برنامج الفضاء الإماراتي.. طفرة تقنية أم بروباجندا سياسية؟

الاثنين 11 مايو 2020 01:47 م

يسلط إعلان الإمارات عن قرب اختيار رائدي فضاء جديدين لبرنامج البلاد الفضائي، بعد اجتياز اختبارات طويلة، الضوء على طموحات البلاد الفضائية، وسر اهتمامها بتحقيق نقلة نوعية في مجال الفضاء.

ووفق نائب رئيس الإمارات، حاكم دبي، الشيخ "محمد بن راشد آل مكتوم"، فقد تقدم للبرنامج 4300 متقدم، من بينهم 1400 فتاة، و130 إماراتي حاصل على الدكتوراه.

ومن المقرر بعد إغلاق التسجيل، بدء عملية الفرز الأولية، ثم البدء في الفحوص الطبية الأولية في يونيو/حزيران المقبل، على أن يتم إجراء الاختبارات العلمية، والمقابلات الشخصية، والفحوص الطبية والنفسية، مع أفضل 100 متقدم، سبتمبر/أيلول المقبل.

وتختص لجنة متخصصة تضم خبراء من مركز "محمد بن راشد للفضاء" باختيار وإعلان أسماء الرائدين الجديدين في يناير/كانون الثاني 2021.

حقيقة البرنامج

يهدف برنامج رواد الفضاء الإماراتي إلى تأهيل وتطوير كوادر وطنية من رواد الفضاء يمتلكون الخبرات والمهارات اللازمة لتمثيل الإمارات في بعثات الفضاء المأهولة.

ويتيح البرنامج فرصة التقدم لوظيفة "رائد فضاء"، وفق معايير من بينها السن، وتخصص المتقدم، والخبرات العلمية، والاختبارات الطبية، واللياقة البدنية، وغيرها من المعايير الدقيقة المعمول بها عالميا.

ولم تعلن أبوظبي عن طبيعة ونوعية المهمة العلمية التي سيقوم بها مستقبلا الرائدين الفائزين في التقييم النهائي، أو وكالة الفضاء العالمية التي سيتم التعاون معها للمهمة القادمة للإمارات.

وتحاول الإمارات استغلال الزخم الذي حققته بوصول أول رائد فضاء إماراتي، إلى محطة الفضاء الدولية على متن مركبة "سويوز إم إس-15" الفضائية الروسية، سبتمبر/آيلول الماضي.

ووصل إلى المحطة الدولية كل من رائد الفضاء الروسي "أوليغ سكريبوتشكا"، والأمريكية "جيسيكا مائير"، والإماراتي "هزاع المنصوري".

تكلفة باهظة

وتتكتم الإمارات على تكلفة البرنامج الطموح، وسط دعاية سياسية ضخمة، تقدم البرنامج بوصفه إنجازا وخطوة تاريخية للبلاد، بحسب ولي عهد أبوظبي "محمد بن زايد".

ولكن في الوقت نفسه، تحوم الكثير من الشكوك حول جدوى البرنامج، في ظل عدم امتلاك الإمارات مركبة فضائية خاصة بها، أو وكالة متخصصة لها خبرات في هذا المضمار، وكذلك في ظل محدودية قدرتها على قيادة رحلات فضائية وتحقيق كشوف علمية بنفسها.

وتصف وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) رائد الفضاء الإماراتي بأنه مشارك في رحلات الفضاء وليس رائد فضاء محترف، حيث قامت أبوظبي بدفع مبلغ مالي ضخم لشراء مقعد لممثلها من وكالة الفضاء الروسية، على غرار رحلات الفضاء السياحية التي يتم عقدها للأثرياء حول العالم.

وبلغت تكلفة رحلة "المنصوري"(35 عاما) إلى الفضاء، والتي استمرت 8 أيام، 40 مليون دولار أمريكي، وفق تقاير روسية.

وتجاهلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، وصف الرحلة الفضائية التي شاركت فيها الإمارات بأنها "مهمة علمية"، مؤكدة أن مركز "محمد بن راشد للفضاء" اشترى مقعدا على متن المركبة "سيوز"، بالطريقة نفسها التي يشتري بها سائحو الفضاء الأثرياء مقاعد على الرحلات المتوجهة إلى المحطة الفضائية.

