استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

ولا يزالون مختلفين!

الأحد 12 أبريل 2020 08:59 ص

  • أهو عالم جديد ونظام كوني سينشأ على انقاض النظام المتهاوي، ام أنه نسخة محسنة من النظام القائم؟
  • هل كورونا تطور طبيعي لطفرة جينية للفيروس ام أنه منتج برمجيات جينية خبيثة مصنعة في مختبرات بيولوجية؟
  • هل الفيروس القاتل صيني؟ ام أنه أميركي؟ سخروا منه واستخفوا بقدرته قبل أن يجتاح الكون ويفتك بالكثير من ضحاياه!
  • هل تعيد المنظومة تنظيم ذاتها في مستوى أعلى من التطوير والتحسين وتلاشي الثغرات والتذبذبات والمفآجات.
  • هل تنحل وتتلاشى تلك المنظومة، فيما يُسمى بمرحلة التحول الطَّوري  بفعل المؤثرات القوية على المنظومة بكاملها؟
  • هل تصبح الحالة أكثر تعقيداً من حالتها الابتدائية بتشعباتها الثلاثة: الهادئة أو الكارثية أو الانفجارية حيث يكون التحول مفاجئًا؟
  • المستقبل المنشود يعتمد على قناعة الدول العميقة الفاعلة ذات النفوذ والقدرة بأهمية: البناء الجديد وإمكانية التعاون وليس التصارع بينها.

*     *     *

في قصيدة "يا نائـح الطلحِ" المتميزة بمطلعها ومتنها يهتف أمير الشعراء أحمد شوقي ويقول:

يا نائح الطلحِ أشباهٌ عواديـنا   ***   نَشْجَى لواديـك أم نأسَى لواديـنا...

فإنَ يَكُ الجنسُ يا ابن الطَّلْحِ فرّفنا *** إن المصائب يجمعنَ المُصابينا

إنْ كانت المصائب حقاً يجمعن المصابينا، فإن الجوائح تستدعي الطواعينَا.

في مقدمة تاريخه وبعد أن كتب ابن خلدون عن أهوال رافقت طاعونًا اجتاح العالم عام  749هـ - 1348م، ختم بالقول: «وإذا تبدلت الأحوالُ جملةً، فكأنما تبدل الخلق من أصله، وتحوّل العالم بأسره، وكأنه خلقٌ جديدٌ، ونشأةٌ مستأنفةٌ، وعالَمٌ مُحدَث».

في قراءة الجائحة ومواجهتها اختلف الناس في كل شيء {ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم ..}. فقد اختلفوا منذ البدايات: هل كورونا تطور طبيعي لطفرة جينية للفيروس ام أنه منتج برمجيات جينية خبيثة مصنعة في مختبرات بيولوجية؟

واختلفوا في هوية القاتل الصغير هل هو صيني؟ ام أنه أميركي؟ سخروا منه واستخفوا بقدرته قبل أن يجتاح الكون ويفتك بالكثير من ضحاياه!

تبادل الفرقاء الاتهامات بإخفاء المعلومات وعدد المصابين، والتوظيف السياسي والايدلوجي لتفسير الجائحة ونتائجها، واختلفوا أيضا في طريقة المواجهة من الحجر الصحي ومنع السفر وحظر التجوال والتباعد الفيزيائي مقابل تحدي الفايروس واستمرار عجلة الإنتاج و"مناعة القطيع".

اختلفوا في تقدير الموقف، وقراءة المستقبل، وهو الأهم! وتخلى الكثير من المحللين والمفكرين عن فضيلة التواضع في استقراء المستقبل، وأصبح الجميع أو الغالب يتحدث بلغة اليقين الذي لا يحتمل الخطأ عند  النظر إلى ما بعد كورونا: أهو عالم جديد ونظام كوني سينشأ على انقاض النظام المتهاوي، ام أنه نسخة محسنة من النظام القائم؟

واستطال الخلاف أيضاً على هوية وماهية القادم الجديد! وحسب نظرية الشواش (الفوضى) العميقة deep chaos؛  فإما أن تعيد:

1. المنظومة تنظيم ذاتها في مستوى أعلى من التطوير والتحسين وتلاشي الثغرات والتذبذبات والمفآجات. أو

2. تنحل وتتلاشى تلك المنظومة، فيما يُسمى بمرحلة التحول الطَّوري  بفعل المؤثرات القوية على المنظومة بكاملها، وتصبح الحالة أكثر تعقيداً من حالتها الابتدائية، بتشعباتها الثلاثة: الهادئة أو الكارثية أو الانفجارية!

حيث يكون التحول مفاجئاً، والانتقال سريعاً من نظام إلى آخر، يقوم على مفاعيل الاقتصاد التشاركي والاستخدام الامثل للموجودات والتخلص من الحمولات الفائضة من التوظيف والبطالة المقنعة ذات الطابع الاسترضائي، باتجاه حوكمة عالمية اكثر رشدا يعقلنها الخطر غير العقلاني المتأتي من شواش/فوضى الثورة الصناعية الرابعة.

المستقبل المفعم بالاحلام السعيدة يعتمد على تشكل القناعة لدى الدول العميقة الفاعلة ذات النفوذ والقدرة بأهمية البناء الجديد أولا وإمكانية التعاون وليس التصارع بينها ثانياً.

من سيقود التغيير؟

إن كان البعض يعتقد بحماسةً مفرطة بأن الصين بنظامها الشيوعي والشمولي هي الوريث الجديد لقيادة البشرية بعد أن تهاوت الرأسمالية تحت مطارق الجائحة الكورونية، فإن آخرين يرجحون قدرة وإمكانية أميركا الجديدة في قيادة التشكيل الجديد الذي يتطلب حجما من التغيرات التي ستطرأ على البنية الأميركية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والصحية.

النظريات والديناميات الفاعلة لن تسمح بالعودة إلى المرحلة التي مزقتها الجائحة ولم تعد صالحة للبقاء، كما أن منطق الحرب الباردة وسباق التسلح وعسكرية الفضاء، وأسطورة نهاية التاريخ قد تلاشت من الذاكرة والوجدان، وأصبحت من المخلفات المنتهية الصلاحية وغير القابلة للاستمرار.

باختصار: بدأت الرحلة نحو المستقبل الخالي أو المتخفف من الكوارث المصنوعة بأيدي البشر، مع حفظ الأمن العالمي والسلم الدولي بعد أن فشل مجلس الأمن في مهمته التي أنشأ من أجلها.

لكن ذلك لن يتحقق ما لم تنته الفجوات الإنتاجية بين الشمال والجنوب بغزارة المنتج وعدالة التوزيع ، بحيث لا تتفشى بقع الفوضى والاضطراب التي ستهدد العالم من جديد.

الرحلة انطلقت بقوة وعنفوان وبدأت بترجمة تطبيقاتها العلمية والعملية وستصل إلى محطتها الأخيرة مهما كانت المعيقات!

  • زكي بني ارشيد - الأمين العام السابق لجبهة العمل الإسلامي في الأردن

المصدر | السبيل الأردنية

  كلمات مفتاحية