في الإمارات بلد التسامح.. السجن بلا نهاية للمطالبين بالإصلاح

الجمعة 5 يونيو 2020 02:13 م

منذ سنوات، وبزعم تشكيلهم تهديدا استراتيجيا على أمن الإمارات، يقبع في سجون الدولة الخليجية معارضون طالبوا بإجراء إصلاحات ديمقراطية في البلد الذي لا توجد فيه أحزاب سياسية ولا انتخابات حقيقية.

وتتكون الدولة من سبع إمارات، ويتنوع اقتصادها بين السياحة والمراكز التجارية والبنوك وعائدات النفط.

وتحاول الإمارات، منذ سنوات، إظهار نفسها بصورة "الدولة المتسامحة"، لكنها تبرز على الساحة حاليا بسياساتها القمعية تجاه مواطنيها، وتدخلاتها العسكرية باليمن وليبيا.

ووفقا لمنظمات حقوق إنسان دولية وتقرير للبرلمان الأوروبي، فإن الإمارات "دولة راسبة" بملف الحقوق والحريات؛ بسبب سياساتها القمعية تجاه المطالبين بإصلاحات ديمقراطية، بينها ضمان حرية التعبير.

ومنذ سنوات، تزج السلطات الإماراتية في السجون بالمئات من الناشطين السلميين وناشطي حقوق الإنسان، المطالبين بإصلاح سياسي يفتح المجال أمام انتخابات ديمقراطية حقيقية.

وعادة ما تنفي السلطات الإماراتية صحة اتهامات متكررة لها بارتكاب انتهاكات حقوقية.

وضع "مخيف للغاية"

قال مدير منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية في الشرق الأوسط "مايكل بيج"، للأناضول، إن الإمارات تنتهج سياسة صارمة للغاية في مجال حقوق الإنسان، رغم أنها قامت باستثمارات جادة لتحظى بصورة "الدولة المتسامحة والديمقراطية".

وتابع: توجد جهود واستثمارات جادة من أمراء الإمارات لإظهار دولتهم كأنها متسامحة تحترم حقوق الإنسان، حتى أنهم أعلنوا 2019 "عام التسامح"، لكن وضع حقوق الإنسان في الإمارات "مخيف للغاية".

وأضاف أن الإدارة الإماراتية تهاجم منذ 2011، باستمرار، الناشطين والمنظمات المدافعة عن حرية التعبير.

واستطرد: "الحكومة الإماراتية تمارس الاعتقال التعسفي والجبري ضد مواطنيها، الذين ينتقدون الإدارة داخل الدولة. جميع مواطني الإمارات الذين يرفعون أصواتهم بشأن حقوق الإنسان يواجهون مخاطر، كالاعتقال التعسفي والسجن والتعذيب".

وأفاد بيج بأنه ليس لديهم معلومات عن عدد السجناء السياسيين بسجون الإمارات، لكن من المعلوم جيدا أن أشخاصا عديدين حُكم عليهم بالسجن لسنوات أو اضطروا لمغادرة الإمارات؛ بسبب ضغوط مورست عليهم.

قمع الحركة الإصلاحية

في 1974، وبموافقة أمير دبي آنذاك، الشيخ "راشد بن سعيد آل مكتوم"، تم تسجيل منظمة "الإصلاح والتوجيه الاجتماعي"، المعروفة باسم "الحركة الإصلاحية"، للمرة الأولى في الإمارات كمنظمة حكومية مدنية.

وواصلت حركة الإصلاح أنشطتها لأكثر من 20 عاما في المجالات الرياضية والثقافية والأعمال الخيرية.

كما بدأت الحركة أنشطة سياسية في الإمارات، وكان الهدف من الحركة إنشاء مجلس منتخب يمثل المواطنين الإماراتيين بشكل مباشر.

وفي 1994 أبعدت الحكومة أعضاء مجلس إدارة الحركة الإصلاحية؛ بسبب مطالباتهم بإصلاح سياسي، وعينت مجلس إدارة جديد، وتم تقييد جميع أنشطة الحركة داخل الإمارات.

وجرى استبعاد المنتسبين للحركة من وظائفهم، وفي مقدمتهم العاملين بالمجال الأكاديمي والإعلام والصحة.

وفي مارس/ آذار 2011، اعتقلت السلطات رئيس الحركة الشيخ "سلطان بن كايد قاسمي"؛ لتوقيعه طلبًا لإصلاح الهيكل السياسي بالبلاد.

وبعد ثورات الربيع العربي، بدأت أواخر 2010، تم اعتقال وسجن نحو 60 آخرين من أعضاء الحركة الإصلاحية.

