إدلب وكورونا يجعلان أزمة اللاجئين تهديدا مصيريا لأوروبا

الأحد 15 مارس 2020 06:54 م

تصدرت المشاهد المروعة التي وقعت على الحدود التركية - اليونانية نهاية الأسبوع الماضي عناوين الصحف في جميع أنحاء أوروبا.

وتم ترك عدد لا يحصى من اللاجئين عالقين في أرض فراغ، وبحلول يوم الأربعاء، كان على هذه الصور أن تفسح المجال للوضع الأكثر خطورة حول "كوفيد-19".

ودخلت إيطاليا حالة إغلاق للحدود اعتبارا من يوم الجمعة؛ كما تم حظر الرحلات الجوية من دول منطقة شنجن إلى الولايات المتحدة.

ولا يعني هذا أن الوضع على حدود تركيا مع اليونان قد تحسن بأي شكل من الأشكال.

وقبل أسبوعين، أعلنت الحكومة التركية أنها ستفتح حدودها الغربية أمام انتقال آلاف اللاجئين نحو اليونان من جميع أنحاء تركيا.

وشعرت اليونان بأنها غير قادرة على التأقلم مع هذا الوضع، لذلك رفضت السماح بدخول أي لاجئ، وأوقفت مؤقتا طلبات اللجوء.

وفي حين غضب الاتحاد الأوروبي من تعليق تركيا المعلن لاتفاقية اللاجئين لعام 2016، انقسم الاتحاد داخليا حول كيفية التعامل مع هذا الوضع، وكانت هناك كلمات قاسية للرئيس التركي "رجب طيب أردوغان"، الذي أكد أن الاتحاد لم يفِ بتعهداته بدفع 6 مليارات يورو لتركيا لمواجهة أزمة اللاجئين.

ولكي نكون منصفين، تستضيف تركيا ما يقرب من 4 ملايين لاجئ سوري، أكثر من أي دولة أخرى، مع وجود مليون آخرين يقفون في طابور الانتظار في إدلب لعبور الحدود من سوريا.

وتحتاج تركيا إلى المساعدة بالفعل، لكن استخدام اللاجئين كأدوات في لعبة التحدي الأوروبي لن يحقق شيئا مع القادة الأوروبيين.

وكانت ألمانيا متقلبة في استجابتها، وبالرجوع إلى الخلف قليلا، أدى قرار "أنجيلا ميركل" بالسماح لمليون لاجئ بالدخول إلى البلاد عام 2015-2016، إلى تقويض قاعدتها وتغيير السياسة الألمانية إلى الأبد.

كما أنها مسألة وقت فقط حتى تتنحى "ميركل"، وتتردد فرنسا في دعم تركيا، بسبب المخاوف الجيوسياسية لدى الرئيس "إيمانويل ماكرون" بشأن النفوذ التركي في شرق البحر الأبيض المتوسط.

وعقدت فرنسا اتفاقيات مع اليونان وقبرص، واستقبل "ماكرون" الجنرال الليبي "خليفة حفتر" في قصر الإليزيه في وقت سابق من هذا الأسبوع، في  حين تدعم تركيا الجانب المعارض بقيادة "فايز السراج"، وتقدم له الدعم عبر الاستخبارات العسكرية والقوات والأسلحة.

وزار "أردوغان" بروكسل، الإثنين الماضي، لإجراء مشاورات مع كل من الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي "الناتو".

ومن غير المعتاد أن يقوم رئيس دولة بزيارة المنظمات الدولية دون دعوة، وربما ظن "أردوغان" أن الأمر ملح، لأنه يجد نفسه في مأزق فيما يتعلق بمزيد من اللاجئين القادمين إلى حدود بلاده، في حين تفتقر تركيا إلى أي منفذ للهروب.

وكان استقبال "أردوغان" في مقر الاتحاد الأوروبي فاترا، وقد وجهت إليه "ميركل"، على وجه الخصوص، تهمة استخدام اللاجئين كسلاح، وقال الأمين العام لحلف الناتو "ينس ستولتنبرج": "يجب ألا ينتظر أردوغان ر دعم الحلف له في إدلب".

وتتصاعد التوترات بين تركيا وحلف "الناتو" منذ أن بدأت أنقرة في "مغازلة" موسكو، والتي بلغت ذروتها بطلب تركيا نظام الدفاع الجوي الروسي "إس-400"، لكن روسيا وتركيا على طرفي النقيض في سوريا، ورغم أنهما اتفقا على وقف إطلاق النار في إدلب نهاية الأسبوع الماضي، لكنه اتفاق ضعيف ومليء بالثغرات.

وتواجه أوروبا حالة تفشي للفيروس التاجي الجديد، وتخضع إيطاليا نفسها للحظر، وهي واحدة من أضعف الاقتصادات في أوروبا، ويتصاعد الوضع في ألمانيا وفرنسا والنمسا.

ومن الصعب على الاقتصاد اليوناني التعامل مع وابل اللاجئين، حتى لو تم تحذير الحكومة من قبل رئيسة المفوضية الأوروبية "أورسولا فون دير لين" لتعليقها طلبات اللجوء لمدة شهر.

وما يجعل الأمور أكثر صعوبة هو أن الاتحاد الأوروبي لم يستخدم الهدوء النسبي على حدوده بين 2016 و2019 لاتخاذ قرار بشأن آلية التوزيع العادل للاجئين، وحتى الآن، يجب أن يتم استيعاب اللاجئين في البلدان التي تم تسجيلهم فيها لأول مرة، ويضع هذا عبئا مفرطا على المحيط الجنوبي الأضعف للكتلة الأوروبية.

وفي بداية الأسبوع، كانت هناك بعض مؤشرات التعاون، ووافقت ألمانيا على استقبال 2500 طفل من الأطفال غير المصحوبين، كما وافقت فرنسا والبرتغال ولوكسمبورج وفنلندا على اتخاذ إجراءات مماثلة، لكن هذه مجرد نقطة في محيط فيما تواجه أوروبا موجة مد من البشر تنتظر على حدودها.

ومما زاد الطين بلة، أن حرية تنقل الأشخاص قد تم إعاقتها بشدة بسبب انتشار "كوفيد-19"، ومن المتوقع أن ينكمش الاقتصاد الأوروبي في الربعين الأولين من هذا العام، وقد ينمو بنسبة 0.1% بحلول نهاية العام، ولكن هذا يبدو تفاؤلا كبيرا.

وتميل الدول إلى أن تكون أكثر سخاء كلما كانت أكثر ثراء، وعندما تصبح الأمور صعبة، تنغلق أكثر على نفسها ويتم إغلاق الحدود، ويعزز الوضع الاقتصادي الضعيف، وبروز اللاجئين كـ"تهديد" دعوات الحركات اليمينية المتطرفة في جميع أنحاء القارة.

لقد أوصلت معركة إدلب أزمة اللاجئين إلى نقطة غليان جديدة، وعندما تقترن بالتأثير الاقتصادي والنفسي لتفشي "كوفيد-19"، تصبح الأجواء مثالية لاندلاع العاصفة.

المصدر | كورنليا ماير | أوراسيا ريفيو - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

أزمة اللاجئين فيروس كورونا الاتحاد الأوروبي

أردوغان: لن نغلق أبوابنا أمام اللاجئين لعدم وفاء أوروبا بوعودها

ميركل تصف القمة الرباعية حول سوريا بالمثمرة

الجارديان: أوروبا طردت 40 ألف طالب لجوء منذ ظهور كورونا