كورونا يحفز انتشار المعلومات المضللة عبر منطقة الشرق الأوسط

الأربعاء 25 مارس 2020 05:30 م

منذ انتشار الفيروس في مقاطعة هوبي الصينية تم تأكيد أكثر من 265 ألف حالة مصابة و أكثر من 11 ألف حالة وفاة. ويعتقد أن الفيروس انتشر للمرة الأولى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في أواخر يناير/كانون الثاني عندما وصل إلى مدينة قم الإيرانية، وهي موقع حج شيعي شهير. منذ ذلك الحين، أصبحت الدولة التي يبلغ عدد سكانها 89 مليون نسمة مركزًا جديدًا للفيروس. خلق الفيروس حالة طوارئ وطنية مع ما مجموعه 1433 حالة وفاة مؤكدة و 19644 حالة مؤكدة، بما في ذلك حالات عدد من المسؤولين الحكوميين البارزين مثل نائب وزير الصحة، وأثار القلق في جميع أنحاء المنطقة. لكن التفشي لا يقتصر على إيران بأي حال، فلدى دول الخليج أيضًا عدد متزايد من الحالات: 274 في السعودية، 460 في قطر، و285 في البحرين. مع استمرار انتشار المرض وإجراء المزيد من الاختبارات، من المرجح أن تزداد هذه الأرقام.

تعد الحكومات متهمة بالتقليل من أهمية التأثير المحتمل للفيروس لأسباب سياسية واقتصادية. ربما لعبت الانتخابات البرلمانية الإيرانية في 21 فبراير/شباط دورا في نقل عدوى الفيروس بسرعة. أدى خوف الحكومة من انخفاض إقبال الناخبين إلى عمل وسائل الإعلام التي تديرها الدولة على التقليل من خطورة الوضع، بالرغم من وجود أدلة على انتشار العدوى. عندما كانت نسبة المشاركة في الانتخابات 42.6%، انتقد المرشد الإيراني الأعلى "علي خامنئي" في كلمة له يوم 23 فبراير/شباط "الأعداء" بسبب "الدعاية السلبية" التي أبقت الناخبين في منازلهم.

وقد حاولت البيانات العامة التي أدلى بها بعض المسؤولين أيضًا تهدئة المخاوف بشأن الفيروس. حيث وصف الرئيس التنفيذي للخطوط الجوية القطرية انتقال الفيروس  بأنه عامل خوف وليس تهديدًا، وفي مصر، ربما لعبت المخاوف بشأن تأثير الفيروس على صناعة السياحة دورًا في التقارير الحكومية الصامتة حتى الآن. ففي الوقت الذي تم تأكيد 256 حالة رسمياً في مصر، قدر باحثو جامعة تورنتو العدد الإجمالي للحالات بنحو 6000 حالة.

كما رأينا في إيران ومصر، تميل الحكومات الاستبدادية إلى الحد من الشفافية حول حالات التفشي للحفاظ على السيطرة والحفاظ على مظهر "العمل كالمعتاد". بدأت هذه الواجهات في الانهيار مع تفاقم الوضع. يموت في إيران شخص واحد من المرض كل 10 دقائق. ومع ذلك، تواصل الحكومة السماح بتجمعات دينية واسعة النطاق في قم وتتلاعب بالأعداد الرسمية للقتلى والمصابين، وذلك وفقًا لتقرير صادر عن صحيفة "نيويورك تايمز". وقد حدت الاستجابات الأولية الصامتة والمشوهة من قدرة العاملين في المجال الطبي والمنظمات الدولية على تقييم الوباء والاستجابة له بشكل مناسب.

في الأسابيع الأخيرة، استفادت الحكومات الإقليمية والشخصيات الإعلامية من القلق العام ونقص المعلومات لمهاجمة المنافسين السياسيين. أصدرت وزارة الداخلية في البحرين يوم الجمعة بيانا وصفت فيه وصول الفيروس من إيران إلى البحرين بأنه "شكل من أشكال العدوان المحظور دوليا". في المملكة العربية السعودية، صرح مجلس الوزراء، الذي يرأسه الملك "سلمان"، في اجتماع 10 مارس/آذار أن "إيران تتحمل المسؤولية المباشرة عن تفشي الفيروس". قد تؤدي هذه التصريحات إلى تفاقم التوترات الطائفية في الخليج المتوتر بالفعل، مع الحد من فرص التعاون الدولي بشأن الوباء.

كما تسبب الفيروس في توتر العلاقات بين دول مجلس التعاون الخليجي أيضا. على تويتر، ألقت هاشتاجات مثل #قطر_هي_كورونا باللوم على قطر كمصدر للفيروس. نشأت عبارة "قطر هي كورونا" في تغريدة قامت بها "نورة المطيري"، صحفية أردنية مستقلة ادعت أن قطر مولت تطوير وانتشار الفيروس. بالرغم من أن "المطيري"، التي لديها أكثر من 200 ألف متابع على تويتر، زعمت لاحقًا أن التغريدة كانت سخرية، فقد تم استخدام الهاشتاج مئات المرات منذ ذلك الحين، مما أدى إلى تشويه الحقيقة وتفاقم الانقسامات.

كان مجلس التعاون الخليجي في حالة أزمة منذ عام 2017، عندما قطعت كتلة من الدول بقيادة السعودية والإمارات ومصر والبحرين العلاقات الدبلوماسية مع قطر وفرضت حصارًا عليها، بحجة دعم قطري مزعوم للجماعات الإرهابية. لعب اختراق وكالة الأنباء القطرية دورًا رئيسيًا في إشعال الأزمة، ومنذ ذلك الحين أصبحت حملات التضليل سمة متكررة للعلاقة بين قطر والكتلة الرباعية.

وصلت عدوى "كورونا" بعد أسابيع فقط من انهيار المحادثات لحل أزمة دول مجلس التعاون الخليجي في أوائل فبراير/شباط، مما وفر فرصة جديدة لوسائل الإعلام عبر الإنترنت لإثارة الخلاف.

إن إخفاء الحقيقة والتلاعب بها حول "كورونا" لا يقتصر على الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. حيث شارك "تشاو ليجيان"، المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، في نظرية مؤامرة مفادها أن الفيروس تم إنشاؤه في مختبر عسكري أمريكي. كما كذب الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" مرارًا وتكرارًا بشأن رد إدارته على الفيروس، وألقى باللوم في نقص الاختبارات على إدارة أوباما.

تتفاقم المخاوف المتزايدة والروايات الكاذبة المحيطة بالفيروس مع التوترات السياسية القائمة بينما تحجب هذه الروايات المخاطر الصحية المشروعة لملايين الناس. يمثل الوباء المستمر قضية عالمية تتطلب تعاونا دوليا واستجابة سريعة. إن السياسات التي تثير التوترات الإقليمية بينما تضلل الجمهور تزيد الأمور سوءًا.

المصدر | ريان جريس - ميدل ايست آي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

فيروس كورونا تداعيات كورونا مكافحة كورونا