لم تكن وفاة المفكر السعودي المعروف "عبدالله الحامد" قبل أيام، في السجون السعودية، هي الأولى من نوعها، فقد سبقه إلى المصير ذاته، الداعية الإسلامي "صالح الضميري"، والشيخ "أحمد العماري"، وآخرون.
ومن غير المرجح أن تكون وفاة "الحامد" هي الأخيرة لمعتقل في السجون السعودية، لا سيما مع استمرار ظروف الاعتقال غير الآدمية لعشرات الدعاة والمفكرين والأكاديميين في المملكة، ممن يتهددهم خطر الإهمال الطبي والموت.
ولم تفلح مناشدات المنظمات الحقوقية الدولية في إطلاق سراح هؤلاء، أو تحسين ظروف اعتقالهم، وسط اتهامات لولي العهد "محمد بن سلمان"، باستهداف معارضيه، والتخلص ممن يخالفه الرأي، منذ توليه منصبه، يوليو/تموز 2017.
سلمان العودة
يعد الداعية "سلمان العودة" أبرز المهددين بالموت وراء القضبان، منذ اعتقاله منذ سبتمبر/آيلول 2017، بسبب تغريدة دعا الله فيها أن "يؤلف القلوب" بعد نبأ حول اتصال هاتفي بين "بن سلمان" وأمير دولة قطر الشيخ "تميم بن حمد آل ثاني".
وتطالب المحكمة الجزائية المتخصصة في الرياض، بإعدام "العودة" (64 عاما)، بينما تجرى محاكمته في جلسات سرية، لا تحضرها وسائل الإعلام، أو المنظمات الدولية.
وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، كشف نجله "عبدالله العودة"، عن تعرض والده للتعذيب، وحرمانه من العلاج وحتى حقه في النوم، مضيفا عبر مقطع فيديو: "يتم تقييد يدي الشيخ وقدميه ويُلقى داخل زنزانة العزل الانفرادي مغمض العينين، ثم يُرمى له الطعام في أكياس صغيرة وهو ما زال مقيدا، فيضطر لفتحها بفمه حتى تجرحت أسنانه في فترة من الفترات".
د. عبدالله العودة: تعرض والدي الشيخ #سلمان_العودة لمعاملة في السجن تُصنف دولياً على أنها تعذيب، فقد كان يُحرم من النوم عدة أيام ويُترك مقيداً في العزل الانفرادي، ويتم تقديم الطعام له في كيس صغير يُرمى له وهو مقيد فيضطر لفتح الكيس بفمه! pic.twitter.com/mguM6MQjJs
— معتقلي الرأي (@m3takl) December 31, 2019
سفر الحوالي
أما الشيخ "سفر الحوالي" المعتقل منذ يوليو/تموز 2018، فهو في حالة صحية سيئة، جراء تعرضه لكسر في الحوض وجلطة دماغية سابقة.
واعتقل "الحوالي" (68 عاما) بعد نشره كتابا قدم فيه نصائح للعائلة المالكة، أكد خلاله أفول القوة الأمريكية، وأن المستقبل للإسلام، وأن السياسة الحكيمة تقتضي الوقوف مع القوة الصاعدة التي لها مستقبل، وليس القوة الآخذة في الأفول.
ولم يتوقف التنكيل به عند حدود ذلك، بل طالت الاعتقالات أبناءه "عبدالرحيم" و"عبدالله" و"عبدالرحمن"، وجرى منعه من الخروج لتلقي العزاء في والدة زوجته، يونيو/حزيران 2019.
وعلى الرغم من تلقي الرئيس السابق لقسم العقيدة والمذاهب المعاصرة في جامعة أم القرى، عرضا من السلطات السعودية لإطلاق سراحه، وذلك مقابل تقديم اعتذار والتراجع عن أفكاره وتصريحاته، فإن "الحوالي" رفض التخلي عن موقفه.
