وباء الاستبداد أخطر على مسلمي الهند من كورونا

الثلاثاء 14 أبريل 2020 06:49 م

ثبت أن مقاطع الفيديو المزيفة الفيروسية أكثر فتكا وخطرا على مسلمي الهند البالغ عددهم 200 مليون مسلم (11% من سكان العالم الإسلامي) من فيروس "كورونا" نفسه؛ حيث تؤجج حكومة "ناريندرا مودي" الاستقطاب المجتمعي لدفع أجندتها القومية الهندوسية في خضم أزمة وطنية.

من وجهة نظر الحكومة، قام "كورونا" بما فشلت في تحقيقه منذ ديسمبر/كانون الأول 2019؛ وهو سحق الاحتجاجات الممتدة على مستوى البلاد ضد قوانين المواطنة المعادية للمسلمين، والمعروفة باسم "قانون تعديل المواطنة" و"السجل الوطني للمواطنين".

ما أثار استياء الحكومة أن تلك الاحتجاجات وحدت العلمانيين من المسلمين والهندوس والمسيحيين والبوذيين والسيخ والداليت ضد جهود الحزب الحاكم الفجة لتحويل الديمقراطية العلمانية للبلاد إلى دولة دينية هندوسية استبدادية.

بالنسبة للمسلمين، أدت جائحة "كورونا" إلى تفاقم ما بدأته المذبحة المعادية للمسلمين في نيودلهي، وقدمت سببا إضافيا للقوميين الهندوس المتشددين في البلاد لإساءة معاملتهم وتشويه سمعتهم.

  • تعزيز الإسلاموفوبيا

بدأ الأمر عندما تبين أن 10 مواطنين إندونيسيين -جميعهم مسلمون- أصيبوا بالفيروس في 19 مارس/آذار، بعد 10 أيام تقريبا من حضور اجتماع سنوي عقدته جماعة "تبليغي جماعت"، وهي جماعة دعوية مسلمة، في مسجد "نظام الدين".

انضمت الجماعات الهندوسية القومية للحكومة في استغلال التجمع المسلم لتحميل المسلمين المسؤولية وحدهم زورا عن نشر الفيروس القاتل في جميع أنحاء البلاد. إذ تم نشر هاشتاجات "كورونا جهاد" #CoronaJihad و"الجهاد البيولوجي" #BioJihad على الفور تقريبا عبر منصات التواصل الاجتماعي مئات الآلاف من المرات.

وقال أستاذ العلوم السياسية المساعد في جامعة "جواهر لال نهرو" في دلهي، "أمير علي"، لمجلة "تايم": "لقد انتقلت الإسلاموفوبيا إلى قضية كورونا".

أصبح إلقاء اللوم في جائحة "كورونا" على المسلمين عادة قاتلة، مع توالي القصص الإخبارية المزيفة ومقاطع الفيديو الفيروسية التي تم التلاعب بها عبر "فيسبوك" و"تويتر" و"تيك توك" و"واتساب"، على الرغم من أن مجموعات التحقق من الحقائق عبر الإنترنت سرعان ما تفندها وتدحضها.

تتضمن عينة من القصص الإخبارية المزيفة الأكثر انتشارا ما يلي: "مسلم يبصق على الفواكه لنشر كورونا"، "مسلمون يمنعون مؤن الهندوس في كراتشي"، "عامل مسلم في مطعم يبصق في الطعام لنشر كورونا"، "أجانب مسلمون مصابون بكورونا يختبؤون في مسجد باتنا"، "مسلمون يعطسون معا لنشر كورونا"، "مسلم يبصق على شرطي لنشر كورونا"، "مسلمون يلعقون الأوعية لنشر كورونا" و"مسلم مصاب بكورونا يضرب كاهنا هندوسيا".

تمت مشاركة هذه القصص المزيفة ملايين المرات، وهي تقدم بالضبط ما كان من المفترض أن تفعله؛ التحريض على العنف والتمييز ضد المسلمين على أمل تشجيع تهجيرهم، فيما يرقى إلى شكل بطيء من التطهير العرقي.

في 5 أبريل/نيسان، تعرض مسجدان في ولايتي بيلاجافي وكارناتاكا للهجوم من قبل عصابة من 22 متطرفا هندوسيا. والإثنين، اعتدى غوغاء على 3 صيادين مسلمين في قرية باجالاكوت؛ حيث اتهموهم بنشر "كورونا".

