لعبة صراع العروش في إسرائيل

الاثنين 20 أبريل 2020 12:40 م

مع تصدر الفيروس التاجي تقريبًا كل أخبار العالم، لا عجب أن نرى أن الأزمة السياسية المستمرة في (إسرائيل) لم تحصل على مزيد من التغطية.

لكن في حين ينشغل العالم، فإن (إسرائيل) تقدم نموذجًا لحكومة مختلة وظيفيا (وإن كانت ما تزال ديمقراطية)، فبعد أن أجريت 3 انتخابات في أقل من عام، تم نسف اتفاقية "حكومة الوحدة" المقترحة، ويحتمل إجراء انتخابات عامة رابعة في غضون أسابيع قليلة، والأسباب تبدو أقل أيديولوجية وأكثر شخصنة.

الشخص الذي يعد واجهة لهذا النموذج المختل هو "بينيامين نتنياهو"، الذي أصبح مؤخرًا رئيس الوزراء الإسرائيلي الأطول خدمة، متجاوزًا الأب المؤسس "ديفيد بن جوريون"، بفترة تتجاوز 14 عامًا وما تزال مستمرة.

يميل اليسار الإسرائيلي إلى رؤية "نتنياهو" باعتباره شبيهًا بالفاشيين، ومع ذلك، ينظر إليه السياسيون الإسرائيليون في أقصى اليمين، مثل وزير الدفاع الحالي "نفتالي بينيت"، على أنه ضعيف وغير موثوق به في قضايا مثل التوسع الاستيطاني وضم الضفة الغربية والتعامل مع حركة "حماس" في غزة.

لكن في الوقت ذاته، يحرص "بينيت" على الدخول في ائتلاف جديد مع "نتنياهو"، حيث إن "الليكود" هو أكبر حزب يمينيّ، مفضلًا عدم تضمين أي أحزاب محسوبة على الوسط، مثل حزب "بيني جانتس"؛ "أزرق أبيض"، الذي يتفاوض معه "نتنياهو" حاليًا مفاوضات جادة ظاهريًا بشأن التحالف.

"نتنياهو" هو المشكلة

المشكلة الأكبر حتى الآن في الانتخابات الثلاثة الأخيرة هي "نتنياهو" نفسه، الذي يواجه حاليًا اتهامات بالاحتيال والرشوة وانتهاك الثقة؛ وكان من المقرر أن تبدأ محاكمته في 27 مارس/آذار، ولكن تم تأجيلها في اللحظة الأخيرة بسبب فيروس "كورونا".

الشيء الوحيد الذي وحّد 4 فصائل متباينة معًا في حزب "أزرق أبيض" كان وعدًا تم الإعلان عنه مرارًا بعدم الدخول أبدًا في تحالف مع "نتنياهو"، إلا إذا وجده القضاء غير مذنب.

ولذلك، عندما أعلن "جانتس" فجأة مفاوضاته الائتلافية مع "نتنياهو" في أوائل أبريل/نيسان، مع بقاء "نتنياهو" كرئيس للوزراء، انقسم حزبه على الفور.

بقي مع "جانتس" في حزب "أزرق أبيض" 19 عضوا منتخبا في الكنيست، وأعلن الـ14 الآخرون أنهم سيكونون في المعارضة.

أكد "جانتس" أن الفيروس التاجي يمثل حالة طوارئ للحكومة، وأنه سيحد من تجاوزات "نتنياهو"، وسوف يتناوب على رئاسة الوزراء بعد 18 شهرًا أو إذا غادر "نتنياهو" لأي سبب آخر، وسيُكتب هذا في القانون.

أخذ أعداء "نتنياهو" المتباينون يراقبون اجتذاب الائتلاف المرتقب أيضًا 3 من أصل 4 أعضاء بالكنيست ينتمون لحزب العمل المنهار، مع أنهم أقسموا أيضًا على عدم الخدمة مع رئيس وزراء متهم، حتى وصلت المفاوضات إلى عقبة غير متوقعة.

طالب "الليكود" باستخدام حق "الفيتو" على الاختيار القضائي، والذي ظل عادة قضية غير حزبية إلى حد كبير.

ورفض "جانتس" ذلك، ورأى النقاد أن الشاغل الرئيسي لدى "نتنياهو" كان وقف مثوله أمام المحكمة أو منع حكم محتمل من المحكمة العليا بأن الشخص المتهم لا يمكنه تشكيل حكومة، وهناك بالفعل حظر تشريعي ضد العمل كوزير.

