معجزة في الزنزانة 7.. عندما تحكم الفاشية

الخميس 23 أبريل 2020 09:11 ص

ماذا يحدث عندما يحكم العسكر قبضتهم على البلاد؟

وكيف تقتل الفاشية العسكرية أحلام البشر؟

حتى المهمشين منهم وأصحاب الإعاقات الذهنية معرضون للانتقام غير المبرر، ولدهس حياتهم تحت البسطال العسكري، إنهم يقتلون الأحلام بقوانين الطوارئ، ولكن هناك دوما أمل شريطة أن يكون المجتمع صحيحا في بنيته الإنسانية، وغير معتل الضمير الجمعي.

هذا ما أراد أن يخبرنا به صناع الفيلم التركي "معجزة في الزنزانة 7".

قصة بسيطة ودموع مشاهدين لم تتوقف

3 دعائم أساسية اعتمد عليها المخرج "محمد رضا أوزنتيكين" لرواية قصة فيلمه التي بدت بسيطة جدا، فالفيلم يحكي عن رجل لديه إعاقة ذهنية، ولديه ابنة صغيرة يتيمة الأم، هي كل عالمه الذي يعرفه، الطفلة هي دليل أبيها في الدنيا، وتعلقهما ببعض غير محدود، بل قل تعلق طفلين في نفس المرحلة العمرية.

لكنه يصطدمان بأحد كبار السادة الضباط الذي يقتل حلمهما، حقيبة مدرسية راحا يدخران ثمنها هي كل الحلم، وهي أيضا التي قادت إلى المأساة، ليجد الأب المعاق ذهنيا نفسه متهما بجريمة قتل لم يرتكبها، وملقى به في السجن في قضية مقتل ابنة الضابط.

بقدر بساطه القصة لكن الحبكة الدرامية، وتصاعد الأحداث المنظم، واللقطات التمهيدية التى شرحت لنا عالم الأب المعاق ذهنيا، والتي وضعتنا بعد ذلك في عمق العلاقة الإنساية بينه وبين ابنته، جعلت من السهل على المخرج أن يصدر رسائله العميقة لنا دون جهد.

اعتمد "رضا أوزنتكين" على 3 عوامل جلب بها تعاطف المشاهدين مع البطل، فقد رسم شخصيته ببراعة، بطل مريض ومظلوم في نفس الوقت، العامل الثاني كان في رسالته عن العسكر ورسمه لشخصية الضابط القاسية التي لا تتورع عن قتل شاهد النفي الوحيد، فضلا عن  تهديده حتى للقضاة من أجل استصدار حكم الإعدام.

اللقطات المركزة التي واجهتنا منذ اللحظات الأولى في الفيلم والتي ركزت على العسكر، وثقل تواجدهم في الحياة التركية، مع التركيز على لقطات مقربة للبنادق وتجول الجنود داخل القرى في لقطات عامه لهم، ومشاهد الاحتفالات العسكرية، وعجرفة الضابط منذ البداية، حتى اللقطات الأخيرة له على الشاشة، كلها وضعتنا في أجواء الرفض لهذه الحالة.

أخيرا لم ينس مخرج الفيلم أن يظهر قوة المجتمع المدني ونقاء الضمير الجمعي رغم كل شيء، فالسجناء يعتدون على الأب المظلوم لظنهم أنه قتل طفلة صغيرة، وهذا مرفوض في الضمير الجمعي للشعب التركي حتى لدى عتاة المجرمين، لذلك عندما اكتشفوا أن الأمر مجرد تلفيق وأن الرجل معاق ذهنيا، انقلبت طريقة تعاملهم معه وتحولوا  لمساعدته.

هناك أيضا معلمة المدرسة التى راحت ترعى الطفلة منذ اللحظة الأولى لغياب أبيها فهي تعلم أنه مظلوم، ومدير السجن المدني الذي يخالف الأوامر ويسعى لإنقاذه من الظلم، الكل اتحد إذن على إنقاذ مظلوم، والبحث عن فرصة لجعله ينجو.

نهاية غير متوقعة

اختار المخرج أن يصنع نهاية فيها شيء من اللامنطق، ولكنها مناسبة تماما للاسم "معجزة في الزنزانة 7"، فالسجناء في الفيلم جميعهم وبسبب هذا الأب المظلوم، وبسبب ابنته التي تعرفوا عليها عندما أدخلوها خلسة إلى الزنزانة في أول مظاهر رفضهم لتعنت العسكر، تتغير طباعهم، ويتحولون إلى مسار يتطهرون فيه من ذنوب الماضي.

ورغم عدم منطقية النهاية لكنها تتناسب فعليا مع الدراما التركية التي عادة ما تعتمد على اللامنطق المبدع والذي يجبرك على تقبله، في سير الأحداث، ومع ذلك فهي تتناسب مع الرسالة الأساسية التي أراد الفيلم أن يتركها مع كلمة النهاية.

فقد أراد صناع الفيلم في نهايته أن يتركوا لنا رسالة تعلق في برواز الذاكرة، أرادوا أن يقولوا إنه في زمن الفاشية العسكرية وديكتاتورية حكم الدبابة لابد للمجتمع المدني أن يتحد حتى يتم إنقاذ ضحايا الظلم.

فيلم مقتبس

"معجزة في الزنزانة 7" تم اقتباسه من فيلم فلبيني بنفس الاسم، وعرض الفيلمان في العام 2019، حيث عرض الفيلم الفلبيني في شهر يناير/كانون الثاني من ذلك العام، بينما عرض الفيلم التركي في أكتوبر/تشرين الأول من العام 2019، وهو إنتاج شركة "لا نيستر ميديا" التي حققت أرباحا من ورائه وصلت إلى 90 مليون ليرة تركية، إضافة إلى 70 مليون ليرة من العرض في ألمانيا وأمريكا وبريطانيا، وقام ببطولة الفيلم كل من "بولين انيسلي"، و"نسا صوفيا"، و"دينيز باسال".

بقي أن نقول إن النسخة التركية رغم ما فيها من حالة سوداوية لكن نهايتها جاءت مريحة لأعصاب بعض المشاهدين جيث تم إنقاذ البريء، وهذا عكس النسخة الفلبينية التي جاءت أكثر سوداوية في مشهد النهاية الذي أعدم فيه البطل.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

حكم العسكر فيلم تركي

نيمار: بكيت بعد مشاهدة الفيلم التركي "معجزة في الزنزانة 7"