الأزمة السياسية في البحرين.. قمع نظامي واتهامات متبادلة بالعمالة

الاثنين 16 مارس 2020 10:14 م

شهد شهرا فبراير/شباط الماضي، ومارس/آذار الجاري تزايدا لافتا في وتيرة الانتقادات الحقوقية من الجهات الدولية للنظام في دولة البحرين، وتضمن ذلك مطالبات بإلغاء عقوبات صدرت بحق معارضين، والتحقيق في مزاعم تعذيب معتقلين وانتهاكات وقمع واسع لحقوق الإنسان، وسط اتهامات متبادلة من المعارضة والنظام بالخيانة والعمالة لجهات خارجية.

فالسلطة من جانبها تتهم المعارضة (غالبيتها من الطائفة الشيعية) بالعمل وفق أجندة خارجية وتحديدا لصالح إيران، فى المقابل تتهم المعارضة النظام بأنه مجرد أداة بيد السعودية، فضلا عن التلويح بتعاون السلطة مع الاستخبارات الإسرائيلية بشكل متواصل لقمع المعارضين بشكل ممنهج، وهو ما وثقته تقارير عبرية.

من جانبها، تواصل المنظمات الحقوقية تجديد مطالبها للسلطات في البحرين في الجلوس والتفاوض مع المعارضة وفتح حوار وبناء جسور الثقة من أجل حل الأزمة السياسية المتواصلة في البلاد منذ عام 2011.

ففي 12 فبراير/شباط الماضي، عبر حقوقيون مستقلون عن قلقهم إزاء حكم إعدام صدر ضد رجلين متهمين بقتل شرطي، مؤكدين تعرض المتهمين للتعذيب، وفي 17 فبراير/شباط وجهت جهات أممية انتقادات للبحرين؛ بسبب اتهامات بتعذيب معتقلة وتعريضها لظروف احتجاز غير إنسانية.

وفي اليوم التالي مباشرة، ورغم عدم علاقات رسمية بين البلدين، أصدرت محكمة بحرينية حكما يقضي بسجن مواطن 3 سنوات لإحراقه العلم الإسرائيلي.

وفي 19 فبراير/شباط عبر مجلس الشيوخ البلجيكي عن مخاوفه بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين، ولاحقا، عبرت منظمة "أميركيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين"، عن تضامنها مع سجناء البحرين.

وفي أحدث تصعيد لانتقادات للملف الحقوقي في البحرين، طالب 44 نائبا في البرلمان الأوروبي، الشهر الحالي، عاهل البحرين "حمد بن عيسى آل خليفة" بإطلاق سراح جميع السجناء السياسيين، والبدء في حوار شامل مع المعارضة السياسية.

ودعا النواب في رسالة إلى العاهل البحريني إلى وضع تدابير لبناء الثقة ووضع حد لعنف قوات الأمن، كما طالب النواب الأوروبيون بإجراء تحقيق سريع ونزيه في جميع مزاعم التعذيب ومقاضاة المشتبه بهم في ارتكابها.

ورفض جميع النواب الإدانات الصادرة على أساس اعترافات تم الحصول عليها تحت الاكراه، وشددوا على ضرورة التنفيذ الكامل لتوصيات لجنة التحقيق المستقلة في البحرين.

مفاوضات معطلة

يجمع معارضون ومراقبون وجهات دولية متعددة أن التفاوض وجلوس السلطات في البحرين مع أطراف الأزمة السياسية في هو الحل الأمثل وربما الوحيد؛ لحل التوتر والتصعيد المستمرين منذ أحداث "دوار اللؤلؤة" في فبراير/شباط 2011 بالتزامن مع اندلاع ثورات الربيع العربي.

وعادة ما تهتم السلطات البحرينية الحركات والأحزاب الشيعية في البلاد بالعمل كـ"طابور خامس" لإيران في محاولة لزعزعة استقرار البحريت، وهو ما ينفي بشكل مستمر من تلك الأطراف التي تؤكد رغبتها في إحداث تغيير سياسي حقيقي في البلاد.

وفي هذا الصدد طالب نواب البرلمان الأوروبي الـ44 في رسالتهم عاهل البحرين بضرورة البدء في حوار شامل مع المعارضة السياسية، ووضع تدابير لبناء الثقة ووضع حد لعنف قوات الأمن.

