هل تستفيد أمريكا من الصدام العسكري مع إيران في ظل كورونا؟

الاثنين 13 أبريل 2020 12:03 ص

منذ ما يقرب من 2000 عام، اختارت الإمبراطورية الرومانية خوض معركة جديدة مع منافس قديم، وبعد التوغلات الفارسية في سوريا، شن الجيش الروماني حملة عسكرية أدت إلى نتائج عكسية.

وبالرغم من أن الجيش الروماني تمكن من هزيمة الفرس بالقرب من بغداد الحالية، لكنه عاد إلى روما بنوع من الأمراض المعدية، ربما كان الجدري.

ومنذ تلك اللحظة، أصاب "الطاعون الأنتوني"، المعروف أيضا باسم "طاعون جالينوس"، الإمبراطورية الرومانية لأكثر من 20 عاما، وقتل ما يصل إلى 1 من كل 5 في مدينة الإسكندرية وحدها.

وكان الجدري متوطنا بالفعل في روما، لكن الهجوم على بلاد فارس جعل مشاكل روما الصحية لا تعد ولا تحصى.

ولسوء الحظ، لم يلتفت القادة الحاليون في الولايات المتحدة إلى هذه القصة التحذيرية، ومع تعرض معظم البلاد لتفشي وباء الفيروس التاجي الجديد "كوفيد-19"، وانهيار الاقتصاد العالمي، قد يعتقد المرء أن إدارة "ترامب" لديها ما يكفي للتعامل معه بالفعل.

ومع ذلك، لا تزال التوترات مع إيران عالية، والحرب ليست احتمالا بعيدا، ومما زاد الطين بلة أن أطراف في الإدارة ما زالت مصرة على إثارة الصراع مع إيران، ويمكن لهذا الأمر أن يرتد على الولايات المتحدة بتداعيات مدمرة، كما اكتشف الرومان.

ولا تزال العلاقة بين الولايات المتحدة وإيران مشحونة، حتى إن خفت حدة التوتر إلى حد ما منذ مقتل الجنرال "قاسم سليماني" في بداية هذا العام.

وفي الآونة الأخيرة، وضعت إيران صواريخ جديدة حول الخليج العربي، ونظرت الولايات المتحدة في تنفيذ ضربات عسكرية كبرى.

ومثل أسلافهم الفرس، يحمل الجيش الإيراني اليوم أهدافا توسعية في سوريا، ولا تزال الولايات المتحدة وإيران على مقربة من حافة الهاوية بشكل غير مريح.

وفي هذا السياق العدائي، أدى الفيروس التاجي إلى تعقيد الأمور، وللأسف، رفض الجانبان التحرك بشكل تعاوني للتخفيف من حدة الوباء.

وفي حين تتحمل إيران بالتأكيد بعض اللوم، فإن رفض المساعدة الأمريكية على أساس "نظرية مؤامرة لا أساس لها"، كما هددت حملة عقوبات "أقصى ضغط" من قبل إدارة "ترامب"، الإيرانيين والأمريكيين على حد سواء.

وتسبب هذه العقوبات معاناة لا داعي لها لمواطني البلدان المستهدفة، ولا يتطلب تعليق جزء منها الآن النظر فقط للاعتبارات الإنسانية، فالفيروس التاجي جائحة، ويعني هذا أن مكافحة انتشاره في أي مكان يجب أن يكون مصدر قلق للجميع.

ويعد سعي الولايات المتحدة لمنع قرض صندوق النقد الدولي لإيران خطوة قصيرة النظر، لأنها تفترض خطأ أن الحد من انتشار الفيروس التاجي في إيران لن يساعد في وقف انتشاره في الولايات المتحدة، لكن الحقيقة هي أن تفاقم الوباء في بلد خصم لا تجعل بلدك أكثر أمانا.

ولإعادة صياغة الفكرة، كلما ساعدت الولايات المتحدة في محاربة الفيروس التاجي في إيران، قل ما يتعين عليها مكافحته داخل الأراضي الأمريكية، ويجب أن يكون واضحا الآن أن هذا الفيروس لا يحترم الحدود.

ومع وجود عناصر في الحكومتين لا تزال "تتوق إلى القتال"، فإن الإجراءات، بما في ذلك العقوبات، التي تزيد من خطر المواجهة العسكرية، هي مجرد حماقة.

وبالنظر إلى مشاكل الاستعداد التي يواجهها الجيش الأمريكي بالفعل بسبب فيروس "كورونا"، يبدو الآن أن الوقت غير مناسب تماما للبحث عن مواجهة مع جيش إيراني من المحتمل أن يكون موبوءا بالمرض.

علاوة على ذلك، حتى إذا نجح المتشددون في إدارة "ترامب" في تغيير النظام الإيراني عسكريا، فإن عدم الاستقرار الناتج سيؤدي بالتأكيد إلى تسريع انتشار الفيروس التاجي.

وكما قال "فيليب جوردون"، من مجلس العلاقات الخارجية: "من العدل التساؤل عما إذا كان الانهيار السياسي والاجتماعي لبلد يبلغ عدد سكانه 80 مليون نسمة، في وقت تنتشر فيه جائحة عالمية، من مصلحة الولايات المتحدة أو أي شخص".

بعبارة أخرى، إذا انهارت طهران، فقد تحقق الولايات المتحدة نفس الانتصار الملوث بالمرض الذي حققه الرومان المنتصرون عام 166.

ومن الواضح، كما أشار آخرون مؤخرا، أن الولايات المتحدة بحاجة إلى نهج جديد للأمن القومي، يعطي الأولوية للتهديدات الحقيقية والمشتركة التي يواجهها الأمريكيون، بما في ذلك الأمراض وتغير المناخ والانتشار النووي.

وسيكون هذا النهج جيدا ضمن تقاليد السياسة الخارجية الأمريكية. وفي ذروة الحرب الباردة، عملت الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي معا على مكافحة الأمراض المعدية مثل الجدري.

وافتتح الرئيس "كينيدي" إدارته بإعلان "النضال ضد الأعداء المشتركين للإنسان، الاستبداد والفقر والمرض، والحرب نفسها"، وتوجت هذه الجهود باتفاقيات تاريخية، مثل معاهدة منع الانتشار النووي.

وفي الواقع، عمل الرئيس "أوباما" مع المنافسين الأوتوقراطيين في بكين وموسكو لتحقيق اتفاق باريس بشأن المناخ، والاتفاق النووي الإيراني، بينما واجههما في نفس الوقت عندما اصطدمت المصالح الأخرى.

والآن، يجب أن يعمل الجميع معا لمكافحة التهديد المشترك، وبالنظر إلى هذا الفيروس، فإنه مثل التهديدات العشوائية الأخرى كتغير المناخ وأسلحة الدمار الشامل، قادم لنا جميعا.

ويحتاج مجلس الأمن القومي الأمريكي إلى إعادة تقييم تعريفاته للأمن القومي، ويعد إدراك أخطار الحرب الناجحة عسكريا مع إيران مكانا جيدا للبدء، وليس عليهم سوى سؤال الرومان فقط.

المصدر | أكشاي فيكرام | ريسبونسيبل كرافت - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

فيروس كورونا تداعيات كورونا المواجهة الأمريكية الإيرانية الطاعون

ظريف: على أمريكا التوقف عن منع إيران من بيع النفط

إيران تسجل 4585 حالة وفاة بسبب فيروس كورونا مع تخفيف القيود

بعد حادثة الزوارق الإيرانية.. ظريف: ماذا يفعل الأمريكيون في الخليج؟