اليمن.. معركة البطون الخاوية في مواجهة كورونا

الأحد 3 مايو 2020 01:02 ص

يعد تسجيل اليمن، أول حالتي وفاة بفيروس "كورونا" المستجد، جرس إنذار بأن البلد الذي يشهد نزاعا مسلحا على السلطة منذ 2014، قد يكون مقبلا على كارثة بشرية.

وعلى الرغم من الظهور المتأخر للوباء في اليمن، والعدد المحدود للإصابات حتى الآن، فإن تدهور الأوضاع المعيشية، وتهالك البنية الصحية، والنقص الحاد في المستلزمات الطبية، يعني أن أي انتشار واصع للوباء قد يتسبب في كارثة صحية.

وسجل اليمن حتى اليوم 10 حالات إصابة مؤكدة بفيروس كورونا، فيما تسبب الوباء في وفاة شخصين.

وضع كارثي وبنية تحتية متهالكة

وقد بدأ ظهور الوياء في اليمن أولا في محافظة حضرموت، قبل أن ينتقل لاحقا إلى عدن، لكن الأمم المتحدة حذرت في وقت سابق من أن الوباء ربما يكون في حالة تفش في البلاد، دون أن يتم اكتشافه.

وعلى المنوال ذاته، يتوقع خبراء، تفشي الوباء بوتيرة أسرع في اليمن، وعلى نطاق واسع، ليشمل العاصمة صنعاء، والمدن الواقعة تحت سيطرة ميليشيات "الحوثي".

وتفرض أكثر السيناريوهات تشاؤما نفسها على الساحة اليمنية، حيث تعتقد منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية "ليز جراندي"، أن تأثير الفيروس في اليمن سيكون "كارثياً" حال انتشاره.

يفاقم المأساة اليمنية المحتملة، أن البلد الذي دخلت الحرب فيه عامها السادس، يعاني بالأساس تفشيا لأمراض الكوليرا وحمى الضنك والحصبة والملاريا.

ومع زيادة خطر انتشار الأمراض المعدية بالتزامن مع موسم الأمطار، وكثرة التجمعات خلال رمضان، فإن موجة جديدة من انتشار الكوليرا ربما تلوح في الأفق.

وتعمل نصف المستشفيات اليمنية فقط بكامل طاقتها، ما يعني أن مواجهة أي انتشار محتمل للوباء في اليمن ستكون الأصعب على مستوى العالم.

وتقول منسقة الصحة لدى بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في اليمن "أفريل باتيرسون"، إن المستشفيات اليمنية تتعرض بالفعل لضغوط كبيرة، حتى من دون فيروس "كورونا"، فهي تعالج جرحى الحرب بانتظام.

ويعاني اليمن عجزا صارخا في عدد أسرة العناية المركزة في المستشفيات الحكومية، بينما ترتفع كلفتها في المستشفيات الخاصة، حيث تبلغ كلفة الليلة نحو 40 ألف ريال يمني (80 دولارا).

وفي إطار جهودها لمكافحة الوباء، قامت الحكومة اليمنية بافتتاح 27 مركز عزل صحي في 9 محافظات، هي المهرة وحضرموت ومأرب (شرق)، وأبين ولحج وتعز والضالع وعدن (جنوب)، وشبوة (جنوب شرق).

وستوزع الحكومة 81 سيارة إسعاف على المحافظات التابعة لها، إضافة إلى تعزيز فرص الاستجابة السريعة للوباء بـ16 كادرا صحيا لكل مديرية في المحافظات الخاضعة لسيطرتها، وفق "علي الوليدي"، المتحدث باسم اللجنة العليا للطوارئ (حكومية).

نقص حاد

ولكن بحسب خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن، الصادرة عن الأمم المتحدة في 2019، فإن 19.7 مليون شخص في حاجة إلى رعاية صحية في كل أنحاء البلاد.

وتشهد مدن اليمن، اختفاء الكمامات والمعقمات من الصيدليات ومخازن بيع الأدوية، فضلا عن ارتفاع أسعارها.

وهناك نقص حاد في أجهزة التنفس الصناعي بالمستشفيات اليمنية، إلى جانب تواضع المساعدات المقدمة للبلاد، والتي شملت 60 جهاز تنفس صناعي فقط تم تقديمها الشهر الماضي من البنك الدولي.

وتؤكد "لجنة الطوارئ اليمنية لمواجهة كورونا"، أن "القطاع الصحي بحاجة إلى الكثير من أجهزة التنفس الاصطناعي، والأسرة الكهربائية، وأجهزة PCR والأكسجين ومحاليل نقل العينات".

ولا تتجاوز قدرة مستشفيات اليمن المؤهلة للتشغيل 1500 سرير، بينما يبلغ عدد أجهزة التنفس الاصطناعي نحو 400 جهاز في المستشفيات الحكومية والخاصة، وفق بيانات صادرة عن جماعة "الحوثي".

وتقر منظمة الصحة العالمية بقلة الامكانيات الطبية في اليمن، ووجود نقص في الكمامات والقفازات الطبية والمستلزمات الدوائية، لذلك قد يؤدي الفيروس إلى "مذبحة" في صفوف اليمنيين، بحسب تعبير المجلس النروجي للاجئين.

خفض المساعدات

الخطير أن البلد الذي يبلغ عدد سكانه 30 مليون نسمة ويعاني أسوأ أزمة إنسانية في العالم، لا يواجه الأوبئة فقط، بل يتعرض لخفض كبير في المساعدات المقدمة إليه.

ويصل حجم الخفض إلى نصف المساعدات المقدمة من قبل برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة والتي كات يتم توجيهها إلى المناطق التي يسيطر عليها "الحوثي"، بدعوى أن قوات الحوثيين تعرقل توزيع شحنات المساعدات.

وبدءا من منتصف أبريل/نيسان الجاري، ستستلم عائلات يمنية المساعدات الإنسانية كل شهرين، بعد أن كان ذلك يتم على نحو شهري.

ويزود برنامج الغذاء العالمي أكثر من 12 مليون يمني بالطعام شهريا؛ يعيش 80% منهم في مناطق تسيطر عليها قوات الحوثيين.

كذلك قطعت الولايات المتحدة، المساعدات الممنوحة إلى اليمن، بدعوى أنها يجري تحويلها إلى مناطق خاضعة للحوثيين، المدعومين من إيران.

ويقول مانحون آخرون، إنهم واجهوا تأخيرات كبيرة في الحصول على التصريحات اللازمة لتوصيل المساعدات، وأن موظفيهم قد تعرضوا للإساءة وللاعتقال.

وبلغ إجمالي ما خصصه البنك الدولي ومؤسسة التمويل الدولية لمساعدة اليمن في مواجهة فيروس "كورونا" حوالي 26.7 مليون دولار أمريكي.

ويبلغ إجمالي ما سلمته منظمة الصحة العالمية من معدات فحص للوباء عدد 3400 كاشف للحكومة الحوثية في صنعاء، بينما تم توفير 3200 كاشف للحكومة في عدن، وفق إفادة وزير الصحة في حكومة الحوثيين "طه المتوكل".

وقدمت السعودية التي تشن حربا في اليمن منذ أكثر من 5 أعوام، مساعدات صحية للبلاد، تشمل أدوية ومستلزمات طبية وقائية وعلاجية بقيمة 3.5 مليون دولار.

لحظة فاصلة

التدهور الحال في البنى التحتية الصحية، وقلة أعداد الأطقم الطبية، إضافة إلى خفض المساعدات، يعزز المخاوف بأن اليمن ربما يكون مقبلا على كارثة، مع توافر كل الظروف لتفشي الفيروس.

ومن المنطقي، بعد خمس سنوات من الحرب، أن يصبح "لدى الناس في جميع أنحاء البلاد أدنى مستويات المناعة وأعلى مستويات الضعف الحاد في العالم"، بحسب تصريح منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية "ليز جراندي".

ومن المتوقع حدوث تبعات كارثية في اليمن، بسبب انهيار القطاع الصحي اليمني، واستمرار الحرب بين الأطراف المتنازعة، وانشغال دول العالم أجمع بمواجهة الجائحة.

ويمكن أن تكون صرخة "كزافييه جوبيرت"، مدير منظمة أنقذوا الأطفال في اليمن، معبرة عن ذلك، حيث صرح قائلا: إنها "لحظة خشيناها جميعا وكنا نأمل في تجنبها لأن اليمن يعاني من نقص حاد في المعدات اللازمة لمواجهة هذا الفيروس"، مضيفا: "إذا لم نتحرك اليوم، فإن ما سنشهده غدا لا يمكن وصفه".

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

فيروس كورونا إصابات كورونا خسائر كورونا تداعيات كورونا أزمة اليمن الأزمة اليمنية

كورونا يهدد أكثر من نصف سكان اليمن

الأمم المتحدة تحذر من وفاة 48 ألف امرأة في اليمن

كورونا.. اليمن يسجل 16 إصابة جديدة وحالة وفاة

وباء كورونا.. فرصة السعودية الأخيرة للخروج من مستنقع اليمن