حطام سفينة عثمانية عملاقة في المتوسط.. ما قصته؟

السبت 2 مايو 2020 10:28 م

كشف حطام سفينة في أعماق الضفة الشرقية للبحر المتوسط أن الإمبراطورية العثمانية ربطت خطوط التجارة البحرية بين الشرق والغرب منذ قرون.

وبعد عقود من الحملات الاستكشافية في شرق البحر المتوسط، تمكن فريق من العلماء -بمساعدة روبوتات تعمل تحت الماء- من اكتشاف سلسلة من حطام السفن في المنطقة الواقعة بين السواحل اللبنانية والقبرصية.

وقالت الكاتبة "داليا ألبرج" -في تقرير نشرته صحيفة "الجارديان" البريطانية- إن الفريق عثر على مجموعة من السفن المحطّمة على بعد كيلومترين من شواطئ بحر الشام، تضم كنوزا أثرية من عصور مختلفة وثقافات متنوعة، بدءا بالحضارة الهلنستية مرورا بالرومانية وصولا إلى العثمانية.

وصرّح "شون كينجسلي"، مدير "مركز استكشاف البحار في الشرق والغرب"، عالم الآثار في "مشروع أسرار السفن المحطّمة" (EPS) لصحيفة أوبزرفر متحدثا عن الاكتشاف الجديد؛ "إنه حدث رائع بالفعل، هو أحد أهم الاكتشافات في البحر الأبيض المتوسط".

وأوضحت الكاتبة أن من بين ما اكتشفه الفريق حطام سفينة تجارية عثمانية تعود إلى القرن 17، وُصفت بأنها "سفينة عملاقة"، وضمت حمولتها مئات القطع الأثرية من 14 ثقافة وحضارة مختلفة، بينها أواني الخزف الصينية وأباريق إيطالية، كما عُثر داخلها على حبوب الفلفل الهندي، وأوعية ماء من اليمن وبخور من شبه الجزيرة العربية، حسب تقرير نشرته صحيفة "ذا ناشيونال".

وأشار العلماء إلى أن حطام السفينة يكشف عن طريق بحري للحرير والتوابل لم يكن معروفا في السابق، يمتد من الصين إلى بلاد فارس والبحر الأحمر وشرق البحر الأبيض المتوسط، في حين يعتبر الاعتقاد الشائع أن التجارة العالمية المعولمة لم تحدث حتى القرن 19.

وقال "كينجسلي" إن السفينة التي يُعتقد أنها غرقت عام 1630، أثناء إبحارها بين مصر وإسطنبول، بمثابة شاهد على الزمن ينقل إلينا بدايات العولمة التجارية؛ إذ أن الآثار التي تنتمي إلى ثقافات وحضارات متنوعة، من الصين والهند والخليج وحوض البحر الأحمر وشمال أفريقيا وإيطاليا وإسبانيا والبرتغال وبلجيكا، تكشف طابعا عالميا للتجارة البحرية يسبق ما نعرفه في العصر الحديث.

وأضاف "كينجسلي" أن السفينة "يبلغ طولها 43 مترا ووزنها ألف طن، وهي واحدة من أروع الأمثلة على التكنولوجيا البحرية والتجارة في جميع المحيطات، ويتناسب حجمها مع سعة حمولتها".  

وأضافت الكاتبة أن مجموعة الأواني الخزفية الصينية تضم 360 كأسا مزخرفة وأطباقا وزجاجة مصنوعة في عهد "تشونغزين"، آخر إمبراطور في سلالة مينغ، صُممت جميعها لاحتساء الشاي، غير أن العثمانيين قاموا باستعمالها لشرب القهوة، كذلك وُجدت غليونات التبغ العثمانية مخبأة في السفينة. 

وقال "كينجسلي": "من خلال تدخين التبغ وشرب القهوة في المقاهي العثمانية، ظهرت فكرة الترفيه والحياة الراقية، وهي سمات مميزة للثقافة الحديثة. لعل أوروبا تعتقد أنها اخترعت مفاهيم الحضارة، غير أن أكواب القهوة والأواني المحطّمة تدل على أن الشرق كان خلاّقا وليس مقلّدا".

وافتتح أول مقهى في لندن أبوابه فقط عام 1652، بعد قرن من المشرق العثماني وبلاد الشام.  

ونقلت الكاتبة عن مدير "مشروع أسرار السفن المحطّمة" "ستيفن فاليري" قوله "لقد تم تصوير الآثار بحذر باستخدام مجموعة من آليات التصوير الرقمي المتطورة والفيديو عالي الدقة. بالنسبة للعلم والاستكشافات البحرية، يعد هذا الاكتشاف قفزة كبيرة إلى الأمام".

وذكرت الكاتبة أن الآثار المكتشفة موجودة حاليا في قبرص، مكان عمل الفريق، لكن "كينجسلي" عبّر عن أمله أن يتمّ عرضها لاحقا في أحد المتاحف العامة.

جدير بالذكر أن السلطات القبرصية أصدرت بيانا شديد اللهجة هاجم الشركة البريطانية التي قالت إن السلطات الجمركية القبرصية استولت على القطع الأثرية.

المصدر | الخليج الجديد + الجزيرة

  كلمات مفتاحية

الدولة العثمانية شرق المتوسط

ما قصة الخواتم "الجهادية" التي بيعت أيام الحرب العالمية الأولى؟