الآلاف مهددون بفقد وظائفهم.. كورونا يخنق أسواق العمل بالخليج

الجمعة 20 مارس 2020 07:21 م

يفرض تفشي فيروس "كورونا" المستجد، المزيد من الضغوط على سوق العمالة في دول الخليج، والتي بدأت فعليا في تلقي قرارات التسريح والأجازات دون راتب، وخفض الرواتب.

ويؤثر تمدد الفيروس على خطط التوظيف المقررة سلفا، مع اتجاه العديد من الشركات لتقليص العمالة وتحويل موظفين للعمل عن بعد، بما يعني فقدان العديد من الوظائف، وارتفاع معدلات البطالة.

ووفق تقديرات صادرة عن منظمة العمل الدولية، فإن ما يقرب من 25 مليون فرصة عمل يمكن أن تفقد في جميع أنحاء العالم، نتيجة لوباء "كورونا".

ويمكن أن يتسبب الفيروس بخسارة أكثر من 1.7 ملايين وظيفة في العالم العربي، بحسب لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا "الإسكوا".

قرارات تسريح

خلال الأيام الماضية، كانت العمالة الوافدة تحديدا أكثر المتأثرين بالفيروس، جراء تضرر الطلب على السفر، وتراجع حركة النقل، وتدهور النشاط السياحي وخدمات الفندقة والضيافة والترفيه.

ففي قطر، استغنت الخطوط الجوية القطرية عن نحو 200 موظف فلبيني، بينهم مهندسون وعاملو صيانة، في محاولة من الشركة للحد من خسائرها، والتعامل مع الوضع الراهن.

كذلك دعت طيران الإمارات (يبلغ عدد موظفيها أكثر من 100 ألف بينهم 4 آلاف طيار)، العاملين بها إلى أخذ إجازات غير مدفوعة الأجر.

واوقفت الشركة التوظيف وأبلغت موظفيها بأن وباء فيروس كورونا قد يكون أكبر تحد تواجهه منذ سنوات عديدة، مع تواصل خفض الرحلات.

والشهر الماضي، استغنى بنك أبوظبي عن مئات الوظائف، فيما قام بنك الإمارات دبي الوطني، أكبر بنك في دبي، بخفض حوالي 100 وظيفة.

كذلك دفع التباطؤ في صناعة السياحة، مجموعة "جميرا" الفندقية الحكومية(مقرها دبي)، التي تدير 24 منشأة في 8 دول، إلى تسريح نحو 500 موظف.

حجر منزلي

في السعودية، تسبب تعليق تأشيرات العمرة في خسائر فادحة لشركات السياحة والفندقة، وفقدان الآلاف من فرص العمل الموسمية التي تنتعش في مثل هذا الموسم. 

كذلك ألزمت السلطات السعودية، جمیع الشركات والمؤسسات بتطبيق الحجر المنزلي لمدة 14 یوما من تاریخ القدوم لجمیع العمالة الوافدة من خارج المملكة.

وأخضعت الكويت آلاف من العمال الأجانب في البلاد لإجراءت فحص كورونا، وكذلك ألزمت الوافدين القادمين إليها من عدة دول بتقديم شهادات خلو من الفيروس.

وفي سلطنة عمان، قررت اللجنة العليا للتعامل مع فيروس كورونا، وقف دخول غير العمانيين إلى أراضي السلطنة من جميع المنافذ البرية والبحرية والجوية، باستثناء مواطني دول مجلس التعاون الخليجي.

وتقوم فرق التفتيش والسلامة المهنية في البحرين بزيارات ميدانية لمساكن العمال الوافدين، ضمن إجراءات احترازية لتفادي انتشار الفيروس.

من المرجح أن تضر جهود احتواء المرض، بشكل مباشر وغير مباشر، بفرص العمل، والدخول الشهرية، سواء للمواطنين أو الوافدين، ويشمل ذلك قرارات مثل قرارات إغلاق الأسواق والمجمعات التجارية، ووقف المسارح ودور السينما والفعاليات الرياضية والفنية وغيرها.

تزايد البطالة

يضغط "كورونا" بشدة على قطاع الخدمات، وهو المصدر الرئيسي لفرص العمل في المنطقة العربية، والخليجية تحديدا، وسط توقعات بتزايد معدلات البطالة، وانخفاض دخل العاملين.

ومن المتوقع في ظل تزامن أزمة "كورونا" مع انهيار أسواق النفط، وتضرر موازنات دول الخليج، أن تتأثر فرص العمل في جميع القطاعات.

ويتركز ذلك الانخفاض بشكل رئيسي في قطاع الضيافة، يليه قطاعات الطيران والأعمال اللوجستية وتنظيم المناسبات.

كذلك يلقي استمرار أزمة الفيروس للشهر الثالث على التوالي، بتداعيات سلبية على أي خطط مستقبلية للتوظيف، كما يضر بالطلب على العمالة الوافدة، خاصة من البلدان الموبوءة، أو التي تشهد نسب إصابة مرتفعة.