وأطلقت السلطات الإماراتية حملة لتشويه الحركة أمام الرأي العام، زاعمة أنهم يشكلون "خطرا استراتيجيا على الأمن في البلاد"؛ بسبب ارتباطهم بجماعة الإخوان المسلمين.

ووفقا لتقرير أعده البرلمان الأوروبي، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2012، فإن حركة الإصلاح ليس لديها دعم خارجي أو جناح مسلح، وترفع حزمة مطالب مشروعة، كالإصلاح السياسي، وإنشاء برلمان منتخب، وهي تتعرض باستمرار لاتهامات من الدولة بزعم أنها منظمة مدعومة من الخارج، ولها جناح مسلح وأنشطة سرية.

وفي تصريح بخصوص المطالب المتصاعدة بشأن الإصلاحات السياسية في الإمارات بعد الربيع العربي، قال وزير الدولة للشؤون الخارجية في الإمارات "أنور قرقاش"، إنهم لا يهدفون للانتقال إلى نظام التعددية الحزبية، بحجة أن هذا النظام لا يتوافق مع التركيبة الثقافية والتطورات التاريخية للإمارات.

وبعد فترة الربيع العربي خاصة، قامت إدارة أبوظبي، التي تنتهج سياسة قمعية تجاه المنظمات والمدنيين المطالبين بوجود معارضة وإجراء إصلاح سياسي، برفع دعوى قضائية ضد 94 شخصًا وقعوا على إعلان "الإصلاح الديمقراطي"، عام 2013.

ووفقا لتقرير منصة الحملة الدولية للحرية في الإمارات (ICFUAE)، ومقرها في إنجلترا، تم اتهام الناشطين الـ94، وهم طلاب وأكاديميون وصحفيون ومدرسون، بـ"محاولة الإطاحة بالحكومة"، في 27 يناير/ كانون الثاني 2013.

وأُدين 69 من الناشطين، وحُكم عليهم بالسجن بين 7 سنوات و15 سنة. ويفيد التقرير بأن بعض المدانين لم يُفرج عنهم حتى الآن، رغم انتهاء فترة عقوباتهم.

استهداف حقوقيين وأكاديميين

في مارس/آذار 2017، تم اعتقال "أحمد منصور"، وهو ناشط إماراتي مدافع عن حقوق الإنسان وحاصل على جائزة "مارتن انالز" الحقوقية الدولية، وذلك بتهمة "نشر معلومات تضر بالوحدة الوطنية، على وسائل التواصل الاجتماعي".

لمدة عام تقريبًا بعد اعتقاله، لم يتم الكشف عن مكان احتجاز "منصور"، ثم أُعلن أنه حُكم عليه بالسجن 10 سنوات، في 27 مايو/أيار 2018.

وفي أغسطس/آب 2015، اُعتقل بشكل تعسفي "ناصر بن قيس"، وهو أكاديمي بارز وجه انتقادات للمسؤولين الإماراتيين والمصريين، ولم يتم تحديد مكان احتجازه.

ولم يتم تقديم "بن قيس" إلى المحكمة، إلا بعد عامين على اعتقاله، وذلك في مارس/آذار 2017، وحُكم عليه بالسجن 10 سنوات.

جوانتانامو الإمارات

ويتم احتجاز المفكرين والناشطين في سجن "الرزين"، وهو يتمتع بإجراءات أمنية مشددة للغاية، ويقع على بعد 120 كم من أبوظبي.

وبحسب تقرير الحملة الدولية للحرية في الإمارات، فإن هذا السجن يوصف بأنه "جوانتانامو الإمارات"، في إشارة إلى السجن الأمريكي سيء السمعة.

وأفاد التقرير بأن السجن الموجود وسط الصحراء يسجل درجات حرارة قياسية في أشهر الصيف، وأقل بكثير من حيث المعايير التي حددتها الأمم المتحدة للسجون.

وتابع أنه يتم اختيار الحراس غالبا من دول أجنبية وغير الناطقة بالعربية، مثل نيبال.

وشدد على أن السجناء في "الرزين" يتعرضون للتعذيب الشديد، ولا يُسمح لهم حتى بأداء صلاة الجمعة في جماعة.

المصدر | الأناضول

  كلمات مفتاحية

التسامح سجون الإمارات

من مصر إلى السعودية والإمارات.. معاناة النساء تتواصل في سجون الأنظمة العربية

بولندي يكشف تفاصيل تعذيب أحمد منصور نفسيا بسجون الإمارات

الأفغاني حمدالله خيل: جوانتانامو أرحم من سجون الإمارات

العفو الدولية تدعو الإمارات لإطلاق سراح معتقلين إصلاحيين أنهوا محكوميتهم