إيران في الوحل السوري

الاثنين 24 أغسطس 2015 08:08 ص

صلية الصواريخ على الجليل وعلى الجولان يوم الخميس كانت شاذة. ليس فقط بوقاحتها – أي نار مباشرة على (إسرائيل) – بل وليس في الرد غير المسبوق للجيش الإسرائيلي الذي في الأزمنة العادية كان يمكن أن يؤدي إلى اندلاع حرب مع سوريا. القصة هنا ليست أيضا هي الجهاد الاسلامي أو حتى سوريا التي من المشكوك فيه أن تكون عالمة مسبقا بالنار. هذه خطوة مصممة للعلاقات بين (إسرائيل) وإيران بعد الاتفاق النووي.

سوريا اليوم لم تعد دولة واحدة، وعمليا ليست دولة على الإطلاق: فالأسد يسيطر على نحو 40% من المنطقة فقط، ولا يجري فيها أي عمل سلطوي سليم باستثناء الحرب على أجزائها بين بقايا حكمه وبين «داعش»، جبهة النصرة، منظمات الثوار، الأكراد والآن الدروز أيضا.

إيران، من خلال حزب الله، أخذت منذ زمن بعيد القيادة العملية على ما يجري في سوريا، بل وتمليه. فالتفكك السريع لجيش الأسد فاجأهم هم أيضا (مثلما فاجأنا نحن والروس ايضا)، ونظام آيام الله علق في ضائقة بعد أن تكبد حزب الله حتى الآن قرابة ألف قتيل من أصل عشرة آلاف من مقاتليه.

إيران عالقة في سوريا وتوجد في وضع غير قليل من انعدام الوسيلة فيما تخاطر بالفشل. بغداد هي الأخرى في وضع مشابه. وهذا كفيل بأن يكون الجواب – فضلا عن تأثير العقوبات التي كانت قاسية ولكن غير حاسمة – على سؤال لماذا اختارت إيران في النهاية الموافقة على التوقيع على الاتفاق النووي، الذي يعد مهينا من ناحيتها: مغامرتها الإقليمية علقت في ضائقة.

إذن لماذا كان هاما لإيران في وقت حساس بهذا القدر، عشية إقرار الاتفاق النووي في واشنطن، المخاطرة بعملية موجهة ضد (إسرائيل)؟ يمكن لنشاط (إسرائيل) الحثيث ضد إقرار الاتفاق النووي أن يكون هو السبب. ومثل هذه الإمكانية كفيلة بأن تشرح لماذا وجه «قاسم سليماني» بالذات خلية الجهاد الاسلامي لأسعد ازدي أن تنفذ النار نحو (إسرائيل)، وليس الجهة الطبيعية – حزب الله. يمكن الافتراض بأن حزب الله لا يسارع إلى المخاطرة الآن برد إسرائيلي حاد ولهذا فقد فضلت إيران أن تبعد عنه الدليل من خلال جهة خارجية.

لقد كان رد (إسرائيل) السريع والحازم بهجوم قوي على القوات السورية جوابا صهيونيا واستراتيجيا فائقا: فقد أوضحت للإيرانيين بأن ليس لهم مخبأ تحت شمس الاستخبارات الإسرائيلية وكل خدعهم مآلها الفشل. ثانيا، تفهم (إسرائيل) جيدا اللعبة الإيرانية وقد مست بالحلقة الأضعف في السلسلة. إذا كان الجيش السوري سينهار – فإن قبضتهم في سوريا كلها ستنتهي.

إن حادثة الصواريخ هي بالفعل هامة في معادلة الردع التي ينبغي لإسرائيل أن تخلقها حيال المجال الفوضوي السوري والتوسع الإيراني الإقليمي. فالخوف من أن تتعزز قوة إيران في أعقاب رفع العقوبات هو خوف حقيقي. ولكن استخبارات مركزة و«رفع البطانية» عن «أعمالها السرية» بالتداخل مع ضربة قوية لمصالحها ومراكز القوة الخاصة بها، ستبقى الجواب الأكثر صحة. إيران لا تنجح بشكل ذي مغزى في أي من مجالات عملها. ودمج للمساعي بين (إسرائيل) والدول المعتدلة في المنطقة، إلى جانب الامريكيين، سيساهم في قصقصة أيديها.

  كلمات مفتاحية

إسرائيل الجولان قصف الجليل إيران مغامرات إقليمية سوريا العراق الاتفاق النووي