لماذا تلعب أبوظبي بالبطاقة الإيرانية الآن؟

الاثنين 20 أبريل 2020 02:27 م

فاجأت الإمارات الكثيرين بإرسال المساعدات الطبية التي تشتد الحاجة إليها إلى إيران وسط تفشي وباء الفيروس التاجي المستجد "كوفيد-19".

منذ عام 2010، كانت أبوظبي في طليعة شبكة للتأثير على سياسة واشنطن لتبني موقف أكثر صرامة تجاه طهران.

ومع ذلك، مع تصاعد التوترات في الخليج منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني، أصبح من الواضح للإمارات أنها لا تستطيع الاعتماد على واشنطن لمحاربة إيران حتى آخر أمريكي.

الصمت المطبق

قوبلت الهجمات المباشرة على منشآت النفط السعودية في بقيق وخريص في سبتمبر/أيلول الماضي، والتي ألقي باللوم فيها على إيران، بصمت مطبق من واشنطن. وقد أدركت أبوظبي والرياض أن احتواء إيران لم يعد ممكنًا بالوسائل العسكرية على الأقل.

تغيرت استراتيجية أبوظبي تجاه إيران خلال العام الماضي بشكل ملحوظ، حيث حافظت بقبول معلن لاستراتيجية الولايات المتحدة الفاشلة تجاه إيران بينما كانت تسعى بنشاط نحو الشرق لموازنة اعتمادها المفرط على البيت الأبيض الذي أصبح مضللاً بشكل متزايد.

في هذا السياق، يجب فهم العلاقة الإماراتية المعقدة مع إيران على أنها تتبع مبدأ "إذا لم تتمكن من هزيمتهم، كن صديقهم".

خلال العقد الماضي، انطلقت الإمارات مع السعودية لمواجهة التهديد الإيراني، وركزت معظم قرارات المشتريات العسكرية على تطوير أنظمة دفاع صاروخية قوية في مواجهة إيران.

ضاعفت أبوظبي وسط تقارب إدارة "أوباما" مع الجمهورية الإسلامية، من سياستها للاكتفاء الذاتي العسكري ضد ما كان يُنظر إليه على أنه وجود إيراني موسع في المنطقة.

حتى إن أبوظبي ذهبت إلى حد الضغط على الصين للتخلي عن علاقاتها التجارية المتنامية مع إيران وجاء كل ذلك بينما كانت الإمارات الأخرى في شمال البلاد تقود سياسة أكثر تصالحية.

استفادت دبي، بصفتها المركز المالي والتجاري للإمارات، إلى أقصى حد من تجارة الإمارات بقيمة 19 مليار دولار مع إيران ولم يكن لديها اهتمام كبير بقطع العلاقات مع طهران. كانت الشركات التي تتخذ من دبي والإمارات الشمالية مقراً لها تساعد بنشاط في تهريب النفط من إيران لتجاوز العقوبات الأمريكية.

طموحات عالمية

تسارعت وتيرة تطور السياسة الإماراتية الغامضة تجاه إيران مع نمو الطموحات المحلية والإقليمية وحتى العالمية للنخبة الحاكمة في أبوظبي. حيث أعاد الربيع العربي وصعود مجتمع مدني مستقل قادر على إسقاط الأنظمة القديمة ترتيب أولويات التهديدات لأمن النظام في عاصمة الإمارات.

أدرك ولي العهد "محمد بن زايد" أن الجهود المضادة للثورات من شأنها أن تجعل دولة الإمارات تشرف على أجزاء أخرى من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بعد عام 2013، بعد الفراغ الذي تركه الغرب المتراجع.

إن الدور الإماراتي الفعال في المساعدة على الإطاحة بالرئيس المصري "محمد مرسي" في عام 2013، وفي مساعدة أمير الحرب "خليفة حفتر" على تدمير العملية السياسية في ليبيا منذ عام 2014، أعطى "بن زايد" الثقة بأن أبوظبي يمكن أن تخترق طريقا أكبر من حجمها لبناء إمبراطورية تجارية مدعومة بمحور استبدادي يستجيب لأوامرها. وكانت إيران، وإن كانت مصدر إزعاج في بعض الأحيان، تبدو أقل تهديدًا لهذا المشروع الإماراتي.

