انتـشـار داعـش .. فشل الغرب

الأربعاء 19 أغسطس 2015 08:08 ص

نشر مؤخرا خبران مقلقان عن داعش. في الأول زعم أن التنظيم يستخدم سلاحا كيميائيا ضد الأكراد في سوريا، وفي الثاني أنه سيطرة على مدينة هامة في شرق ليبيا. يبدو أن شيئا تقريبا غير قادر على وقف انتشار هذا التنظيم الإجرامي في العراق، سوريا، شمال سيناء وليبيا.

كيف يحصل الأمر؟ لماذا لا ينجح الغرب في وقف هذا العدو، الذي المخاطر التي ينتجها مخيفة جدا؟ الجواب مركب من قسمين: تركيا والوهن.

بالنسبة لتركيا: داعش ينشغل بالتصدير والاستيراد، وكلاهما عبر تركيا. التصدير هو للنفط، الذي يشكل مصدر دخله الأساس، والاستيراد هو للمقاتلين والمتطوعين الذين يأتون من كل العالم عبر تركيا. وبشكل ليس مفاجئا جدا، فان تركيا، التي هي عضو في الناتو، تساعد علنا العدو المعلن للحلف.

السياسة الانتهازية لتركيا تستهدف السماح لداعش بقمع الأكراد - ولكنها عمليا تعرض للخطر مصالح أوسع بكثير. صحيح أنه بعد عملية من داعش ضد أهداف كردية داخل تركيا مؤخرا، سمحت أنقرة لطائرات أمريكية باستخدام قواعدها ضد داعش. ولكن هذه البادرة الطيبة الصغيرة لا يمكنها أن تغير سياستها العامة، التي بقيت إشكالية.

 الأمر الثاني والمدهش بقدر لا يقل هو الوزن العملي للغرب. من ناحية عسكرية داعش هو عدو سهل: فهو ليس تنظيم إرهابي مثل القاعدة يختبىء نشطاؤه بين السكان المدنيين. فالحديث يدور عن جيش حقيقي يعمل في أطر كبيرة، له قيادات وأملاك، ومقاتلوه يسافرون في وضح النهار في سيارات تندر يسهل التعرف عليها.

مثال جيد على طبيعة عمل التنظيم كان احتلال مدينة الرمادي في العراق قبل بضعة أسابيع: هذه مدينة كبيرة تقع في نقطة استراتيجية هامة على ضفاف دجلة وعلى الطريق الرئيس بين بغداد وعمان. اقترب الاف من مقاتلي داعش من المدينة في وضح النهار على سيارات تندر مفتوحة واحتلوها بسهولة من الجيش العراقي المنسحب.

عدو كهذا يمكنه أن يكون خبزا لكل جيش غربي قادر بسهولة على ان يعثر على مثل هذه الاهداف ويهاجمها من الجو. ولكن الأمر لم يحصل لأن الغرب لم قرر بعد إقامة منظومة تعالج هذا التهديد بشكل ناجع. مثل هذه المنظومة يمكن أن تبنى على أساسين فقط، وكلاهما بسيط نسبيا خلقه دون المخاطرة بمرابطة جنود غربيين على الأرض.

الأساس الأول هو إقامة جسم استخباري متداخل يمكنه أن يخلق الاهداف في الزمن الحقيقي. طريقة عمل داعش بالذات تسهل على مثل هذا العمل الاستخباري. الأمر الثاني هو القرار بأن مهاجمة أهداف داعش في دول متفككة مثل العراق، سوريا وليبيا (مصر هي حالة أخرى) لا تستدعي أي تنسيق مع الدولة بل العمل تلقائيا في المجال الذي أغلق في صالح أسلحة الجو الغربية من طرف واحد. والتداخل بين هذين الأمريكين - خلق أهداف و «إغلاق دائرة» عملياتية في جدول زمني قصير يمكن أن يؤدي إلى هزيمة داعش في غضون وقت غير طويل.

الكفاح ضد داعش يتميز إذن بضعف سياسي أمام تركيا من جهة وباهمال عسكري غير مفهوم من جهة أخرى. خسارة أن الغرب، وعلى رأسه الولايات المتحدة، يتصرف بمثل هذا الاهمال. نأمل ألا يستيقظ عندم يبدأ داعش باحتلال اوروبا. عندها سيكون الأوان قد فات.

  كلمات مفتاحية

داعش الغرب تركيا الولايات المتحدة أوروبا السلاح الكيميائي أكراد سورية العراق سوريا شمال سيناء ليبيا النفط