الخيط الإسرائيلي في المتاهة الليبية

الاثنين 20 أبريل 2020 08:22 ص

  • لعلّ "الخيط الإسرائيلي" الذي يربط حفتر بمموليه هو أهم تفصيل في هذه المتاهة.
  • إسرائيل توفر الأسلحة لقوات حفتر يربط ذلك بنشوء محور يضم السعودية والإمارات ومصر وإسرائيل.
  • حكومة "الوفاق" هي التي أنهت تنظيم "الدولة الإسلامية" في سرت، في هجوم شارك فيه "مجلس شورى المجاهدين" في درنة الذين صفاهم حفتر.
  • يحمل محور حفتر راية اعتباطية لقتال "الإرهاب" و"الإسلاميين" بينما تضم ميليشياته حركة المداخلة خزان الأنظمة العربية ضد الحراكات الشعبية!

*     *     *

نشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني تقريرا للصحافي الإسرائيلي يوسي ميلمان عن الدعم الإسرائيلي لتمكين الجنرال المتمرد من السيطرة على ليبيا قال فيه إن إسرائيل تقوم بتوفير الأسلحة لقوات الأخير ويربطه بنشوء محور يضم السعودية والإمارات ومصر وإسرائيل.

يتمثل هذا التحالف بتقديم أنظمة دفاع جوي متقدمة مصنوعة في إسرائيل وتدفع ثمنها أبو ظبي فيما تساهم القاهرة في تسهيل مرورها جوا إلى ليبيا، وذلك بهدف مواجهة الطائرات التركيّة المسيّرة.

ويتم ذلك كلّه بإشراف جهاز المخابرات الخارجية الإسرائيلي، موساد، الذي ينسق العمليات والسياسات المتعلقة بليبيا وحفتر مع سلطات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وجنراله الاستخباراتي الأول، عباس كامل.

وهو ما أثمر عن لقاءات بين الموساد وحفتر في القاهرة في مناسبات عديدة، وأثمرت عن دورات عسكرية على يد ضباط إسرائيليين لقادة ميليشيات حفتر في أساليب الحرب وجمع المعلومات وتحليلها، وكذلك إجراءات القيادة والتحكم، كما أسهم الموساد في شراء أسلحة قنص ومناظير متقدمة تقنيا.

يذكر التقرير بالتفافة الزعيم الليبي السابق معمر القذافي، من العداء الشديد للغرب إلى مغازلة إسرائيل واقتراح إنشاء دولة "إسراطين"، وإرسال زوار ليبيين إلى القدس، وإطلاق سراح إسرائيليين اتهموا بالتجسس.

غير أن هذا "التأصيل" لعلاقة نظام القذافي بإسرائيل، على اعتبار أن حفتر كان أحد ضباط القذافي الكبار الذين شاركوا في انقلاب 1969 على النظام الملكي، لا يفسّر غير جزء بسيط من "المتاهة" الليبية.

كما أنه يقلّل من شأن تاريخ حفتر نفسه الذي "صنع اسما" لنفسه بعد هزيمته وأسره في تشاد عام 1987، ثم بترتيب المخابرات الأمريكية صفقة خروجه عام 1990 وانشقاقه على القذافي، مرورا بعودته إلى ليبيا عام 2011 واستلامه مناصب عسكرية ضمن قوات أطاحت بالقذافي قبل أن يصبح موضوع صفقة جديدة هدفها السيطرة على كامل التراب الليبي لصالح محور الإمارات ومصر والسعودية وإسرائيل وروسيا.

رغم المحور القويّ الداعم لحفتر فقد تعرّضت ميليشياته لهزيمة شنيعة مؤخرا حين تمكنت قوات "الوفاق" الليبية، المعترف بها حكومة شرعية أمميا، من تحرير الشريط الساحلي الغربيّ لليبيا وصولا إلى تونس، ثم انتقلت بعدها لحصار مدينة ترهونة الاستراتيجية.

وإذا تمكنت قوات "الوفاق" من السيطرة عليها أو تحييدها (كما فعلت بتحييد قاعدة الوطية الجوّية غرب البلاد مؤخرا)، فستكون قد أضعفت خطرا كبيرا كانت تشكله قوات الجنرال المتمرد ومرتزقة شركة فاغنر الروسية على طرابلس، ووضعت قوات حفتر جنوب البلاد في ورطة عسكرية كبيرة.

تفسّر طبيعة المحور الذي يرعى حفتر الطريقة الوحشية التي يتعامل بها مع المناطق التي يفتحها، كما حصل بإصداره أمرا بقتل الأسرى في مدينة درنة عام 2017 وهو المسار الذي تابعه لاحقا بسلسلة من أعمال القتل والتهجير وهدم البنى التحتية والمؤسسات، وصولا إلى إغلاق إنتاج وتصدير النفط، وقطع المياه والكهرباء عن مدن ومناطق غرب ليبيا، وقصف المشافي والأحياء المدنية بالصواريخ..

وكلّها تعتبر جرائم حرب بالمقاييس الدولية، وهي أمور تشارك فيها كل دول المحور الآنف، في ليبيا، كما في اليمن وسوريا وبلدان أخرى.

تعزّز المعارك الأخيرة اتجاها لانقسام جغرافيّ بين شرق ليبيا الذي يسيطر عليه الجنرال المتمرد (مع بعض الاستثناءات)، وغربها، حيث تسيطر "الوفاق"، كما يعزّز الدعم العسكري التركيّ للحكومة الشرعيّة تظهير محورين سياسيين يتصارعان على غاز ومياه البحر الأبيض المتوسط، وكذلك على مواجهة الحراك الديمقراطيّ والشعبيّ في المنطقة العربية، والقوى المناهضة للاحتلال والاستبداد.

يحمل محور حفتر، كما هو معلوم، الراية الاعتباطية لقتال "الإرهاب" و"الإخوان" و"الإسلاميين" بينما تضم ميليشياته حركة المداخلة، من السلفيين المتطرفين (أحد خزانات الأنظمة العربية ضد الحراكات الشعبية والديمقراطية)!

في حين كانت "الوفاق" هي التي أنهت تنظيم "الدولة الإسلامية" في سرت، في هجوم شارك فيه "مجلس شورى المجاهدين" في درنة، الذين تمت تصفيتهم على يد حفتر، ولعلّ "الخيط الإسرائيلي" الذي يربط حفتر بمموليه هو أهم تفصيل في هذه المتاهة.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

طائرة خاصة لأحد رجال حفتر تغادر من دبي إلى إسرائيل