استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

إعادة البناء وليس الإعمار

الثلاثاء 28 أبريل 2020 06:47 ص

إعادة البناء وليس الإعمار

كوفيد-19 يقبض على خُنّاق هذا النظام البائس وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة غير مأسوف عليه.

كورونا يصنع دمارا اقتصاديا واجتماعيا ويصنع أزمة عالمية لها اثارها الخطرة المؤذنة بكساد عالمي من الوزن الثقيل.

العالم قبل إعادة الإعمار بحاجة لإعادة بناء نظام عالمي جديد على انقاض نظام قائم مهترئ انتهى مفعوله ولم يعد يصلح لإدارة البشرية.

*     *     *

هدفه المفضل هو الجهاز التنفسي، واذا عجزت المناعة الذاتية عن مقاومة المهاجر الغريب، وتمكن من السيطرة على خطوط تزويد الجسم بالأوكسجين يقتل بهدوء وتنتهي حياة الإنسان.

كوفيد-19 لا يقرع طبول الحرب، ولا يصدر البيانات، ولا يطلق التهديدات، ولكنه بهدوء يصنع الدمار الاقتصادي، ثم الاجتماعي، ويصنع أزمة عالمية بتراتبية غير مسبوقة، لها اثارها الخطرة، المؤذنة بكساد عالمي من الوزن الثقيل.

حظر التجوال لنصف سكان الأرض، أنتج بطالة غير مسبوقة على الإطلاق، فالكارثة تضرب بقسوة اسواق العمل والإنتاج (العمال وارباب العمل)، وتنذر بأسوأ أزمة عالمية، منذ الحرب العالمية الثانية.

اكثر من مليار عامل بالعالم مهددون بتقليص أجورهم أو فقدان وظائفهم، والبطالة تهدد معامل الإنتاج، وسلاسل التوريد، بعد أن توقف العديد من المصانع الكبرى، وآلاف المشروعات الصغيرة والمتوسطة.

يتواصل الشلل إلى بقية المفاصل الاقتصادية العالمية، لكن الأخطر من كل ذلك لم يأت بعد، فالضائقة المعاشية تنتج بالضرورة مشكلات اجتماعية مدمرة!

فتُضاعف الجرائم اليومية، كالسرقة والنهب والسطو المسلح والقتل المحترف والجريمة المنظمة وتشكيل سلطات خارجة على القانون، وتكوين عصابات الإجرام ومافيات الكورونا المتطورة، المستفيدة من ديمقراطية المعرفة، وعولمة الحصول على المعلومات والقادرة على امتلاك الدمار الشامل، واختراق الأمن السيبراني وغيرها من الجرائم، وبكل أنواعها.

وهذا يشكل تهديدا ليس لسلطة الدولة ومؤسساتها فقط، وإنما الخطر الأكبر على  الأمن العالمي، والسلم الأهلي والبشرية جمعاء.

مع كل هذا الخطر الداهم الذي نعيش أحداثه وفصوله يوماً بعد يوم، وساعةً بعد ساعة، لا زال البعض ممن يعشق نظرية المؤامرة، يُشكك في وجود الأزمة وينكر خطرها، ويعتبرها فيلماً من إنتاج هوليود الأميركي أو مسلسلاً صينيا.

ويتزود هؤلاء على ما تنتجه بعض النخب من الذين صدّرتهم مفاعيل الواقع الدولي المختل، ومشتقاته واجهزته وتم تسليطهم على رقاب الناس كمثقفين وخبراء ومحللين وسياسيين.

بعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها، استيقظت أوروبا على حجم الدمار الكارثي الذي لحق بكياناتها، وخراب مدنها، وشلل اقتصادها، ما ادى إلى انتشار الفقر والبطالة، وسهل  اجتياح الفكر الشيوعي لملء الفراغ الناشئ عن هزيمة النازية والفاشية.

وقتها لم تتأخر الولايات المتحدة الأمريكية صاحبة اقوى اقتصاد آنذاك عن تقديم مشروع مارشال لإعمار غرب أوروبا وإنعاش اقتصادها. لكن أميركا اليوم تعاني مثل غيرها وليست قادرة بمفردها وعنجهية إدارتها أن تعيد البناء ولا الإعمار.

حتى الآن تسببت الجائحة بإحالة ما يقارب 25 مليون أمريكي على قوائم البطالة، التي وصلت في امريكا إلى 15%.

بضربة واحدة وخلال ثلاثة أسابيع دمر الفايروس ما انجزه ترامب خلال ثلاث سنوات.

جائحة اليوم عالمية ومعولمة بامتياز، لم يسلم منها مجتمع ولا دولة، والجهود المبعثرة المتشحة بالانفعال والانانية والاتهامية لن تجدي في مواجهة هذا المدمر الوبائي الشرس.

أما ما ينفع الناس فهو جمع الجهود الدولية وتنسيق العمل المشترك لإيجاد العلاج واللقاح ومنع انتشار هذا الوباء، وتطبيب المصابين، وإعادة البناء السياسي والاقتصادي والاجتماعي والصحي والابتعاد عن تسييس الموضوع.

العالم اليوم بحاجة إلى إعادة البناء قبل إعادة الإعمار، بناء النظام العالمي الجديد على انقاض النظام القائم المهترئ الذي انتهى مفعوله ولم يعد يصلح لإدارة الحياة الإنسانية.

كوفيد 19 يقبض على خُنّاق هذا النظام البائس وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة غير مأسوف عليه.

لأن إكرام الميت دفنه بصلاة وتشييع أو بدونهما. البقاء للاصلح، والله غالب.

* زكي بني ارشيد الأمين العام السابق لجبهة العمل الإسلامي بالأردن.

المصدر | السبيل الأردنية

  كلمات مفتاحية