استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

أمريكا العنصرية: نسق الجذور وهامش الفروع

الأحد 7 يونيو 2020 07:58 م

أمريكا العنصرية: نسق الجذور وهامش الفروع

ماذا قصد الشرطي الأبيض حين جثم بركبته على عنق المواطن الأسود فلويد سوى ممارسة ما بحوزته من نسق التسلط؟!

*     *     *

157 سنة تفصل بين قتل المواطن الأمريكي الأسود جورج فلويد، اختناقاً تحت ركبة ضابط الشرطة الأمريكي الأبيض ديريك شوفين؛ وبين الأمر الإداري الذي أصدره أبراهام لنكن (لنكولن)، الرئيس الأمريكي السادس عشر، حول تحرير العبيد.

وثمة 185 سنة تفصلنا عن مصطلح "الاستثنائية الأمريكية" الذي سنّه المفكر السياسي الفرنسي ألكسيس دو توكفيل في كتابه الشهير عن الديمقراطية الأمريكية.

لم تتبدّل دلالات هذه التواريخ/ المنعطفات إلا بمعنى تفريغ التحرير من مضامين نوعية وتسييره نحو مزيد من التمييز العنصري والاستعباد الجديد المضمر.

وكذلك انحطاط المصطلح الذي يتوسل "الحلم الأمريكي" إلى إمبريالية ضاربة غازية، ينزلق أبناؤها البيض نحو شعارات عنصرية بدورها، عدا عن شعبويتها الجوفاء، الانعزالية والفئوية والقوموية.

ولم يكن بعيداً ذلك الزمن الذي شهد تصريحات عنصرية صرفة ومعلنة صدرت عن سيد البيت الأبيض نفسه، دونالد ترامب، بحقّ أربع نساء نائبات في الكونغرس الأمريكي، ألكسندرا أوكازيوــ كورتيز، إيانا بريسلي، رشيدة طليب، وإلهان عمر؛ ووقوفه صامتاً، طوال 13 ثانية، خلال أحد تجمعاته الانتخابية، ينصت إلى هتاف عنصري ينادي بإعادة النائبة عمر، صومالية الأصل، إلى موطنها.

قبل ذلك، حين كان ترامب مرشح الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية، تبنى مئات من مندوبي الحزب في ولايات مختلفة أطروحاته حول ترحيل اللاجئين والمهاجرين، المسلمين منهم خاصة؛ ومنع المسلمين، الذين لا يحملون الجنسية الأمريكية، من دخول الولايات المتحدة.

وهنا أيضاً، لم ينقض وقت طويل حتى اقترنت بشخص ترامب تلك الأنساق المتنوعة من يقظة المشاعر العنصرية ضدّ مواطني أمريكا أنفسهم، من غير المسلمين وغير المهاجرين واللاجئين، أي السود الأفرو- أمريكيين؛ كما أظهر استطلاع قامت به مؤسسة YouGov.

استفاقت (من سبات غير عميق في الواقع!) ميول بعض مناصري ترامب إلى "اللاتسامح الديني، أو الاجتماعي، أو العرقي"؛ فلم يقتصر الأمر على تأييد خطاب الكراهية الذي كان يبشر به ترامب، فحسب.

بل لقد اتضح أنّ أنصاره يريدون منه أن يعطيهم ما لم يتجاسر هو نفسه على الوعد به: إعادة النظر في الموقف من المثليين، والحرب الأهلية الأمريكية، وتفوّق العرق الأبيض، ومعاملة الأمريكيين من أصول يابانية، و.. أمر لنكن الإداري حول تحرير العبيد!

ولكن… لماذا يُلام أنصار ترامب، والرئيس الأمريكي نفسه، إذا كان سلفه لنكن هو صاحب السبق إلى "تصنيف" محدد واضح لمعنى تحرير العبيد، أو وضع المواطنين من أصول أفريقية على قدم المساواة مع البيض، أو الدعوة إلى تكافؤ من أيّ نوع بين "العرقين"؟

ففي خطاب شهير قال التالي: "إذا كنت لا أريد لامرأة سوداء أن تكون عبدة، فهل هذا يعني أنني أريدها زوجة؟ [هتاف وضحكات] إنني سوف أساند حتى النهاية ذلك القانون الذي يحظر التزاوج بين البيض والسود.

وأقول إنني لم أكن، ولن أكون أبداً، من دعاة المساواة الاجتماعية أو السياسية بين العرقين الأبيض والأسود [تصفيق حاد]، أو من دعاة منح السود حقّ التصويت أو عضوية هيئات المحلفين، أو تأهيلهم بما يتيح إمكانية شغلهم الوظائف التي يشغلها البيض".

الأصول هنا، إذن، عميقة متجذرة في باطن أرض تواصل استنبات ذلك الطراز من "حلم أمريكي" لا يكفّ عن التشوّه والانحراف والانحطاط، ويشهد سيرورات مفزعة من امتزاج العنصرية والشعبوية والتفوّق العرقي والفاشية وثقافة العنف، مع تقديس نزعات التسلط والتضييق على الإعلام وتحقير الحريات العامة وانتهاج الانتقام وبثّ التفرقة، التي تُظهّر شخصية ترامب.

وكان الباحث السياسي الأمريكي ماثيو ماكوليامز قد استقصى دوافع أنصار الرئيس الأمريكي المختلفة، فاستنتج أنّ العامل الأكثر تأثيراً ليس الإيديولوجيا أو الانتماء الحزبي أو الإنجيلي؛ بل تبجيل السلوك التسلطي على وجه التحديد.

وفي نهاية المطاف، ما الذي سعى إليه الشرطي الأبيض شوفين، حين جثم بركبته على عنق المواطن الأسود فلويد، سوى ممارسة ما في حوزته من نسق التسلط؟

* صبحي حديدي كاتب صحفي سوري مقيم بفرنسا.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

فيديو.. حادث عنصري يثير الغضب في أمريكا بعد اعتداء الشرطة على مواطن أسود