة التركية ضد شركائها الغربيين في ظل مواجهة العدوان الروسي تزيد من قوة يد "بوتين" ضد "أردوغان".

  • ليبيا

لا يزال "أردوغان" يتوقع أن يسحب "بوتين" مرتزقة "فاجنر" من ليبيا، لكن من المرجح أن يشعر بخيبة أمل. تأمل روسيا في تأمين الوصول إلى موارد الطاقة والموانئ في البلاد، فضلا عن التأثير على أوروبا من خلال مشاركتها في الصراع. ومن غير المحتمل أن تتخلى عن ذلك.

نشرت روسيا مرتزقة في ليبيا في 2019 لدعم "حفتر" وتتبع استراتيجية معقدة للعب مع جميع أطراف النزاع. بالرغم من دعمها المالي والعسكري لقوات "حفتر"، فقد انخرطت موسكو أيضًا مع حكومة طرابلس؛ حيث استضافت رئيس وزراء حكومة الوفاق الوطني "فايز السراج" في قمة عقدت في سوتشي في أكتوبر/تشرين الأول الماضي. وتتواصل روسيا أيضا مع عائلة "القذافي"؛ مما قد يقوض مكانة "حفتر" إذا تمكنوا من أن يصبحوا قوة سياسية في البلاد مرة أخرى.

تثير الجهود الروسية لتأجيج النزاع في ليبيا قلقا عميقا لأوروبا التي لا تزال تعاني من صدمة شديدة بسبب أزمة اللاجئين عام 2015، والتي أدت إلى فرار آلاف الأشخاص من الصراع في ليبيا إلى أوروبا. وهذا الخوف يزود روسيا بالنفوذ، الذي تحاول استخدامه لتخفيف عقوبات الاتحاد الأوروبي المفروضة بعد التدخل الروسي في أوكرانيا في عام 2014. وقد حصلت روسيا بالفعل على مقعد في مؤتمر برلين حول ليبيا.

وبالرغم أن المرتزقة الروس لا يمنحون موسكو نفوذا كافيا لضمان النصر لحليفها "حفتر"، لكن هذا يكفي لإخافة الأوروبيين والأتراك، وهذا هو السبب في عدم استعداد "بوتين" لمد يد العون لزميله القوي في أنقرة بعد.

المصدر | جونول تول/ميدل ايست انستيتيوت - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

العلاقات التركية الروسية الأزمة الروسية التركية ليبيا روسيا

تركيا وروسيا.. المواجهة المؤجلة!