5 أهداف وراء زيارة حميدتي إلى القاهرة

الثلاثاء 17 مارس 2020 08:56 م

أجندة زاخرة بالملفات الساخنة، حملها نائب رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق أول "محمد حمدان دقلو"، الشهير بـ"حميدتي"، خلال زيارته إلى العاصمة المصرية القاهرة، الأسبوع الجاري.

اللافت أن زيارة "حميدتي" جاءت بعد أيام من محاولة اغتيال رئيس الوزراء السوداني "عبدالله حمدوك"، الأسبوع الماضي، كما جاءت كذلك بعد زيارة رئيس المخابرات المصرية اللواء "عباس كامل" إلى السودان.

ويبدو أن ترتيبات مصرية سودانية تجري بشأن عدد من الملفات، إضافة إلى الرغبة في تذويب خلافات مكتومة بين القاهرة والخرطوم، ظهرت على السطح مؤخرا في قضايا تشكل أهمية استراتيجية لمصر، على رأسها ملف "سد النهضة".

  • سد النهضة

من المؤكد أن مصر تشعر بغصة في الحلق جراء موقف السودان الرافض للتوقيع على مسودة الاتفاق الذي أعدته واشنطن حول "سد النهضة"، ووقعت عليه القاهرة فقط، دون إقراره من قبل الخرطوم وأديس أبابا.

وزاد الأمر مرارة مع تحفظ السودان على قرار جامعة الدول العربية الذي يدعم "حقوق مصر التاريخية في مياه النيل"؛ حيث رفضت الخرطوم إقحام الجامعة العربية في الملف المأزوم.

ويحاول الجانب المصري مغازلة نظيره السوداني للتوقيع على اتفاق السد بما يقوي موقف القاهرة التى يقوم وزير خارجيتها "سامح شكري" بجولة عربية أوروبية لحشد تأييد إقليمي ودولي لموقف بلاده في الأزمة.

ويضعف عدم توقيع كل من السودان وإثيوبيا على الاتفاق الموقف المصري، ويظهر أن إثيوبيا ليست بمفردها، وأن الاتفاق لا يحظى بإجماع الدول الثلاث.

ويبدو أن القاهرة بصدد تقديم دعم سخي للسودان في ملفات اقتصادية عدة تشمل مجالات الزراعة والنقل والطاقة والكهرباء، ومساعدة الخرطوم في الحصول على عدد من القروض التنموية من أوروبا والخليج، وكذلك تقديم الدعم السياسي لجهود رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وذلك على أمل تغيير الموقف الرسمي السوداني من "سد النهضة".

  • تسويق حميدتي

لا يمكن تجاهل الصورة التي ظهر عليها "حميدتي"، مرتديا بزة مدنية، خلال اجتماعه مع الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي"، في محاولة لإظهار الرجل العسكري، المتهم بارتكاب جرائم حرب في دارفور، وانتهاكات ضد الثوار، في ثوب جديد.

وتأمل القاهرة في استنساخ تجربة "السيسي" حينما كان وزيرا للدفاع، وخلع بزته العسكرية عقب انقلاب على الرئيس الراحل "محمد مرسي" منتصف 2013، على أن يكون "حميدتي" هو رجلها في السودان، خلال الفترة المقبلة.

ويبدو أن الجانب المصري بصدد تسريع خطوات تبييض سمعة "حميدتي"؛ حيث تم تنظيم لقاءات له مع الجالية السودانية بمصر، ومع مرشد الطريقة "الختمية" الصوفية، رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي "محمد عثمان الميرغني" بمقر إقامته بالقاهرة.

ويغازل "حميدتي" بتلك الخطوة الصوفيين، في محاولة لكسب ود الزعامات الدينية والتاريخية للسودان، واستغلال المرجعية الصوفية لرفع شعبيته في الشارع هناك، بما يعزز فرصه نحو الصعود مستقبلا إلى سدة الحكم.

  • الملف الليبي

تحت إطار مناقشة تداعيات محاولة اغتيال "حمدوك"، بحث "حميدتي" مع المسؤولين المصريين ملفات الإرهاب والتعاون الأمني والاستخباراتي.