خطط طموحة

ووفقا للبيانات الرسمية الصادرة عن الحكومة الإماراتية، فإن "المنصوري" برفقة "سكريبوتشكا"، و"مائير"، نفذوا أكثر من 50 تجربة علمية على متن المحطة الدولية عقب الالتحام مع مركبة "سويوز إم إس-15"، دون تفاصيل عن نتائج تلك التجارب.

وتسعى أبوظبي لتطوير شراكتها مع وكالة الفضاء الروسية "روس كوسموس"، وتحقيق قفزة دعائية جديدة لبرنامجها الفضائي، عبر إطلاق "مسبار الأمل"، إلى كوكب المريخ.

ومن المقرر أن يصل المسبار الإماراتي إلى المريخ عام 2021، وهو العام الذي يوافق مرور 50 عاما على تأسيس دولة الإمارات.

وفي أبريل/نيسان الماضي، أعلنت الإمارات نقل أول مسبار عربي من المقرر إرساله إلى كوكب المريخ من دبي إلى جزيرة في اليابان تمهيدا لإطلاقه في الصيف المقبل.

ويمتد حلم الدولة الخليجية الغنية بالنفط إلى إنشاء مستوطنة بشرية في كوكب المريخ بحلول العام 2117، وهي أحلام تجعل الإمارات من بين تسع دول فقط في العالم تطمح لاستكشاف المريخ.

وتبلغ تكلفة مشروع بناء المدينة الفضائية الأولى بدبي 500 مليون درهم، ومن المقرر أن يتم تشييدها على مساحة مليون و900 ألف قدم مربع، على أن تحاكي ظروف الحياة على كوكب المريخ.

مكاسب مأمولة

لم يتوقف الحلم الإماراتي باهظ التكلفة عند هذا الحد، حيث قامت الحكومة الإماراتية بتمرير قانون خاص بتنظيم قطاع الفضاء، بدعوى فتح باب الاستثمار في القطاع الفضائي الوطني أمام مختلف الشركات العالمية.

ويصل حجم الاستثمار في قطاع الفضاء حول العالم إلى قرابة 400 مليار دولار سنويا، وهي كعكة ثمينة، تسعى الإمارات لنيل حصة منها، مع تسخير الفضاء في خدمات الاتصال والتكنولوجيا والبحث العلمي، والمناخ، والتصوير الجوي، ومستقبلا في صناعة وإطلاق الأقمار الصناعية.

ويبلغ حجم الاستثمارات في قطاع الفضاء بدولة الإمارات 22 مليار درهم إماراتي، ويضم فقط 6 شركات ناشئة.

ورغم ذلك، فإن هناك مخاوف جدية من أن كلفة توطين صناعة الفضاء في الإمارات ستكون باهظة جدا، ويمكن أن تبدد ثروات البلاد في طريق شاق وطويل، خاصة في ظل تراجع عائدات البلاد بسبب انخفاض أسعار النفط.

ويعزز تلك المخاوف سيطرة اللقطات الدعائية على رحلة "المنصوري" الأولى إلى الفضاء، بما يشمل اصطحابه علم الإمارات، وصورة للقاء الشيخ "زايد بن سلطان" برواد الفضاء من رحلة أبوللو عام 1976، ونسخة من كتاب "قصتي" للشيخ "محمد بن راشد".

وتتطلب اقتصادات الفضاء ، بنية تكنولوجية متطورة، واستثمارات ضخمة، وخبرات نوعية، لا توفرها بالطبع رحلة سياحية واحدة لرائد متدرب.

تبقى الأيام والسنوات هي الحكم على برنامج الإماراتي الفضائي، ومدى قدرته على تجاوز الدعاية السياسية ليمثل إضافة حقيقية، فضلا عن مدى إمكانية توطين تلك الصناعة في إمارة دبي التي تعاني ركودا اقتصاديا، ويلاحقها الدائنون بفاتورة ديون ثقيلة.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الإمارات الفضاء

بعد قطر.. بن راشد يعلن اتفاقية مع ناسا لتدريب رواد فضاء إماراتيين

بن راشد يعلن إطلاق مهمة جديدة للإمارات إلى الفضاء