كيف يؤثر كورونا على علاقة السعودية والإمارات مع أمريكا؟

الأربعاء 29 أبريل 2020 07:51 م

كانت الأيام الأولى، بل المؤشرات الأولى للوباء العالمي "كوفيد-19"، ترسخ المعارك الجيوسياسية والسياسية والعرقية والطائفية التي أصبحت الوضع الدائم في الشرق الأوسط منذ فترة طويلة، بدلا من أن يعمل الوباء كوسيلة لمد الجسور وبناء الثقة.

كما تغير أزمة الفيروس التاجي المشهد السياسي في المنطقة، حيث يقوم الفاعلون من غير الدول، في العراق وسوريا ولبنان، بسد الفجوات، نتيجة فشل الحكومات في تلبية الاحتياجات الاجتماعية والصحية التي فرضها الوباء.

ومن المحتمل أن يثير تمكين المنظمات غير الحكومية والجماعات المتشددة قضايا أمنية، حيث يستغل المسلحون قدراتهم في إظهار افتقار الدولة إلى القدرات.

ويكتسب دور المسلحين الموسع أهمية إضافية حيث تستخدم دول مثل السعودية والإمارات الوباء لإدارة العديد من خطوط الصدع في الشرق الأوسط لصالحها.

وفي المقابل، لم تمنع الظروف الحالية الولايات المتحدة، من ابتلاع الطعم الإيراني في تصعيد متبادل يخاطر بحريق عسكري أكبر. 

وقد استخدمت الإمارات الوباء لترسيخ تواصلها المحدود مع إيران، وهو التواصل الذي يهدف إلى حماية الدولة الخليجية من أن تصبح ساحة معركة في أي مواجهة عسكرية أمريكية إيرانية.

وفي حين ورد أن الولايات المتحدة عرقلت طلبا إيرانيا بقيمة 5 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي لمحاربة الفيروس، كانت الإمارات من بين الدول الأولى التي قدمت مساعدات طبية إلى إيران وسهلت شحنات منظمة الصحة العالمية للبلد الموبوء.

وأدت الشحنات إلى مكالمة هاتفية نادرة في 15 مارس/آذار بين وزير خارجية الإمارات "عبدالله بن زايد" ونظيره الإيراني "محمد جواد ظريف".

وبدأت الإمارات التواصل مع إيران العام الماضي عندما أرسلت وفدا من خفر السواحل إلى طهران لمناقشة الأمن البحري في أعقاب الهجمات الإيرانية المزعومة على ناقلات النفط قبالة سواحل الإمارات.

وبقيت إدارة "ترامب" صامتة عندما أفرجت الإمارات في أكتوبر/تشرين الأول الماضي عن 700 مليون دولار من الأصول الإيرانية المجمدة، وهو ما يتعارض مع الجهود الأمريكية لخنق إيران اقتصاديا بعقوبات قاسية.

ومع ذلك يصر المسؤولون على أنه لن يكون هناك تقدم حقيقي في العلاقات الإماراتية الإيرانية طالما تدعم إيران وكلاء مثل "حزب الله" في لبنان والميليشيات الموالية لإيران في العراق والمتمردين الحوثيين في اليمن.

وأوضح ولي العهد الإماراتي "محمد بن زايد" ذلك عندما اتصل هاتفيا برئيس النظام السوري "بشار الأسد" في محاولة لدفع إسفين بين سوريا وإيران وتعقيد التدخلات العسكرية التركية في سوريا وليبيا.

ويسلط الدعم الإماراتي لـ"الأسد" والمتمردين الليبيين بقيادة المشير "خليفة حفتر" الضوء على التناقضات في تصوّر الإمارات كجهة فاعلة إنسانية.

ولم يتراجع "الأسد" أو "حفتر" عن استهداف المستشفيات والمرافق الطبية في وقت تكون فيه البنية التحتية الصحية العاملة أولوية في جميع الدول.

وعند احتضان سوريا والتواصل مع إيران، قد يكون للإمارات والسعودية أهداف مشتركة، حتى وإن سعى كل منهما وراء تلك الأهداف بطرق مختلفة تمليها درجة الخطر التي هم على استعداد لتحملها.

نتيجة لذلك، حافظت السعودية، على عكس الإمارات، على خط متشدد تجاه إيران، مستبعدة الفرص لبناء الجسور.

وعززت السعودية الانقسام من خلال اتهام إيران بـ"المسؤولية المباشرة" عن انتشار الفيروس. واتهمت وسائل الإعلام التي تسيطر عليها الحكومة  قطر وتركيا بالتواطؤ مع إيران لإساءة إدارة الأزمة عمدا.

علاوة على ذلك، منعت المملكة حركة "عدم الانحياز" من إدانة الخطاب المتشدد لإدارة "ترامب" تجاه إيران في وقت تفشي الجائحة.

وربما يكون امتناع السعودية عن اتباع خطى الإمارات أكثر تكلفة مما تراه العين.

وأدى الفيروس التاجي، إلى جانب الانهيار الاقتصادي العالمي وانهيار سوق النفط، إلى تقويض العضلات المالية للمملكة.

ولكي تكون الأمور أسوأ، عرّضت السعودية علاقاتها الوثيقة مع الولايات المتحدة للخطر بحرب أسعار النفط ضد روسيا التي سببت انهيار أسواق النفط، ودفعت أسعار النفط إلى الحضيض، وقوضت إلى حد كبير صناعة النفط الصخري في الولايات المتحدة.

وتحملت السعودية حتى الآن وطأة الانتقادات الأمريكية، بالرغم من أنها لا تزال أكثر اتساقا مع السياسات الأمريكية من الإمارات، التي نجحت حتى الآن في التحليق بعيدا عن الرادار.

ويعد هذا إنجازا للإمارات، بالنظر إلى أنها دعمت السعودية في حرب الأسعار بإعلان رفع إنتاجها من النفط.

وقد تم تعليق هذه الحرب باتفاق لخفض الإنتاج بين أعضاء منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك" والمنتجين من خارج "أوبك"، بما في ذلك روسيا ومجموعة العشرين، التي تضم أكبر الاقتصادات في العالم.

وعلى نفس المنوال، يتعارض تواصل الإمارات مع سوريا وإيران مع السياسة الأمريكية.

وتنبع تناقضات سياسة السعودية والإمارات مع السياسة الأمريكية من محاولتهما لضمان عدم خروج الصراعات عن السيطرة، في ظل الانشغال بمكافحة الجائحة والتداعيات الاقتصادية للأزمات المتتالية.

وترسل السعودية والإمارات بذلك رسالة إلى الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" وسط تصاعد التوترات مع إيران، مفادها: "لا تدع هذا يخرج عن السيطرة. أنت تعيش على بعد آلاف الأميال. ولن تكون أنت، بل نحن، من يدفع الثمن، ولن تكون هنا للدفاع عنا".

المصدر | جيمس دورسي - مركز دراسات الخليج - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

فيروس كورونا تداعيات كورونا العلاقة الخليجية الأميركية أزمات الشرق الأوسط

أطباء سعوديون يواجهون كورونا في مستشفيات مصر (فيديو)

وزير المالية السعودي: سنقترض 220 مليار ريال في 2020