وفي ظل تنامي التوجه نحو العمل عن بعد، من المتوقع الطلب من موظفي الإدارة والموارد البشرية في مجالات الضيافة والطيران والتخطيط اللوجستي وغير ذلك، العمل من المنزل أو أخذ إجازات غير مدفوعة.

ويفيد مسح أجراه "جلف تالانت" (موقع متخصص في خدمات التوظيف)، أن ثلث أرباب العمل في الخليج يخططون لتشغيل الموظفين من المنزل.

وأضاف الموقع أنه تلقى ردودا من 1600 مدير تنفيذي لشركات وخبراء موارد بشرية في دول مجلس التعاون الخليجي الست، تفيد بإمكانية أن تطلب 35% من الشركات التي تتخذ من الخليج مقرا لها من الموظفين العمل من المنزل.

مستقبلا، قد يغير العمل عن بعد بشكل جذري الطريقة التي تعمل بها شركات القطاع الخاص في بلدان الخليج، مع اتجاه بعض الشركات الاحتفاظ بعدد من الموظفين عن بعد، والتخلي عن آخرين، بدعوى عدم الحاجة إليهم، أوعدم تكيفم مع طريقة العمل الجديدة. 

إجراءات دعم

وفي مواجهة الصورة القاتمة لأوضاع سوق العمل في الخليج، تسعى حكومات المنطقة لتحفيز القطاعات المالية والاقتصادية، بما يقلل من آثار "كورونا" على الاقتصاد في البلاد.

ففي قطر، من المقرر أن تقدم الحكومة 75 مليار دولار لدعم القطاع الخاص، خاصة في مجالات قطاع الأعمال والعمالة والمستهلكين والمستثمرين، بخلاف تأجيل أقساط القروض لمدة ستة أشهر.

وتهدف حزمة الإجراءات القطرية إلى تعزيز قدرة الشركات على الوفاء بالتزاماتها من رواتب وإيجارات وغيرها، بعد تراجع إيراداتها وتدفقاتها المالية.

وفي الإطار ذاته، يشجع قرار الدوحة إعفاء السلع الغذائية والطبية من الرسوم الجمركية لمدة ستة أشهر، يشجع شركات القطاع على استيراد السلع لتوفير الإمدادات للأسواق المحلية.

وعلى النهج نفسه، قدم مصرف الإمارات المركزي، حزمة تحفيز بقيمة 27 مليار دولار لدعم تمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة عن طريق البنوك المحلية، وأعلنت الحكومة نيتها دعم فواتير المرافق، إضافة إلى خفض رسوم تسجيل العقارات والشركات الجديدة ودعم قطاعي السياحة والضيافة.

وفي السعودية، خصصت مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي)، 50 مليار ريال لدعم القطاع الخاص، وتحفيز المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وقررت تأجيل دفع مستحقات القطاع المالي (البنوك وشركات التمويل) لمدة ستة أشهر، ومنح تسهيلات للقروض، بما يساهم في دعم النمو الاقتصادي والمحافظة على مستويات التوظيف.

وأقر مجلس الوزراء الكويتي، مشروع قانون لزيادة ميزانية الوزارات والحكومة بقيمة 500 مليون دينار للعام 2021/2020 لتجاوز تداعيات "كورونا".

وخصصت البحرين حزمة اقتصادية بقيمة 4.3 مليارات دينار، لدفع رواتب المواطنين بالقطاع الخاص لمدة 3 شهور، والتكفل بفواتير الكهرباء والماء لكافة المشتركين، وإعفاء المؤسسات التجارية والصناعية والسياحة من الرسوم، ورفع قدرة الإقراض لدى البنوك، لتأجيل الأقساط أو للتمويل الإضافي.

وأعلن البنك المركزي العُماني، حزمة قرارات تحفيزية تتعلق بالبنوك وشركات الصرافة والتمويل، تستهدف توفير سيولة إضافية متاحة في حدود 8 مليارات ريال (20.8 مليارات دولار)، لتسهيل الإقراض في القطاعات التي قد تتأثر بالأوضاع الراهنة بما فيها قطاعات الرعاية الصحية، والسفر والسياحة.

ربما تنجح تلك الإجراءات في تخفيف تداعيات "كورونا" على سوق العمل، شريطة احتواء الفيروس خلال الشهرين المقبلين، لكن مع استمرار أمد الأزمة، فمن المرجح أن تتسبب في تغييرات هيكلية في سوق العمل، وسوف تكون العمالة الوافدة أول المتضررين من هذه التغييرات.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

دول الخليج على شفا كارثة بسبب حرب أسعار النفط الحالية

العفو الدولية تدعو دول الخليج لضمان حقوق العمال الأجانب

العمل الدولية: كورونا دمر أكثر من 25 مليون وظيفة في العالم

كورونا يهدد 32 ألف كويتي بفقدان وظائفهم