ومن الواضح أن القاهرة تسعى أيضا إلى الاستعانة بجهود "حميدتي" كمقاول عسكري؛ لتوريد مقاتلين إلى حليفها في ليبيا الجنرال "خليفة حفتر" بتمويل إماراتي، لدعم مساعي الجنرال الحثيثية للاستيلاء على العاصمة طرابلس منذ أبريل/نيسان الماضي. 

وفي يوليو/تموز الماضي، أكد تقرير أممي أن ألف جندي سوداني من قوات الدعم السريع السودانية أُرسلوا إلى الشرق الليبي، حسب فريق الخبراء التابع للجنة العقوبات الدولية المفروضة على ليبيا.

وتخشى القاهرة فيما يبدو من انقلاب الموازين لصالح حكومة "الوفاق" المعترف بها دوليا في ليبيا، خاصة بعد قرار تركيا التدخل عسكريا دعما للحكومة الشرعية. لذلك، ترغب مصر في تسريع عملية الحسم العسكري، وتعزيز الدعم الموجه لـ"حفتر"، بقوات إضافية من السودان ودول أفريقية مجاورة.

  • قيادات الإخوان

لم تحرز مصر إلى الآن النجاح المنشود في ملف تسليم قيادات جماعة "الإخوان" المتواجدين على الأراضي السودانية، رغم تسليمها في وقت سابق قوائم تضم مئات الأسماء، أملا في استعادتهم ومحاكمتهم.

وتضم تلك القوائم نحو 400 من قيادات الصفين الثاني والثالث، بينهم نواب سابقون في البرلمان المصري ورجال أعمال.

وتولي مصر أهمية لتحقيق اختراق نوعي في هذا الملف، على اعتبار أن تسلم القاهرة عددا من قيادات "الإخوان" سيكون ضربة قوية للجماعة.

وخلال فبراير/شباط الماضي، أعلنت النيابة العامة السودانية ضبط "خلية إرهابية مزعومة" تابعة لتنظيم الإخوان في مصر، واتهمتها بالتخطيط "لشن اعتداءات في البلاد".

ولا شك أن حضور المدير العام لجهاز المخابرات العامة السودانية، الفريق أول "جمال عبدالحميد"، مباحثات "حميدتي" في القاهرة، له صلة بهذا الملف الحساس بالنسبة للسودان، الذي قد يثير أزمة لمجلس السيادة مع الإسلاميين في البلاد.

  • التعاون الثنائي

سعت كذلك مباحثات الجانبين المصري والسوداني، إلى احتواء توتر العلاقات الثنائية بعد قرار الخرطوم إيقاف الرحلات الجوية وإغلاق المعابر مع مصر على خلفية تفشي "كورونا"؛ ما خلف أزمة عالقين بين البلدين.

ووفق القائم بأعمال السفارة السودانية بمصر السفير "خالد ابراهيم الشيخ"، فإن "حميدتي" أبلغ وفد الجالية بانتهاء مشكلة العالقين في مصر بعد صدور قرار بفتح الحدود والمعابر البرية.

كذلك، فإن ترؤس "حميدتي" اللجنة العليا لإدارة الأزمة الاقتصادية، يمنحه أدوارا جديدة في إدارة المشهد السوداني، ويقلص من نفوذ حكومة "حمدوك"، وهو متغير يصب في صالح القاهرة، التي تحبذ التعاون مع العسكرين، خاصة في البلدان التي شهدت احتجاجات وموجات للربيع العربي.

ووفق بيان لمجلس السيادة السوداني، فإن المباحثات تناولت قضايا الهجرة غير الشرعية، والربط الكهربائي بين البلدين، بجانب استئناف أعمال اللجان الوزارية المشتركة، والقضايا التي تهم الجالية السودانية بمصر.

ويمكن القول إن الزيارة، التي استمرت يومين، كان يراد لها في المقام الأول، ترتيب أوراق "حميدتي" في الداخل، والقفز بأسهم الرجل المعروف بعلاقته الوطيدة بـ"السيسي"، فوق رئيس مجلس السيادة "عبدالفتاح البرهان"، ورئيس الحكومة "عبد الله حمدوك".

كذلك من المتوقع أن يلعب "حميدتي" صاحب العلاقات المتوازنة بالنظامين المصري والإثيوبي، دور وساطة بينهما لتقريب وجهات النظر والوصول إلى اتفاق بشأن "سد النهضة"، إضافة إلى أدوار جديدة في ملفات أخرى ذات أولوية بالنسبة إلى مصر.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية