كورونا.. اختبار صعب لصناعة الدواء في الخليج

الأحد 3 مايو 2020 12:22 ص

وضعت أزمة تفشي فيروس "كورونا"، العالم بشكل عام، ودول الخليج خاصة، أمام اختبار صعب لقدراتها الدوائية في مواجهة تفشي الوباء.

ومع إعلان شركة الأدوية "ستريدز" الهندية، قبل أيام، تصدير أقراص مضادة للفيروسات، إلى ثلاث دول خليجية (دون تسميتها)؛ لعلاج مرضى "كوفيد 19"، فإن الحاجة تبدو ملحة لفتح ملف صناعة الدواء في منطقة الخليج.

وتواجه دول مجلس التعاون الخليجي الست (السعودية، الإمارات، الكويت، قطر، البحرين، سلطنة عمان)، تحديا يتعلق بمخاوف نقص الدواء، جراء الاعتماد بشكل كبير على استيراد المواد الخام من الصين والهند.

سوق واعد

وتعد منطقة الخليج سوقا واعدا لصناعة الدواء، يبلغ حجمه نحو 10 مليارات دولار، وفق تقديرات سابقة صادرة عن منظمة الخليج للاستشارات الصناعية "جويك".

ويبلغ حجم النمو في السوق الدوائي الخليجي 6% سنويا، وتشكل سوق الدواء السعودية نسبة 55% من حجم سوق الأدوية في دول الخليج مجتمعة.

ويصل حجم ما تستورده الدول الست من المنتجات الدوائية إلى 1.19 مليار كيلو جرام، بقيمة إجمالية وصلت قرابة 7.750 مليار دولار في 2015.

بينما بلغ حجم صادرات دول الخليج حوالي 69.9 مليون كيلو جرام من الأدوية بقيمة تقترب من 722 مليون دولار في العام ذاته.

وتتصدر المملكة العربية السعودية، قائمة دول الخليج، بحجم سوق أدوية يبلغ 6.3 مليارات دولار، تليها الإمارات ثم الكويت.

مساهمة ضعيفة

اللافت أن الدول العربية، ومن بينها دول الخليج، تغيب عن قائمة الدول الخمسين الأكثر تصديرا للأدوية في العالم، وفق بيانات عام 2016.

وتظهر البيانات مدى تدني صادرات الدول العربية من الدواء، التي يتصدرها الأردن بـ468 مليون دولار، ثم الإمارات بـ406 مليون دولار، والسعودية ثالثا بإجمالي صادرات بقيمة 296 مليون دولار، ومصربـ 217 مليون دولار.

وتساهم قارة آسيا بنسبة 9.3% من صادرات الأدوية عالميا، بينما تشارك أفريقيا بنسبة تبلغ 0.2%، وتساهم أمريكا الشمالية بنسبة 9.7%، وأمريكا الوسطى وأمريكا الجنوبية وأوقيانوسيا بنسبة 1.8% فقط، بينما تسيطر أوروبا على حصة سوقية تبلغ نسبتها 79.2% من صناعة الأدوية عالميا.

وتحتل ألمانيا المركز الأول بصادرات بلغت قيمتها 48.6 مليار دولار، تليها سويسرا بصادرات قيمتها 39.9 مليار دولار، وبلجيكا ثالثا بـ26.5 مليار دولار، وفرنسا رابعا بـ22.8 مليار دولار، والولايات المتحدة خامسا، بصادرات بقيمة 22.5 مليار دولار، وفق موقع "هاو ماتش" المختص بالإحصاءات.

نمط استيرادي

يهيمن على صناعة الدواء في الخليج النمط الاستيرادي، حيث تستورد الدول الست معظم احتياجاتها من الأدوية من الخارج، دون قدرة على تلبية الطلب الداخلي من خلال الصناعة المحلية.

وتفيد تقديرات غير رسمية بأن قيمة الأدوية المستوردة في دول الخليج تصل إلى نحو 90% من الاستهلاك المحلي.

ووفق عضو اللجنة الوطنية للصناعات الدوائية بمجلس الغرف السعودية، الدكتور "ماجد باحاذق"، فإن المملكة تستورد 75% من احتياجاتها الدوائية، بينما تصنع محليا فقط ما نسبته 25%.

ويصف "باحاذق" ذلك بـ"الكأس المقلوب"، مشددا على ضرورة صنع قاعدة صناعية دوائية جيدة، توفر 80% من احتياجات السوق المحلي، بحسب صحيفة "الشرق الأوسط".

ومع تفشي "كوفيد 19"، يزداد الطلب على الأدوية، في سوق يشهد في الأساس نموا في حجم الطلب على الدواء؛ لاعتبارات منها الزيادة السكانية، وتغير أساليب الحياة السائدة في بلدان المنطقة، وتزايد معدلات الإصابة بأمراض السكري والضغط والسمنة وأمراض القلب والكلى.

مخزون دوائي

وتطرح الأزمة الحالية التي يواجهها العالم، تساؤلات حول قدرات الأمن الدوائي في دول الخليج، وحجم المخزون الاستراتيجي الذي تمتلكه من الدواء، خاصة مع تضرر حركة الشحن والتصدير حول العالم.

وفي هذا الصدد، بحثت "الهيئة العامة للغذاء والدواء" السعودية، في أبريل/نيسان الماضي، عدة مبادرات لضمان توفر الكميات الكافية من الأدوية الأساسية واللقاحات، إضافة إلى وضع اللوائح المنظمة لعمليات تدوير الأدوية، وآليات التبرع بالأدوية لضمان الاستفادة منها حتى بعد انتهاء مدة صلاحيتها.

وفي مارس/آذار الماضي، طالبت وزارة الصحة الكويتية، اتحاد مستوردي الأدوية، بتوفير مخزون احتياطي من الأدوية والمستلزمات الطبية حال الحاجة إليه.

وقبل أيام، أكدت السلطات القطرية قدرتها على تلبية حاجة السوق المحلي من المستلزمات الطبية بكافة أنواعها؛ وتوفير مخزون من الأدوية بكميات تمتد إلى عام لمواجهة فيروس "كورونا".

أما الإمارات فترتبط باتفاق منذ العام الماضي مع شركة "نوفارتس الشرق الأوسط" (شركة متعددة الجنسيات)، يقضي بتوفير وتدوير المخزون الدوائي الاستراتيجي في حالات الطوارئ، لمدة 12 شهرا.

وكانت دول الخليج أقرت، في العام 2017، إجراءات إدارة المخزون الاستراتيجي للأدوية والأمصال واللقاحات والمستلزمات الطبية، وذلك باعتماد 530 منتجا طبيا كخطوة لتحقيق الأمن الدوائي أثناء الحالات الطارئة والأوبئة والكوارث، في أي من دول مجلس التعاون.

ويجري إدارة المخزون الاستراتيجي وفق إجراءات محددة، تراعي معايير الجودة والأمان المتعارف عليها، وضمان سلامة المخزون الاستراتيجي، ومراجعة حركة الاستهلاك، وتدوير المخزون، وتحديثه، وزيادته، ورفع عمره الافتراضي.

ويخصص مستودع للمخزون الاستراتيجي بكل دولة منفصل عن المستودعات المركزية أو الإقليمية الخاصة بالإمدادات الطبية الموجهة للاستهلاك الفوري في كل دولة.

خيارات فاعلة

وتنصح دوائر دوائية في الخليج، بأهمية تفعيل نظام التتبع الدوائي الذي يسهم في إتاحة معلومات عن توفر ومكان وجود الدواء خلال وقت وجيزة، خاصة خلال الأزمات والطوارئ.

((4))

كذلك تبدو الحاجة ملحة لوضع دليل للمخزون الاستراتيجي الخليجي من الدواء، والمخزون الخام من كل مادة، وآليات تبادل المواد الدوائية بين دول المجلس، دون النظر إلى أية حسابات أو خلافات سياسية.

ويجعل تفشي فيروس "كورونا" دعم القدرات الإنتاجية لصناعة الأدوية البديلة ضرورة استراتيجية، جنبا إلى جنب مع تعزيز مراكز البحث العلمي الدوائية، وسن تشريعات تحمي الصناعة المحلية، وتحميها من الإغراق والمنافسة أمام الأدوية المستوردة.

ويعد التحرر من نقص المادة الخام، خطوة حاسمة نحو توطين صناعة الدواء، وكسر احتكار الدول الغربية لها، بما يحقق الأمن الدوائي لشعوب الخليج.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

تداعيات كورونا علاج كورونا مكافحة كورونا لقاح كورونا صناعة الأدوية

ستراتفور: دول الخليج ستكون آخر الاقتصادات التي تتعافى من كورونا

بينهم 541 وفاة.. إصابات كورونا بالخليج تقترب من 100 ألف

دول الخليج تسجل إصابات جديدة بكورونا.. كم بلغت؟