وبينما عززت أبوظبي سلطتها على اتحاد الإمارات السبع، يمكن اللعب بـ"البطاقة الإيرانية" لجعل الإمارات الشمالية على نفس الخط، وخاصة دبي.

ويعتبر مكافحة الأنشطة النفطية غير المشروعة مع إيران أو غسيل الأموال الإيرانية في دبي هو أكثر من مجرد وسيلة لإرضاء إدارة "ترامب"، لأنه وسيلة لقطع أي طموحات في دبي أو الشارقة أو رأس الخيمة للحفاظ على استقلالية العلاقة مع الجمهورية الإسلامية.

يمكن أيضًا استخدام البطاقة الإيرانية في واشنطن لدعم رواية أبوظبي كحليف موثوق به لدعم سياسة "أقصى ضغط" لإدارة "ترامب". أبقى خطاب أبوظبي العدائي المناهض لإيران واشنطن على تواصل، مما دفع الولايات المتحدة إلى غض الطرف عن انتهاكات الإمارات للقانون الدولي في ليبيا وجرائم الحرب في اليمن.

أقصى ضغط

ومع ذلك، مع تصاعد مخاطر تصعيد الولايات المتحدة لحملة "أقصى ضغط" ضد إيران في صيف عام 2019، أدركت أبوظبي أن الموازنة بين المخاوف المتعلقة بالأمن القومي وسياسة الولايات المتحدة تجاه إيران ستصبح مغامرة خطيرة.

وهكذا، بينما يدعم "بن زايد" الولايات المتحدة شكليا في جهود احتواء أنشطة إيران في المنطقة، كانت هناك علامات متزايدة على انخراط أبوظبي بشكل مباشر مع إيران في محاولة للتراجع.

وقد توقفت الإمارات قبل أن توجه أصابع الاتهام مباشرة إلى إيران عندما تمت مهاجمة ناقلات النفط قبالة شاطئ الفجيرة العام الماضي، ويعتبر ذلك دليلا على إعادة توجيه بوصلة أبوظبي تجاه طهران.

وفي اليمن، حيث يُعتقد أن الإمارات تقاتل الحوثيين كوكيل إيراني، أعادت أبوظبي توجيه تركيزها نحو تأمين الوصول إلى المحيط الهندي من خلال "المجلس الانتقالي الجنوبي" وهذا يأتي على حساب سياسة السعودية أكثر من سياسة إيران في اليمن.

وفي الوقت نفسه، كانت استجابة الإمارات الاستباقية لـ"كورونا" في الداخل وسيلة لأبوظبي لإبراز القوة في الخارج. وتأتي مساعدة الإمارات لإيران على خلفية بناء تحالفات وشراكات لتعزيز محورها الاستبدادي.

تأمل أبوظبي بدور المحاور الرئيسي مع المحور الثلاثي (روسيا والصين وإيران) وتأمل في استغلال أزمة "كورونا" للترويج للعبة القوة العظمى في عالم ما بعد الولايات المتحدة.

مع تنامي العلاقات مع دولة "بوتين" العميقة والصين، فإن دعم أبوظبي لإيران في خضم أزمة فيروس "كورونا" يعد جزءًا من مسار جديد يتمحور حول الشرق في الوقت الذي يجبر فيه فيروس "كورونا" الولايات المتحدة وأوروبا على الاستسلام أكثر من أي وقت مضى على مستوى القوة الخشنة والناعمة.

المصدر | أندرياس كريج - ميدل إيست آي-- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

العلاقات الإيرانية الإماراتية محمد بن زايد فيروس كورونا

إيران تعلن المشاركة في معرض إكسبو 2020 بالإمارات