مصر.. حق التبرؤ للنجاة من قمع أسر المعارضين بالخارج

الثلاثاء 14 أبريل 2020 09:07 م

ظهرت "لجين" ابنة الممثل المصري المقيم في الخارج، "محمد شومان"، في مقطع فيديو على "فيسبوك" تعلن التبرؤ من والدها المعروف بمعارضته للنظام، وتطالبه بعدم التدخل في شؤون أسرتها، بعد أيام من اعتقال أخيها وعمها من قبل سلطات النظام.

وكان "شومان" أصدر، مؤخرا، بيانا يطالب فيه المنظمات الحقوقية بالتدخل للإفراج عن ابنه وشقيقه، معتبرا أن اعتقالهما من قبل النظام المصري؛ جاء انتقاما منه بسبب مشاركته في الفيلم المصري "بسبوسة بالقشطة" الذي يتناول أوضاع المعتقلين المصريين في البلاد.

لا تعتبر "لجين" ووالدها "محمد شومان" حالة فردية؛ إذ ينتهج النظام المصري سياسة ملاحقة أسر المعارضين المصريين بالخارج، والضغط عليهم بعدما فشلت سياسة إصدار عشرات الأحكام المشددة ضد المقيمين في الخارج بسبب عدم قدرته على الوصول إليهم.

وتهدف تلك السياسة إلى إرهاب المعارضين لإسكاتهم خوفا على ذويهم، أو دفع أهلهم للخروج في فيديوهات علنية يتبرؤون فيها من ذويهم وتشويههم أمام الرأي العام، بغرض اتقاء شر النظام وملاحقاته الأمنية.

قالت "لجين"، في ذلك الفيديو، إنها سعت لحذف اسم "والدها" من هويتها الرسمية، واتهمته بأنه يروج لفيلمه الأخير على حسابهم، مشيرة إلى أن أخاها سيخرج بمجرد أن يتأكدوا أنه لا صلة له بوالده.

واحتفت وسائل الإعلام المحلية بالفيديو، وبثته مرارا وتكرارا، كما استضافت عبر الهاتف نجلة "شومان" لتكرار ما قالته.

في السياق ذاته، قالت السيدة "شيرين هلال" (طليقة شومان)، في مداخلة هاتفية مع إحدى الفضائيات، إنها انفصلت عنه في وقت مبكر حينما لمست "ميوله الدينية المتشددة، لدرجة أنه كشف لها عن رغبته قبل 30 عاما في التطوع للجهاد في أفغانستان"، حسب وصفها.

وتابعت أن ابنها (الذي اعتقلته الشرطة المصرية) في أيد أمينة، وسيفرجون عنه عندما يتثبتون من عدم تواصله مع والده.

  • حق التبرؤ للنجاة

جاءت الحملة على "شومان" عقب إصداره بيانا عبر صفحته على "فيسبوك" حول قيام قوات الأمن باعتقال نجله "أحمد" ونجل شقيقه "فؤاد" في فبراير/شباط الماضي وإخفائهما قسريا عدة أيام. ثم وجهت النيابة لهما لاحقا اتهامات بـ"الانتماء لجماعة إرهابية"، وواصلت التجديد لهما وحبسهما على ذمة التحقيق.

وقال الفنان المصري إن الاعتقال محض تصفية حسابات سياسية، وعملية انتقامية خارج إطار القانون، بعد مشاركته في فيلم "بسبوسة بالقشطة"، والضجة التي أحدثها بعد فوزه بالجائزة الماسية بمهرجان الفيلم الأوروبي، خاصة أنه يتحدث عن التعذيب والانتهاكات في السجون المصرية.

وتعليقا على ما قالته ابنته "لجين"، قال "شومان": "قناعتي وقناعات كثير من المعارضين في الخارج أن من حق أسرتي أن تفعل ذلك، ولا أعتبرهم أخطأوا، ربنا يسلمهم من كل سوء ويحميهم وينجيهم مما هم فيه من ظلم وبطش واعتقال".

كما أشار إلى أن قائمة المعتقلين من أسرته أصبحت تضم أربعة، وهم: "نجلي أحمد، وشقيقي فؤاد، ونجله هشام، ونجل شقيقي الأكبر أحمد المعتقل منذ عامين، ويتم تجديد حبسهم على ذمة التحقيق، بلا أي تهمة واضحة"، حسب ما نقله موقع "الجزيرة نت".

