كيف أنقذ الحصار قطر من جائحة كورونا؟

الجمعة 24 أبريل 2020 02:16 م

"رب ضارة نافعة".. ربما يكون هذا هو لسان حال القطريين الذين يواجهون اليوم جائحة فيروس "كورونا"، مستندين إلى رصيد من الإمكانات والخبرات التي تمت مراكمتها خلال ثلاث سنوات من الحصار.

وخلال أكثر من 1000 يوم من الحصار الرباعي من قبل (السعودية، الإمارات، البحرين، مصر)، تعرضت قطر لإغلاق جميع المنافذ البحرية والبرية والجوية معها، وهو ما زاد من الضغوط الاقتصادية عليها.

لكن من حيث لا يدري القطريون، أهدى إليهم رباعي الحصار استراتيجية الصمود في مواجهة الكوارث والأزمات، ودفع بالدوحة إلى زيادة أمنها الغذائي والدوائي، وتنويع مواردها الاقتصادية.

أمن غذائي

خلال 3 سنوات، من عمر الحصار الذي يوشك أن يكمل عامه الرابع على التوالي، تمكنت قطر من تحقيق الاكتفاء الذاتي، بتوفير احتياجاتها الغذائية بنسبة تتعدى 80%.

وتمحورت الاستراتيجية القطرية حول توطين عدد من الاستثمارات في مجال الأمن الغذائي، مثل مشروع "مزرعتي" للإنتاج الزراعي والحيواني التابع للمجموعة الوطنية للتصنيع الزراعي والحيواني.

وينتج مشروع "مزرعتي" (بلغت تكلفته 113 مليون دولار) سبعة ملايين طائر سنويا كمرحلة أولى، ليحقق الاكتفاء الذاتي من الدجاج.

وتمتلك قطر ثروة حيوانية تقدر بنحو 1.6 مليون رأس من الماشية، منها مليون رأس من الأغنام.

ووفق وزير البلدية والبيئة القطري "عبدالله بن عبد العزيز السبيعي"، فقد بلغت نسبة الاكتفاء من إنتاج الدواجن الحية 100%.

وفي سبتمبر/أيلول 2018، دشنت "حصاد" الغذائية (إحدى شركات جهاز قطر للاستثمار)، شركة محاصيل للتسويق والخدمات الزراعية، بهدف تقديم الدعم للمزارعين المحليين، وتسويق إنتاجهم، وتوفير خدمات زراعية متنوعة، وذلك بهدف زيادة حجم وجودة الإنتاج المحلي، والمساهمة في تحقيق الاكتفاء الذاتي.

كذلك عززت الشركة الحكومية من استثماراتها، بدمج محفظة "حصاد أستراليا" المملوكة لها مع محفظة شركة "ميرا" الأسترالية، التي تدير أكثر من أربعة ملايين هكتار من الأراضي الزراعية في جميع أنحاء أستراليا، بما يساهم في تحقيق الأمن الغذائي لقطر.

ومن المتوقع أن يحقق السوق القطري نسبة اكتفاء ذاتي من الخضروات، تصل إلى 70% خلال السنوات الخمس المقبلة.

تأمين الحليب

عقب شهور من بدء الحصار الرباعي، اتجهت شركة "بلدنا للإنتاج الحيواني" (حكومية) لتأمين 35% من احتياجات البلاد من الحليب خلال فترة وجيزة، عبر استيراد 4 أربعة آلاف بقرة من أستراليا وأمريكا وألمانيا وهولندا.

وسرعان ما توسعت الشركة التي تمتد مزارعها على مساحة 2.6 مليون متر ، في جلب 14 ألف بقرة جديدة، ضمن خطط لملأ حظائرها الأربعين بنحو 24 ألف بقرة.

ومن قلب الحصار، تحولت قطر التي كانت تستورد أكثر من 90% من احتياجاتها من الحليب، إلى التصدير لدول عدة.

ويبلغ عدد مصانع الشركة لإنتاج الحليب ومشتقاته، والعصائر الطبيعية، ثلاثة مصانع متطورة سعتها الإنتاجية 900 طن يوميا.

احتياطي استراتيجي

وتوسعت الحكومة القطرية، في مشروعات الأمن الغذائي، فأطلقت مشروعا للاستزراع السمكي، ومشروعا لإنتاج الأعلاف الخضراء والجافة، ومشروع البيوت المحمية لإنتاج الخضروات والفواكه.

بموازة ذلك، جرى زيادة الطاقات التخزينية لأغراض الأمن الغذائي، والإمداد اللوجيستي لضمان تدفق السلع بالأسعار المناسبة.