مفاجأة اللحظة الأخيرة

كان من المقرر أن ينتهي تفويض "جانتس" بتشكيل الحكومة (التي كان من المقرر أن يرأسها خصمه)، يوم الاثنين 13 أبريل/نيسان، طلب "جانتس" تمديدًا لمدة أسبوعين بعد المدة التي كانت مقررة بـ28 يومًا، وهو تمديد يتم منحه بشكل روتيني، ولكن وفقًا لتقدير الرئيس.

يشغل وظيفة الرئيس "رؤوفين ريفلين"، وهو من "الليكود" منذ زمن، لكن لديه نزاعًا محتدمًا وعلنيًا مع رئيس الوزراء، كما أنه مصمم على تجنب إجراء انتخابات رابعة.

ولهذا؛ فبدلاً من منح "جانتس" تمديدًا أو إعطاء التفويض لـ"نتنياهو"، باعتباره الشخص الآخر الوحيد الذي لديه فرصة فعالة للحصول على 61 صوتًا من الكنيست اللازمة لتشكيل الحكومة، قدم الفرصة إلى الكنيست بأكمله، مما يمكن أي عضو كنيست لديه 61 صوتًا من تشكيل الحكومة الجديدة مع مهلة 3 أسابيع.

يضع ذلك ضغوطا إضافية على "نتنياهو" للانضمام إلى اتفاقية التحالف التي تم التوقيع عليها تقريبا.

رئيس الكنيست الحالي هو "بيني جانتس"، وإذا رأى أن "نتنياهو" يعرقل الأمور ليضيع الوقت ويفرض انتخابات رابعة -والتي تشير استطلاعات الرأي الحالية إلى أنه سيفوز فيها بسهولة إذا أُجريت الآن- فيمكنه تحديد موعد للتصويت على مشروع قانون يمنع أي شخص متهم من تشكيل حكومة.

وبالرغم أنه ليس لديه الـ61 صوتًا اللازمة لتشكيل حكومة بمفرده، إلا إنه قد يكون قادرًا على تمرير مثل هذا القانون، نظرًا لعدد الأعداء الذين جمعهم "نتنياهو".

قد يدفع التهديد بمثل هذا التطور "نتنياهو" إلى إسقاط مطالبه القضائية والانضمام إلى التحالف المرتقب.

لم يحدث ذلك حتى الآن، وقد منح "ريفلين" -تحت ضغط كبير- "جانتس" تمديدًا لمدة يومين، لكن ذلك انتهى يوم الأربعاء في منتصف الليل بدون أي تقدم واضح.

التفويض لدى الكنيست الآن؛ ولكن حتى الآن ليس هناك ما يشير إلى أن "جانتس" سيشرع في مشروع قانون يقصي الشخص المتهم من تشكيل حكومة، ويخشى مناهضو "نتنياهو" بشدة من افتقاره إلى جرأة القيام بذلك.

الافتقار للأيديولوجية

في حين لا تغيب الكراهية الشخصية عن السياسة، فإن الأمر الملحوظ هنا هو الافتقار التام تقريبًا إلى الدوافع الأيديولوجية، فـ"جانتس" مرشح تقريبا لمجرد أنه جنرال سابق ولأنه ليس "نتنياهو".

كما سارع معظم بقايا حزب العمل، والذي كان ذات يوم حامل لواء "اليسار" الإسرائيلي، للانضمام إلى تحالف يضم بعض أكثر الأحزاب اليمينية في (إسرائيل).

يبدو أن الجهود ضد الفيروس التاجي (الذي يعد ظاهريًا سبب تراجع "جانتس" عن التحالف المناهض لنتنياهو) تسير بشكل جيد، حتى بدون وجود حكومة حقيقية في السلطة.

يعد هذا في المقام الأول صراعًا يتعلق بالشخصية والسلطة وتجنب دخول السجن بالنسبة لـ"نتنياهو"؛ أما السياسة فهي ليست في الحسبان حقًا.

تعد الظروف السياسية استثنائية للغاية -حتى بصرف النظر عن السياق العالمي للفيروس التاجي- لدرجة أن التقدير العقلاني لمصير الأمور يبدو مستحيلاً.

على الأقل هناك مواعيد نهائية صارمة يجب الالتزام بها؛ ففي غضون 3 أسابيع، يجب أن نعرف ما إذا كانت هناك حكومة ائتلافية جديدة أم انتخابات جديدة.

يبدو أن هذا لا يمكن أن يستمر، لكن هذا ما قلناه عندما تمت الدعوة لانتخابات ثانية في مثل هذا الوقت قبل عام، وتبدو مشكلة الفيروس التاجي أكثر قابلية للحل حاليًا من معضلة الانتخابات.

المصدر | باول شام - ميدل إيست إنستيتيوت - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الانتخابات الإسرائيلية بنيامين نتياهو بيني غانتس أبيض أزرق

48 ساعة.. مهلة أخيرة لتشكيل حكومة بإسرائيل