وشدد "شومان" على أن النظام الحاكم في مصر "بني على باطل ووصل لمرحلة الخيانة"، مضيفا: "مواقف خيانة النظام واضحة، سواء في التفريط في تيران وصنافير، ومياه النيل في اتفاقية سد النهضة، أو حصاره غزة، والتطبيع مع الكيان الصهيوني، والمشاركة مع خليفة حفتر في حربه على الشعب الليبي، مما يؤكد أنه نظام تجاوز مرحلة الخيانة والنفاق واستخدام الأساليب الخسيسة، فلا أستغرب ما يقوم به مع أسرتي".

وأضاف: "أقول لابنتي وكل أفراد أسرتي ربنا يسلمكم وينجيكم، أما النظام المصري وأعوانه وإعلامه فأقول له تصرفاتكم لن تثنينا عن الاستمرار في ما نقدمه، ولن نتراجع عن طريق الحق".

يذكر أن "شومان" خرج من مصر عقب مذبحة رابعة العدوية، في أغسطس/آب 2013، وسافر إلى تركيا ليقدم هناك أعمالا فنية ومسلسلات، كان آخرها فيلم "بسبوسة بالقشطة".

وصدر حكم غيابي ضد "شومان" بالسجن 5 سنوات بتهم معتادة مع معظم المعارضين الهاربين إلى الخارج، وأبرزها "الانتماء لجماعة أسست على خلاف القانون"، و"نشر أخبار كاذبة".

وشارك "شومان" في عدد من الأعمال الفنية قبل سفره مع نجوم معروفين، مثل "عادل إمام"، وعدد من الممثلين الآخرين.

  • "اختيار" عبدالله الشريف

لا تعتبر أسرة "شومان" حالة فريدة بين أسر المعارضين في الخارج الذين بدأ استهدافهم بضراوة؛ إذ شمل ذلك أسرة المدون و"اليوتيوبر" الشهير "عبدالله الشريف".

إذ أكد "الشريف" تعرضه هو الآخر لحملات تشويه من قبل إعلاميين مؤيدين لنظام السيسي خلال الفترة الأخيرة.

وتحدث عن تعرض أسرته لمضايقات عدة من قبل الجهات الأمنية في مصر، خاصة بعد نشره تسريبات من داخل القصور الرئاسية والمباني التي تحدث عنها الممثل والمقاول "محمد علي".

وأشار "الشريف" إلى قيام إعلام النظام بالتسجيل مع والده وجيرانه بمحافظة الإسكندرية (شمال) للتبرؤ منه واتهامه بالخيانة.

وفي أعقاب نشر "اليوتيوبر" الشهير  حلقة "الاختيار"، التي تضمنت مقطعا مسربا لأحد ضباط الجيش المصري وهو يمثل بجثمان شاب في شمال سيناء؛ قامت الأجهزة الأمنية باعتقال شقيقيه "أحمد" و"عمرو"، وتم إخفاؤهما قسريا.

وشدد "الشريف" على أن النظام المصري يلجأ لهذه "الأساليب الرخيصة؛ لكي يضغط بها على معارضيه، ظنا منه أنهم سيتراجعون ويتوقفون عن معارضته.

وأضاف: "أعلم جيدا جُرم هذا النظام وإذا تراجعت عما أقدمه فلن يؤثر في قرارهم بخصوص أشقائي، فلذلك أنا سأستكمل ما أقدمه ولن يثنيني ما يفعلونه، والحلقات القادمة ستعبر عن ذلك".

  • قمع جماعي

وفي تعليقه على تلك السياسة، قال المدير التنفيذي لمنظمة "كوميتي فور جستس" الحقوقية "أحمد مفرح" إن الانتقام من المعارضين أو المدافعين عن حقوق الإنسان عن طريق التعرض لعائلاتهم بالتهديد أو القبض والحبس؛ يعد نمطا من أنماط القمع الجماعي الذي ينتهك أبسط معايير العدالة.

وأكد "مفرح" أن ذلك يعطي دليلا جديدا على تحول مسار أجهزة العدالة في مصر من أجهزة تعمل بموجب القانون، إلى أجهزة أقرب لممارسات المليشيات المسلحة والعصابات، التي تستخدم الأهالي من أجل الانتقام.

وسبق أن جرت مضايقات مماثلة لأسر عدد من الإعلاميين المعارضين، مثل "محمد ناصر" و"سامي كمالالدين" و"عماد البحيري"، و"معتز مطر" رغم أن بعض هؤلاء المعارضين طالب ذويهم بإعلان التبرؤ منهم للنجاة بأنفسهم مما يمكن أن يلحق بهم على يد السلطات انتقاما من المعارضين.

المصدر | الخليج الجديد + الجزيرة.نت

  كلمات مفتاحية

محمد شومان عبد الله الشريف

اعتقال ذوي المعارضين.. سلاح النظام المصري لإسكات منتقديه

القلق يساور الناشطين المصريين في الخارج.. لماذا؟