الشيخ سفر الحوالي يتلقى عرضا بإطلاق سراحه إن كتب اعتذارا وإذا رفض أن تتضاعف معاناته، فماذا كتب ؟
— مجتهد (@mujtahidd) July 13, 2019
كتب لهم ورقة ظنوا أنها اعتذار، فإذا هي مختصر لما جاء في كتابه عن رأيه في آل سعود و ابن سلمان، أعاد صياغته على شكل نصيحة وتحذير من عواقب وخيمة إذا لم يتوقف الظلم والطغيان والفساد!
عوض القرني
ويعاني الداعية "عوض القرني" الذي يوشك أن يكمل عامه الثالث خلف القضبان، تدهورا شديدا في حالته الصحية، لا سيما عقب مطالبة النيابة العامة بإعدامه.
ووفق إفادات حقوقية، شوهد "القرني" يحضر جلسات محاكمته على كرسي متحرك، في إشارة إلى استمرار تدهور وضعه الصحي داخل السجن، بعد إعطائه عمدا جرعات خاطئة من الدواء، وفق حساب "معتقلي الرأي"، المعني بأخبار المعتقلين في المملكة.
الحرية للدكتور #عوض_القرني، الذي لا يزال في انتكاسة صحية بسبب جرعة دواء خاطئة أعطيت له في السجن، ما تسبب بدخوله المستشفى وتعطيل محاكمته الجائرة! pic.twitter.com/tMo6sANFPG
— معتقلي الرأي (@m3takl) December 7, 2019
وتوجه السلطات السعودية لـ"القرني"، (63 عاما)، اتهامات بـ"التعاطف مع قطر ومناصرة جماعة الإخوان المسلمين، والانتماء لمنظمة محظورة (رابطة العلماء المسلمين)، إضافة إلى عدم الدعاء لولي الأمر، والسعي للإفساد في الأرض".
عبدالعزيز الطريفي
ويقبع الداعية "عبدالعزيز الطريفي" في سجن الحائر منذ أبريل/نيسان 2016، بسبب تغريدة انتقد خلالها الانصياع للإرادة الأمريكية، وندد بزيارة الرئيس الأمريكي السابق "باراك أوباما" للمملكة.
وقال "الطريفي" وقتها: "يظن بعض الحكام بأنّ تنازله عن بعض دينه إرضاء للكافر سيوقف ضغوطهم، وكلما زاد درجة دفعوه أخرى، الثبات واحد والضغط واحد، فغايتهم (حتى تتبع ملّتهم)".
ويعاني "الطريفي" (44 عاما) تدهورا صحيا حادا، وجرى نقله إلى المشفى أكثر من مرة، فضلا عن قطع الاتصالات والزيارات عنه، والتكتم على طبيعة حالته الصحية.
🔴 عاجل
— معتقلي الرأي (@m3takl) September 7, 2018
تأكد لنا خبر نقل الشيخ #عبدالعزيز_الطريفي (المعتقل منذ ابريل 2016) إلى مستشفى سجن الحاير بعد تدهور وضعه الصحي، نتيجة الإهمال الصحي والضغوط النفسية الكثيرة عليه مؤخراً. pic.twitter.com/9g0KFDJ0ob
موسى القرني
وتسببت ظروف الاعتقال غير الإنسانية، في ضرر كبير لمدرس أصول الفقه ومدير الجامعة الإسلامية للعلوم والتقنية السابق "موسى القرني"، ما تسبب في تعرضه لجلطة دماغية وإلحاقه بمستشفى الأمراض العقلية.
وتعرض "القرني" لظروف سجن قاسية، جرى خلالها إجباره على الوقوف المتواصل لساعات طويلة على قدم واحدة، والعزل انفراديا في زنزانة ضيقة، والتعذيب بالعصي الكهربائية، وفق تقارير حقوقية.
