مساعدات مصر للغرب.. حملة علاقات عامة لها مآرب أخرى

الجمعة 15 مايو 2020 05:56 م

وصف مراقبون، المساعدات الطبية التي أرسلتها مصر إلى دول غربية، بأنها محاولة جديدة لإظهار القوة الناعمة للبلد على مستوى العالم.

هذه الدبلوماسية، عكست الولع الخاص لنظام الرئيس "عبدالفتاح السيسي" في حملات العلاقات العامة والخطابات البلاغية.

ونشرت الرئاسة المصرية ووزارة الصحة، مقاطع فيديو وصورا لصناديق الإمدادات الطبية التي تم إرسالها إلى دول شملت الولايات المتحدة، والصين، وإيطاليا، والسودان، والمملكة المتحدة.

ويقول أستاذ السياسة في جامعة برمنغهام "جيراسيموس تسوراباس"، إن "الدبلوماسية الصحية ظلت واحدة من الاستراتيجيات التقليدية التي تتبعها دول الجنوب في العالم الساعية للقيام بدور أكثر بروزا على الحلبة الدولية".

ويضيف: "أعتقد أنها استراتيجية قصيرة الأمد، قد لا يتم السير فيها بالضرورة حتى النهاية، أخذا في الاعتبار الحاجات المتزايدة لمصر من أجل الحصول على معدات الوقاية الشخصية".

ويتابع "تسوراباس" قائلا: "فيما يخص القوة الناعمة، تميل مصر إلى إعطاء الأولوية لاعتبارات السياسة الخارجية على حساب الاعتبارات الداخلية".

ووصلت الحالات المؤكدة لوباء (كوفيد-19) في مصر، إلى أكثر من 10 آلاف حالة مع تسجيل أكثر من 550 وفاة، بما في ذلك 9 أطباء و 6 ممرضين.

لكن يقول بعض المراقبين، إن العدد الحقيقي قد يكون أعلى بكثير بسبب المستويات المتدنية للفحص.

أما "داتش روبرتسبيرجر"، وهو ديمقراطي في مجلس النواب ويرأس مجموعة من الحزبين الجمهوري والديمقراطي تدعم العلاقات مع مصر، فيقول إن المساعدات المصرية لأمريكا، "تفسر لماذا تعتبر الدبلوماسية الدولية والحفاظ على العلاقات مع حلفاء مثل مصر ضرورية ليس عند الأزمات ولكن في كل الاوقات".

فيما يشير كبير الخبراء في قضايا الجيش المصري في مركز "كارنيجي" للشرق الأوسط في بيروت "يزيد صايغ"، إلى أن المساعدات عكست "الولع الخاص لحكم السيسي في حملات العلاقات العامة والخطابات البلاغية".

ويتابع أن "هذه التحركات من غير المرجح أن يكون لها أثر دائم على صورة مصر في الخارج".

ويمضى قائلا: "ما سيثير إعجاب الآخرين هو النجاح في احتواء (كوفيد-19)، وتنشيط الاقتصاد مرة أخرى".

لكن المحللين يرون هذه المبادرات بأنها رمزية في وقت يعمل فيه نظام الرعاية الصحية في مصر بأكثر من طاقته.

ففي مارس/آذار، كانت وزيرة الصحة المصرية "هالة زايد"، أول مسؤولة من الخارج تزور الصين، مصدر تفشي الفيروس.

ثم ظهرت "زايد" بعد ذلك بأسابيع في رحلة مُرتبة إلى إيطاليا، وهي بؤرة أوروبية لتفشي الفيروس بشكل مبكر، إذ سلمت بشكل شخصي الكمامات والقفازات لوزير الخارجية الإيطالي.

وسرعان ما سخر منها المصريون على وسائل التواصل الاجتماعي، إذ أشارت نكتة شعبية إلى أن الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي"، أرسل "هالة"، في مهمات تضامن إلى الخارج أملا في التخلص منها؛ بسبب طريقة تعاملها مع الأزمة الصحية.

وانتقد ناشطون، الوزيرة بسبب تجاهلها النقص الحاصل في معدات الوقاية الشخصية بين العاملين في مجال الرعاية الصحية في مصر.

ويضيف "صايغ"، أن الرسالة التي تحاول مصر إيصالها لدول العالم تهدف إلى "تعزيز ادعاءاتها بحكمتها الفائقة وقدرتها الكبيرة ومطالبها بالاحترام على الصعيد الداخلي".

وعقب الانقلاب الذي قاده "السيسي" في 2013 ضد الرئيس الإسلامي الراحل "محمد مرسي"، بنى الجنرال الذي تحول إلى رئيس، علاقة شخصية مع الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، والرئيس الصيني "شي جين بينج"، والرئيس الروسي "فلاديمر بوتين".

وتُرْجِمت هذه الصداقات إلى عمليات شراء ضخمة للأسلحة، علما بأن مصر تُصنف الثالثة عالميا على مستوى استيراد الأسلحة.

ويلعب الجيش دورا بارزا في الحياة العامة في مصر، علما بأن أنشطته تتراوح بين بناء الطرق السريعة وإنتاج المسلسلات الرمضانية إلى بيع معدات الوقاية الشخصية للمواطنين مؤخرا.

من جانبها، تقول "ريم أبو الفضل"، أستاذة السياسة في كلية الدراسات الشرقية والأفريقية بجامعة لندن: "بالرغم من أن خطوة إرسال مساعدات طبية إلى الخارج استهدفت جزئيا الجمهور الخارجي، فإنها كانت مُوجهة أكثر للإستهالك الداخلي".

ويتفق كل المحللين على أن سد النهضة الإثيوبي الضخم لعب دورا في الحملة الأخيرة من "الدبلوماسية الطبية".

وتخشى مصر من أن لجوء إثيوبيا إلى ملء بحيرة السد الجديد يمكن أن يقلل من تدفق مياه نهر النيل، والتي تعتمد عليها مصر في الحصول على معظم حصتها من المياه.

ويشير محللون إلى التعاقد مع شركات إيطالية وصينية كبرى من أجل بناء السد الضخم، وكيف أن مصر دعت الإدارة الأمريكية إلى رعاية المباحثات الثلاثية الجارية مع إثيوبيا والسودان.

وتصر "أبو الفضل"، على أنه "في سياق مواجهة التطورات الأخيرة التي تشكل تهديدا محدقا بمياه النيل، لاحظنا أن السيسي أحيا الدبلوماسية المصرية الموجة للقارة الأفريقية".

وترى "أبو الفضل"، أن هذه الدبلوماسية التي تم الترويج لها للغاية تجاهلت حاجات المصريين في ظل عمل عدة مستشفيات بأكثر من طاقتها بسبب فيروس "كورونا".

وتختتم قائلة: "إن المصريين يدركون تماما النقص الشديد في مجال الصحة العامة، وهي من بين أوجه القصور الأخرى للحكم الحالي".

المصدر | الخليج الجديد + وكالات

  كلمات مفتاحية

كورونا فيروس كورونا وفيات كورونا مكافحة كورونا جائحة كورونا

مصر ترسل مساعدات طبية عاجلة إلى دولة جيبوتي