هل يصمد «وقف إطلاق النار» في حرب النفط الراهنة؟

الثلاثاء 14 أبريل 2020 09:59 ص

هل يصمد «وقف إطلاق النار» في حرب النفط الراهنة؟

تلقى بن سلمان الآمر الأول بشنّ حرب النفط هزيمة جديدة ضمن لمغامراته الاقتصادية والسياسية والعسكرية.

لم تكن المصادفة وحدها وراء اقتران الهزيمة النفطية بقرار التحالف السعودي الإماراتي وقف إطلاق النار من جانب واحد في باليمن.  

إذعان الرياض بمثابة ترجمة مباشرة لتهديدات أعضاء بالكونغرس حول قطع المساعدات إذا واصلت إغراق الأسواق وإلحاق الأذى بالنفط الأمريكي.

*     *     *

تدخل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في حرب إنتاج النفط التي اندلعت بين السعودية وروسيا مؤخراً، وتسببت في هبوط حاد بسعر البرميل وصل إلى 20 دولاراً بعد قرار الرياض زيادة إنتاجها بمعدل «تاريخي» تجاوز 13 مليون برميل يومياً.

وكما توقعت دوائر نفطية وتقارير صحافية أمريكية، كان «وقف إطلاق النار» الأخير في معارك النفط قد اقتضى ضغوطاً مباشرة مارسها ترامب على الرياض، أسفرت عن رضوخ المملكة والانضمام إلى التسوية التي توصلت إليها مجموعة «أوبك +» وقضت بخفض للإنتاج، تاريخي بدوره، بلغ 9.7 مليون برميل يومياُ، وهذا مقدار يعادل نحو 10% من الإنتاج المطروح عالمياً في الأسواق.

وأعلن الرئيس الأمريكي أمس أن أكبر الدول المصدرة للنفط في العالم تدرس إمكان خفض الانتاج بمقدار 20 مليون برميل يوميا بموجب اتفاق يهدف الى تعزيز الاسعار.

وهو ما أكده وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، الذي قال إن الخفض الفعلي لإنتاج النفط من جانب تحالف (أوبك+) ومنتجين آخرين تعهدوا بتقليص الإنتاج، سيتجاوز 19.5 مليون برميل.

ولم يتردد الرئيس ترامب في التغريد بأنّ هذا الاتفاق «سينقذ مئات الآلاف من الوظائف في قطاع الطاقة داخل الولايات المتحدة»، وقد استكمل وزير الطاقة الأمريكي الثناء على دور رئيسه في إتمام صفقة «أوبك +» وهو الذي كان في طليعة المنادين بالضغط على السعودية لدفعها إلى الانسحاب من منظمة أوبك وتشكيل تحالف نفطي ثنائي مع الولايات المتحدة.

كذلك يبدو إذعان الرياض بمثابة ترجمة مباشرة للتهديدات التي أطلقها بعض أعضاء الكونغرس، من الجمهوريين بصفة خاصة، حول قطع المساعدات عن المملكة إذا واصلت انخراطها في قيادة حرب النفط وإغراق الأسواق وإلحاق الأذى بالإنتاج النفطي الأمريكي.

وهكذا فإن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الآمر الأول بشنّ هذه الحرب النفطية الأخيرة، يكون بذلك قد تلقى هزيمة جديدة أخرى ضمن سلسلة مغامراته الاقتصادية والسياسية والعسكرية، لم تكن المصادفة وحدها وراء اقترانها بقرار التحالف السعودي ــ الإماراتي وقف إطلاق النار من جانب واحد في اليمن.

ولقد كان فاضحاً حقاً مقارنة الخضوع السعودي لضغوطات ترامب بموقف المكسيك في التمسك بعدم تحفيض الإنتاج حسب معدل الـ400 ألف برميل يومياً التي قررتها لها مجموعة «أوبك +».

فاضطر الرئيس الأمريكي إلى التدخل هنا أيضاً والإذعان لطلب المكسيك عن طريق التعهد بأن الولايات المتحدة ستعوض حصة الإنتاج المكسيكية بمقدار 250 ألف برميل من النفط الأمريكي تُطرح في الأسواق تحت «تصنيف» مكسيكي.

وهذا درس بليغ حول كيفية دفاع الأمم عن مصالحها أياً كانت الضغوطات، وكذلك حول حق الأمم في عدم الانجرار إلى حروب ثنائية أو ثلاثية يديرها العمالقة في سوق النفط.

وليس خافياً أن توسط ترامب مع الرئيس المكسيكي مباشرة انتهى إلى تلبية المصلحة القومية المكسيكية من جهة، ثمّ المصلحة القومية الأمريكية من جهة ثانية، على حساب المصالح السعودية التي لم تجد من يدافع عنها.

كذلك لا يخفى أن موقف المكسيك أخذ بعين الاعتبار حقائق تجارب الماضي القريب في جولات تخفيض لم تحقق الكثير المطلوب في ميدان ضبط الأسعار واستقرارها، ولم تكن أزمة العام 2016 وما أعقبها من تخفيضات العام 2017 سوى أحدث الأمثلة.

يبقى أن عدداً غير قليل من مراقبي حرب النفط الأخيرة ينظرون بارتياب كبير إلى «وقف إطلاق النار» الذي توصل إليه ترامب مع الرئيس الروسي وولي العهد السعودي، لسبب جوهري بسيط هو أن الحرب الأخرى مع جائحة كورونا وعواقبها على استهلاك النفط وأسعار البرميل، لا يلوح انها ستضع أوزارها قريباً.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

النفط الرخيص يمهد لتآكل احتياطات الشرق الأوسط