استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

كورونا يغير أمريكا

الأربعاء 20 مايو 2020 02:18 م

كورونا يغير أمريكا

المتوقع إجراء تغييرات ضخمة في السياسات لم يكن أحد يتصورها منذ شهور مضت.

طبيعة الأزمة الراهنة تفرض على النظام السياسي إعادة ترتيب أولوياته بشكل يختلف في كثير من جوانبه عما كان سابقا.

حقائق جديدة تنجم عن تداعيات «كورونا» ستتطلب تغييرات تشمل خفض الميزانية العسكرية لتوفير مصادر تلبي احتياجات داخلية عاجلة.

*     *     *

محنة فيروس كورونا دفعت الساخطين على أوضاعهم الاجتماعية، للمطالبة بتغيير أوضاع كانوا متقبلين لها دون اقتناع.

الأحداث الراهنة، والتي لم تكن متوقعة، تهز الأنماط التقليدية في التحليل السياسي، وتجعل من الصعب الفصل بين ما كان قد جرى من انتخاب ترامب رئيساً، على الرغم من عدم انتمائه أصلاً إلى الحزب الجمهوري، وبين الاحتمالات المتوقعة، بشأن تغيير عناصر حاكمة في النظام السياسي الأمريكي، والمستقرة لمئات السنين.

كان صعود ترامب، رغم خروجه على قواعد ثابتة في النظام السياسي، مدفوعاً بأصوات تعبر عن تمرد قطاع من الشعب الأمريكي، ظل طوال ثلاثين عاماً في حالة تململ شبه صامت، إلى أن تحول في نهاية هذه المدة إلى تمرد، من الذين صوتوا لترامب والذين وصفهم كبار المفكرين الأمريكيين بـ«ائتلاف الغاضبين والمحبطين».

ولما كانت الولايات المتحدة، دولة يحرص نظامها السياسي، على المحافظة على مصالح الطبقة الأكثر ثراء، فإن محنة فيروس كورونا قد دفعت الساخطين على أوضاعهم الاجتماعية، للمطالبة بتغيير أوضاع كانوا متقبلين لها دون اقتناع، تمشياً مع عُرْف سائد بينهم، كانوا يترجمونه في جلساتهم العادية أو في استطلاعات الرأي بكلمات محددة هي: «هذه هي أمريكا»، أي أن هذا هو نظامها، ولا سبيل إلى تغييره.

ولعلي أتذكر استطلاعات للرأي في منتصف التسعينات عندما كنت مراسلاً في واشنطن لسنوات، وكان يحوي سؤالاً محدداً يقول: «هل لك كمواطن أمريكي نفوذ على صناعة القرار داخلياً وخارجيا؟»، وكانت الإجابة بأغلبية كبيرة هي «لا.. ليس لنا أي نفوذ، لكن أصحاب النفوذ من قوى الضغط وجماعات المصالح، هم المؤثرون في صناعة القرار».

أتوقف هنا أمام ظاهرتين في التاريخ الأمريكي الحديث، ففي فترة الحرب الباردة كان للمواطنين الأمريكيين من الطبقات الوسطى والفقيرة، مطالب تحتاج إلى ميزانية لحل مشاكل اجتماعية ملحة، وعندما انتهت الحرب الباردة، تصاعدت لدرجة اقتناع بأن السلام قد حل في العالم، ولا بد من أن تحقق لهم الدولة ما أسموهPeace Dividend، أي ثمار السلام.

لكن صانع القرار اتجه إلى زيادة ميزانية التسلح، استجابة لمصلحة أطراف تحالف المؤسسة الصناعية العسكرية، وميل السياسات إلى محاباة الطبقة الأكثر ثراء، وهو ما عبرت عنه تقارير تفصيلية نشرتها الصحف الأمريكية تتحدث عن زيادة انعدام المساواة بين الأمريكيين.

الظاهرة الثانية، ما تضمنته سجلات رسمية من أن هناك 46 مليون أمريكي لا يتمتعون بنظام التأمين الصحي، وهو ما يحرمهم من فرص العلاج في المستشفيات، أو تحمل أسعار الدواء، ورغم محاولات مد مظلة التأمين الصحي ، فإن الاعتبارات السياسية للمؤسسات المؤثرة في صناعة القرار، أفشلت كل هذه المحاولات.

ثم جاءت أزمة فيروس «كورونا»، وبدأت في أجوائها ضغوط اجتماعية لحماية الأمريكيين من أي كوارث بشرية مستقبلية، وضمن هذه الضغوط استطلاع جرى في منتصف مارس الماضي، طالب 40% من المشاركين فيه بنظام للتأمين الصحي الشامل، بينما المعارضون لا يتجاوزون 20%.

وتمشياً مع هذه الاتجاهات، كان ما جاء في الدراسة التي صدرت عن مركز الدراسات الاستراتيجية بكلية الدراسات الدولية المتقدمة في جامعة جونز هوبكنز، من توقعات– بعد تراجع حدة أزمة كورونا بإجراء تغييرات ضخمة في السياسات، لم يكن أحد يتصورها منذ شهور مضت، وإن حقائق جديدة تنجم عن تداعيات «كورونا» سياسية، واقتصادية، واجتماعية، ستتطلب تغييرات تشمل خفض الميزانية العسكرية، لتوفير مصادر تلبي احتياجات داخلية عاجلة.

ولعل أكثر القطاعات المتضررة هي النشاط الاقتصادي، الذي يعد عصب الحياة لبنية الدولة الأمريكية، وخاصة أن خبراء الاقتصاد لا يتوقعون عودة كاملة للاقتصاد بالشكل الذي كان عليه قبل الأزمة الناتجة عن انتشار الفيروس، وما تسببت به من تداعيات في المجالات كافة، وبخاصة الاقتصاد.

في إطار صورة الأوضاع الداخلية، فإن الكثيرين من الضالعين في صناعة القرار ممن عملوا مع عدد من الرؤساء السابقين، يرون أن المفاهيم القديمة للفكر السياسي والاستراتيجي كانت خاطئة، لأنها تباعدت، خاصة في السنوات الأخيرة، في تقدير قيمة وتزايد المطالب الاجتماعية، وأن طبيعة الأزمة الراهنة، تفرض على النظام السياسي، إعادة ترتيب أولوياته، بشكل قد يختلف في كثير من جوانبه عما كان من قبل.

* عاطف الغمري كاتب صحفي مصري

المصدر | الخليج - الشارقة

  كلمات مفتاحية

نيويورك تايمز تخصص صفحتها الأولى لأسماء ضحايا كورونا

40 ألف وفاة في أمريكا اللاتينية والكاريبي بكورونا

الشيوخ الأمريكي يوافق على 38 مليار دولار مساعدات لإسرائيل