وعلى نفس المنوال، طالب معارضون النظام الحاكم في البحرين بالجلوس معهم على طاولة حوار متوازنة تحتكم إلى الشريعة الدولية أو قوانين الأمم المتحدة أو حتى الشرعية المحلية المتمثلة في تأييد الشعب البحريني.

استعداد وتهرب

لكن في المقابل، تزعم أصوات مواليه للنظام أن المشكلة تكمن أنه كلما اقترب النظام من الاقتناع بالتفاوض وحصل أي نوع من الاستجابة يحدث شيء ما، أو تجرى أحداث ما تجمد هذا المسار وتعيدها إلى المربع صفر، كما حدث مؤخرا حين قامت السلطات بتوقيف معارضين بتهمة التعاون مع الحرس الثوري الإيراني.

كما تشدد تلك الأصوات أن الحل يكمن في أن تقطع المعارضة كافة علاقاتها مع إيران أو الحرس الثورة أو مع أي مؤسسة سياسية في إيران، كخطوة أولى في مسار التوافق.

غير أن المعارضة ترى أن هذه الدعوات هي مجرد مزاعم يرددها النظام للتهرب من دعوات الجهات الدولية للإصلاح السياسي.

وتؤكد المعارضة البحرينية دوما أن قرارها مستقل ولا يأتي من طهران ولا أي مكان آخر، وأنه إذا ما استدعت الحاجة الوطنية إلى الجلوس إلى طاولة الحوار، فإنها قادرة على فعل ذلك دون إذن من أحد.

كما يؤكد المعارضون أنه لا يمكن أن سلخ أكثر من 60% من أبناء شعب البحرين (من الشيعة) تمثلهم المعارضة السياسية من وطنتيهم، عبر وصمهم بموالاة إيران أو أي دولة أخرى دون دليل، متهمين النظام بالتهرب من الحلول السياسية، واللجوء للحلول الأمنية التي تعقد الأزمة.

الاستعانة بـ(إسرائيل)

وفي مقابل الاتهامات بالعمالة لإيران تتهم المعارضة النظام أنه دمية في يد النظام السعودي وتستشهد بتدخل جيش الدولة الخليجية في أحداث دوار اللؤلؤة في قبل قرابة عقد من الزمن أثناء انتفاضة عام 2011، بالإضافة إلى استعانة المنامة بالاستخبارات الإسرائيلية في قمع الاحتجاجات المطالبة بالحرية والديمقراطية، وتحولها إلى بؤرة للتطبيع مع الدولة العبرية.

وفي وقت سابق ذكرت صحيفة "معاريف" إن الاستخبارات البحرينية استعانت بالموساد لقمع الانتفاضة الشعبية في البحرين نظراً لتجربته في قمع الانتفاضة الفلسطينية.

وقالت تقارير صحفية أيضا، إن العاهل البحريني أصدر أوامره ألّا تستخدم التصريحات الرسمية عبارات مثل العدو والكيان الإسرائيلي عند الإشارة إلى (إسرائيل).

وفيما يتعلق بأساليب القمع النظام البحريني للمعارضة، قال "فيليب لوثر"، مدير البحوث لمنطقة لشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية في تصريحات سابقة: "لقد تمكنت حكومة البحرين، باستخدام شتى أنواع القمع، بما في ذلك المضايقة والاحتجاز التعسفي والتعذيب، من سحق المجتمع المدني، الذي كان من قبل نشيطا ومزدهرا، حتى أصبح الآن مجرد أصوات قليلة منفردة لديها من الشجاعة ما يكفي للمجاهرة بآرائها".

وأضاف "لوثر" قائلا: "إن معظم المنتقدين السلميين، سواء أكانوا من المدافعين عن حقوق الإنسان أو من الناشطين السياسيين، أصبحوا يشعرون الآن بتعاظم المخاطر المترتبة على التعبير عن آرائهم في البحرين".

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

ولي عهد البحرين مقاومة التطبيع في الخليج العربي مقاومة التطبيع ضد التطبيع

44 نائبا أوروبيا يطالبون البحرين بحوار مع المعارضة ووقف القمع

منظمات حقوقية تطالب البحرين بوقف أحكام الإعدام

20 منظمة حقوقية تحذر من تدهور حقوق الإنسان في البحرين