هل التطورات العالمية تقرب روسيا من حلم أوراسيا الكبرى؟

الاثنين 15 يونيو 2020 04:41 ص

يُعرف البروفيسور "سيرجي كاراجانوف" بشكل غير رسمي في دوائر السياسة الخارجية المؤثرة باسم "كيسنجر الروسي"، مع ميزة إضافية تتمثل في عدم حمله لقب "مجرم حرب" من فيتنام وكمبوديا إلى تشيلي وما بعدها.

و"كاراجانوف" هو عميد كلية الاقتصاد العالمي والشؤون الدولية في الكلية العليا للاقتصاد بجامعة البحوث الوطنية الروسية، كما أنه الرئيس الفخري لمجلس السياسة الخارجية والدفاعية الروسي.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2018، كان من دواعي سروري أن يتم استقبالي في مكتب "كاراجانوف" في موسكو للتحدث بشكل أساسي حول "أوراسيا الكبرى"، أي المسار الروسي للتكامل بين أوروبا وآسيا.

وبالرغم من إشارته إلى أن الاتحاد الأوروبي في طريقه نحو التفكك ببطء، يقول "كاراجانوف" إن العلاقات بين روسيا والاتحاد الأوروبي في طريقها إلى التطبيع النسبي. وهذا شيء تمت مناقشته بنشاط في أروقة بروكسل منذ شهور.

ومع ذلك، كما يقول "كاراجانوف"، "لا تعرف الديمقراطيات الغربية كيف تعيش بدون عدو".

وهذا سبب التصريحات الروتينية للأمين العام لحلف شمال الأطلسي "ستولتنبرج" حول "التهديد الروسي".

وبالرغم أن تجارة روسيا مع آسيا تعادل الآن التجارة مع الاتحاد الأوروبي، فقد ظهر "تهديد" جديد في أوروبا، وهي الصين.

والأسبوع الماضي، ظهر تحالف برلماني ضد الصين كهدف جديد للشيطنة، ضم ممثلين من اليابان وكندا وأستراليا وألمانيا والمملكة المتحدة والنرويج والسويد، بالإضافة إلى أعضاء البرلمان الأوروبي.

وتم توجيه أصابع الاتهام إلى الصين "بقيادة الحزب الشيوعي الصيني" على أنها "تهديد" لـ "القيم الغربية"، أي نفس الثالوث القديم (الديمقراطية وحقوق الإنسان والنيوليبرالية).

ولا يعد تصدير "التهديد المزدوج المتصور" من روسيا والصين سوى انعكاس للصراع الرئيسي في لعبة الشطرنج الكبرى.

  • قوة آسيوية عظيمة

ويقسّم "كاراجانوف" الشراكة الاستراتيجية الحاسمة بين روسيا والصين إلى صيغة يسهل استيعابها، فيقول: "بقدر ما تجد بكين دعما قويا في قوة روسيا الاستراتيجية كرادع مضادة للولايات المتحدة، يمكن لموسكو الاعتماد على القوة الاقتصادية للصين".

ويتذكر "كاراجانوف" الحقيقة الحاسمة التي مفادها أنه عندما بلغ الضغط الغربي على روسيا ذروته بعد استفتاء شبه جزيرة القرم، عرضت بكين على موسكو ائتمانا غير محدود تقريبا، لكن روسيا قررت مواجهة الوضع بمفردها.

وتعد إحدى الفوائد اللاحقة هي أن روسيا والصين تخلت عن منافستها في آسيا الوسطى، وهو شيء رأيته بنفسي في رحلاتي أواخر العام الماضي.

ولا يعني هذا أن المنافسة قد انتهت. وتكشف المحادثات مع المحللين الروس الآخرين أن الخوف من القوة الصينية المفرطة ما زال مستمرا، خاصة فيما يتعلق بعلاقات الصين مع الدول الضعيفة محدودة السيادة.

ويقول "كاراجانوف" إن روسيا "قريبة من الصين من حيث التاريخ المشترك، بالرغم من المسافة الثقافية الهائلة التي تفصل بينهما". وحتى القرن الـ 15، كان كلاهما تحت إمبراطورية "جنكيز خان"، الإمبراطورية الأكبر في التاريخ.

وإذا كانت الصين قد استوعبت المغول، فقد انتهى الأمر بروسيا إلى طردهم، ولكن خلال قرنين ونصف من الخضوع، اشتركا في العديد من السمات الآسيوية.

ويرى "كاراجانوف" أن الطبقة السياسية الأمريكية تدشن لـ "حرب باردة جديدة" ضد الصين وأن واشنطن تسعى لمعركة أخيرة تحافظ من خلالها على ما تبقى من هيمنة للولايات المتحدة على النظام العالمي المنهار.

  • حركة عدم الانحياز الجديدة

ويعد "كاراجانوف" حادا جدا فيما يتعلق بالدعوات لاستقلال روسيا عن العالم الخارجي، وفي ذلك يقول بصوت حاد: "من أشار إلى هيمنة عالمية أو إقليمية؟ من نسل جنكيز خان إلى تشارلز الثاني عشر في السويد، ومن نابليون إلى هتلر، ظلت روسيا تتمتع بالاكتفاء الذاتي في المجالين السياسي والعسكري، وليس في المجالات الاقتصادية والتكنولوجية والسيبرانية، حيث تحتاج إلى الأسواق والشركاء الخارجيين، حيث يبحثون ويجدون ما يريدون".

ونتيجة لذلك فإن حلم التقارب بين روسيا والاتحاد الأوروبي لا يزال على قيد الحياة إلى حد كبير، ولكن في ظل "الرؤى الأوراسية".

وهنا يأتي مفهوم "أوراسيا الكبرى"، وهو "شراكة متعددة الأطراف ومتكاملة، مدعومة رسميا من بكين، على أساس نظام متساوي من الروابط الاقتصادية والسياسية والثقافية بين الدول المختلفة. ويشمل هذا جزءا مهما من الطرف الغربي للقارة الأوراسية، أي أوروبا". وتلعب الصين في هذا التصور دور "أول النظراء".

وهذا هو ما يشير إليه التطور في رقعة الشطرنج الكبرى على ما يبدو.

ويحدد "كاراجانوف" أوروبا الغربية والشمالية على أنها منجذبة إلى "القطب الأمريكي"، بينما يميل جنوب وشرق أوروبا إلى "المشروع الأوراسي".

وسيكون الدور الروسي، في هذا الإطار، هو "الموازنة بين القوتين المهيمنتين المحتملين، كضامن لاتحاد جديد من دول عدم الانحياز".

ويشير ذلك إلى تكوين جديد مثير للاهتمام للغاية لـ "حركة عدم الانحياز".

لذا فإن روسيا هنا واحدة من مؤيدي شراكة جديدة متعددة الأطراف، وقد انتقلت أخيرا من كونها دولة "تحيط بأوروبا أو آسيا"، إلى "أحد المراكز الأساسية في شمال أوراسيا"، وهو عمل تتقدم نحو إنجازه باضطراد.

المصدر | ببيب إسكوبار/آسيا تايمز - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

عدم الانحياز أوراسيا الكبرى الشراكة الصينية الروسية

مناورات بحرية كبرى بين إيران وروسيا والصين