الحرية للدكتور #موسى_القرني القابع ظلماً في مستشفى الامراض العقلية بعد تدهور صحته وإصابته بالجلطة إثر الانتهاكات داخل السجن. pic.twitter.com/Ruy2VCqpV9
— معتقلي الرأي (@m3takl) June 12, 2019
ويقضي الأكاديمي السعودي المعروف (66 عاما)، المحال إلى التقاعد بقرارٍ ملكي، حكما بالسجن لمدة 20 عاما، والمنع من السفر لمدة 20 سنة أخرى بعد إطلاق سراحه.
وتوجه السلطات لـ"القرني" المعتقل منذ عام 2011، تهمة "الخروج على ولي الأمر، ونزع يد الطاعة من خلال الاشتراك بتأسيس تنظيم سري يهدف إلى إشاعة الفوضى والوصول إلى السلطة".
سعود القحطاني
أما عميد المعتقلين السياسيين "سعود العبيد القحطاني"، المعتقل منذ العام 1991، فقد تعرض للتعذيب، على خلفية اتهامه بتوزيع منشورات ضد الحكومة السعودية.
وعلى الرغم من انتهاء محكومية "القحطاني" المحبوس بسجن الطرفية بمحافظة بريدة، في عام 2009، فإنه لم ير النور إلى الآن.
ويعاني "القحطاني" (65 عاما)، مشاكل في القلب، وسوء التغذية، ما يجعل حياته مهدد في ظل استمرار اعتقاله بشكل تعسفي.
صالح المنجد
يحاكم الشيخ "محمد بن صالح المنجد" (سوري الأصل)، على ذمة عدة تهم، منها، تأييده جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) المدعومة من إيران، وجماعة "الإخوان المسلمون"، والتحريض على القتال في سوريا.
ويحضر "المنجد" المولود عام 1961 في الرياض، جلسات محاكمته على كرسي متحرك، في إشارة إلى تدهور وضعه الصحي منذ اعتقاله في 25 سبتمبر/أيلول 2017.
لجين الهذلول
لا يقتصر القمع والتنكيل في السجون السعودية على رجال الدين فقط ولكن يمس الناشطات من النساء، وفي مقدمتهن "لجين الهذلول" التي يبدو أن تتعرض لجرعات خاصة من التنكيل والقمع.
وجرى اعتقال "الهذلول" في 15 مايو/أيار 2018، ضمن حملة استهدفت عدد من الناشطات السعوديات وتعرضت لتعذيب شديد إلى درجة أن "سعود القحطاني"، مستشار ولي العهد "محمد بن سلمان"، هددها بالاغتصاب والقتل.
إضافة إلى هؤلاء، هناك الكثيرون ممن يتهددهم خطر الموت في السجون السعودية، ومنهم الأكاديمي السعودي "سعود مختار الهاشمي"، والمعتقل "وليد السناني"، والمعتقلة "عايدة الغامدي"، والدة الناشط السعودي المعارض المقيم في بريطانيا "عبدالله الغامدي"، وآخرون.
ولا شك أن وفاة "الحامد" بلجلطة دماغية، بعد تركه لساعات مغشيا عليه في زنزانته، ستسلط الضوء على حجم الانتهاكات التي ترتكب داخل سجون المملكة، وسياسة الموت البطيء التي ينتهجها النظام بحق معارضيه.
وتتكتم السلطات السعودية على حالات الوفاة في المعتقلات، كما أنها لا تفصح عن أعداد سجناء الرأي ودعاة حقوق الإنسان لديها، وترفض السماح للمنظمات الحقوقية بزيارة المعتقلين والاطلاع على أوضاعهم.، بحسب "منظمة العفو الدولية".
ومن المؤكد أن وفاة "الحامد" بهذه الطريقة، ستفتح ملفات آخرين ينتظرون الموت عبر التعذيب، أو الإهمال الطبي، وهو الأمر الذي يزيد الضغوط على "بن سلمان" الذي تتسع قائمة ضحاياه يوما بعد الآخر.