وعمدت الدوحة إلى تنويع خطوط الإمداد، والتوجه إلى وجهات بديلة دون الحاجة لدول الحصار، وإقامة شراكات استثمارية مع بلدان آسيوية وأفريقية وأوروبية وبلدان من أمريكا الجنوبية.

وفي اتجاه تصاعدي، نمت احتياطيات الدوحة الاستراتيجية من السلع والمواد الغذائية، لتكفي البلاد لمدة عام كامل، ضمن خطط للوصول إلى مخزون يكفي عامين.

ومنحت تلك الإجراءت قطر صدارة قائمة الدول الخليجية والعربية، والمرتبة الـ13 عالميا، على مؤشر أمن الدول الغذائي لعام 2019، بمعدل قدره 81.2%، متفوقة على رباعي الحصار، الإمارات التي حلت في المركز الـ21 عالميا، والسعودية 30 عالميا، والبحرين الـ50 عالميا، ومصر الـ55 عالميا.

مخزون دوائي

وتمتلك قطر مخزونا استراتيجيا من الكمامات الطبية يصل إلى 10 ملايين كمامة طبية، إضافة إلى توافر أقنعة الوجه من فئة "N95" جاهزة للتوريد.

وقبل أيام، أعلنت الشركة القطرية للمستلزمات الطبية، قدرتها على تلبية حاجة السوق المحلي من الكمامات الطبية، وزيادة إنتاجية الشركة من المستلزمات الطبية بكافة أنواعها؛ لمواجهة فيروس "كورونا" المستجد.

وعبر فتح أسواق دوائية جديدة، تمكنت السلطات القطرية عقب الحصار من توفير مخزون من الأدوية والمستحضرات الطبية بكميات تمتد إلى 6 أشهر كمرحلة أولى، ليتم في العام 2018، رفع متوسط المخزون الدوائي ليصبح عاما كاملا.

وتعمل كلية "شمال الأطلنطي" في قطر، على تصنيع نموذجين محليين لأجهزة تنفس اصطناعي، بكوادر ومواد محلية.

محاور أخرى

الاكتفاء الذاتي القطري على صعيد الغذاء والدواء، مكنها من الصمود وضمان أداء جيد في أكثر القطاعات التي شهدت تراجعا بسبب تفشي الوباء في العالم.

بخلاف ذلك، حققت الدوحة طفرة ملحوظة في مجال الصناعة أيضا، حيث ارتفع عدد المصانع في قطر بعد الحصار إلى 823 مصنعا، مقابل 707 مصنعا نهاية 2016، بزيادة 116 مصنعا.

وقفز عدد الشركات المسجلة في "مركز قطر للمال" عام 2019 إلى 816 شركة، مقابل 612 شركة في 2018.

وقفزت أصول "جهاز قطر للاستثمار" (الصندوق السيادي القطري)، العام الماضي، إلى 335 مليار دولار، بزيادة 79 مليار دولار، عن استثماراته عام 2018.

ويثمن مراقبون، خطوة انسحاب قطر من منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" مطلع 2019، للتركيز على زيادة إنتاجها من الغاز الطبيعي المسال إلى 126 مليون طن سنويا بحلول عام 2027، من طاقة إنتاجية تبلغ حاليا 77 مليون طن سنويا.

ويؤخذ في الاعتبار أن عقود الغاز تكون طويلة الأجل (20-25 عاما)، لذلك يمكن القول إن قطر لن تتضرر كثيرا بانهيار أسعار النفط إلى ما دون الـ17 دولارا للبرميل، حيث تنتج نحو 600 آلاف برميل يوميا.

ويذهب 80% من إنتاج قطر من الغاز في الوقت الراهن لتلبية عقود توريد طويلة الأجل للعديد من المستهلكين.

خلاصة الأمر، فإن رياح الحصار جاءت بما لا تشتهيه السفن، حيث عمل على تقوية الاقتصاد القطري، ودفعت الدوحة لتأمين غذائها ودوائها وزيادة قدراتها الصحية، في مواجهة وباء عالمي، قد تستمر تداعياته لأعوام.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

فشل حصار قطر رباعي حصار قطر كورونا

شقيق أمير قطر: سنتجاوز كورونا كما كسرنا الحصار

مستشفى قطري يطور طريقة لإجراء اختبار فيروس كورونا

دعوة قطرية جديدة لإنهاء حصارها

مع اقتراب ذكراه الثالثة.. قطر: الحصار يهدد استقرار المنطقة

حقوق الإنسان القطرية توثق 4275 انتهاكا لدول الحصار