يظهر مقطع فيديو الرجال وهم يتوسلون لمهاجميهم من أجل الرحمة قبل أن يُضربوا بالعصي والقضبان الخشبية، بينما يصرخ أحد الغوغاء: "أنتم أيها الناس (المسلمون) تنشرون المرض. لماذا تأتون إلى قريتنا؟ هل تعرفون كم عدد القتلى؟".

في مدينة بنجالور، تم الاعتداء على 3 من عمال الإغاثة الإنسانية المسلمين أثناء توصيل الطعام للمحتاجين بعد اتهامهم زورا بأن لهم صلات مع جماعة "الدعوة الإسلامية".

وفي ولاية أروناشال، تعرض سائقو شاحنات مسلمون للضرب المبرح على يد مجموعة من المتطرفين الهندوس. فيما ظهر مقطع فيديو لضابط شرطة، الأسبوع الماضي، يهاجم أحد المشاة المسلمين في الشارع، وهو يصرخ: "أنت (كلمة بذيئة). بسببكم (أي: المسلمون) ينتشر كورونا في هذا البلد".

  • مباركة الحكومة

هذه مجرد عينة صغيرة من نوع الهجمات التي يستهدف فيها القوميون الهندوس المتشددون أكبر أقلية دينية في الهند، وهي اعتداءات وحشية بقدر ما هي متكررة.

الواقع أن هذه الهجمات تتمتع بموافقة ضمنية من الحكومة الهندية الحالية. ويتضح ذلك في الطريقة التي شارك بها عشرات من ضباط شرطة نيودلهي في أعمال الشغب التي وقعت في فبراير / شباط، والتي خلفت أكثر من 50 قتيلًا مسلمًا، حيث تم إعدام العديد منهم في وضح النهار على مرأى كاميرات المراقبة.

عندما يشير أعضاء الحزب الحاكم في البلاد علنا إلى المسلمين على أنهم "خونة" و "آفات" و"يجب إطلاق النار عليهم"، فإن ذلك يؤسس للإسلاموفوبيا على جميع مستويات المجتمع المدني؛ مما يؤدي إلى عواقب اقتصادية وتعليمية وسياسية وصحية لـ200 مليون من معتنقي العقيدة الإسلامية.

وكتبت الصحفية الهندية المسلمة "رنا أيوب"، في عمودها بصحيفة "واشنطن بوست": "من المؤسف أنه خلال هذه الأزمة العالمية، وفي الوقت الذي يجب فيه أن نضع كل الكراهية جانبا، يجبرني بلدي وقادته على التركيز على التحيز مرة أخرى، ويكشفون عن أزمة أخلاقية حادة ومقلقة".

إن التمييز الذي شجعته الحكومة يضيف مأساة على المأساة خلال جائحة "كورونا"، وهي حقيقة أعُطيت وجها إنسانيا عندما رفض الأطباء في مستشفى بولاية راجاستان توليد امرأة حامل لأنها كانت مسلمة، وتوفي المولود بعد ساعات داخل سيارة إسعاف.

وقال زوج المرأة لصحيفة "إنديان إكسبريس" المحلية: "في غرفة المخاض، سأل الأطباء عن اسمي وعنواني. أخبرتهم. سألوني إن كنت مسلما. قلت نعم. عندها انزعجوا وقالوا إذا كنت مسلما فلن تحصل على أي علاج هنا".

الأمر الأكثر إثارة للقلق هو حقيقة أن الشرطة تستخدم "كورونا" كأداة للإرهاب ضد المسلمين في الأحياء الفقيرة، بما في ذلك الروايات التي تفيد بأن ضباط شرطة نيودلهي يستغلون ذريعة التحقيقات في مذبحة المدينة الأخيرة ضد المسلمين لخطف الشباب المسلمين ويهددونهم بالتعرض القسري للفيروس.

في الوقت الذي تقع فيه أكبر الدول الديموقراطية في العالم وثاني أكبر دولة في قبضة مكافحة فيروس لا يميز بين الأديان -وهي معركة يمكن أن تزج بالاقتصاد الهندي إلى دوامة مميتة- تثير الحكومة نيران الاستقطاب الطائفي لدفع البلاد إلى الاقتراب من هوية دولة هندوسية فاشية.

المصدر | سي جاي ويرلمان/ ميدل إيست آي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

قانون المواطنة الهندي الهند الجماعات الهندوسية المتطرفة

الهند تتهم جماعة الدعوة والتبليغ بنشر كورونا

حظر التجول يفاقم معاناة مسلمي أراكان بمخيمات الهند

هندي يقطع لسانه قربانا للآلهة حتى توقف كورونا