استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

إسقاط التماثيل

الثلاثاء 16 يونيو 2020 07:55 م

إسقاط التماثيل

أمريكا تقف اليوم أمام أسئلة كبرى تجاه ماضيها البغيض ولم تكن الإطاحة بالتماثيل في أمريكا عشوائية.

بإسقاط تماثيل الماضي البغيض يريد المحتجون وضعه قيد النقاش لئلا يظل مسكوتاً عنه لما لانهاية.

المتظاهرون ينتقمون من أشباح الماضي التي استعبد أصحابها الأفارقة وخاضوا حروبا لتأبيد هذه العبودية.

*     *     *

أذكر أني قرأت حواراً مع كاتب من إحدى جمهوريات البلطيق التي كانت في عداد الاتحاد السوفييتي السابق، وكانت هذه الجمهوريات: لاتفيا وليتوانيا وأستونيا هي الخاصرة الرخوة التي منها بدأ مشروع تفكيكه، كونها آخر الجمهوريات التي انضمت إلى الدولة السوفييتية بعد الحرب العالمية الثانية.

الحوار المشار إليه جرى في لحظة كانت المظاهرات تملأ الشوارع مطالبة بالانفصال عن الدولة السوفييتية. كان الكاتب ومحاوره يجلسان في مقهى يطلّ على ساحة يقف في وسطها على قاعدة ضخمة تمثال لفلاديمير لينين، مؤسس الاتحاد السوفييتي.

وإن لم تخن الذاكرة فإن المحاور سأل الكاتب وهو يشير إلى التمثال: ماذا يعني لك؟ لم يكن الكاتب يُحب لينين، وكان من أكثر المتحمسين لفكرة الانفصال، لكنه أجاب: إن التمثال شاهد على حقبة من تاريخنا. لست مع إزالته. لكل عصر علاماته.

لا أعلم ما الذي حلّ بالتمثال بعد أن خرجت تلك البلاد من الاتحاد السوفييتي، أبقي مكانه أم أزيل؟ ولكن ما يهمنا هنا شهادة الكاتب.

في بلد عربي هو تونس، بعد أن استتب الأمر لزين العابدين بن علي، وأصبح الآمر الناهي في البلاد، شعر بأن طيف مؤسس الجمهورية التونسية الحبيب بورقيبة يؤرقه. أين زين العابدين من «كاريزما» بورقيبة ودوره ومنجزاته؟

فرأى أن ينقل تمثال بورقيبة الذي يقف شامخاً في مدخل الشارع الأهم في قلب تونس العاصمة، إلى ضاحية حلق الوادي، كأنه يريد أن يزيح بورقيبة ولو جزئياً من الذاكرة.

في حملة إسقاط التماثيل من قبل المحتجين الغاضبين في كافة الولايات الأمريكية اليوم، نحن إزاء أمر مختلف. أمريكا تقف اليوم أمام أسئلة كبرى تجاه جوانب ماضيها البغيضة. كأن المحتجين بإسقاطهم تماثيل ذلك الماضي البغيض يريدون وضعه تحت مجهر النقاش، كي لا يظل مسكوتاً عنه إلى ما لانهاية.

لم تكن الإطاحة بالتماثيل في أمريكا عشوائية. المتظاهرون ينتقمون من أشباح الماضي التي استعبد أصحابها الأفارقة الأمريكان، وخاضوا الحروب من أجل تأبيد هذه العبودية.

لذا اقتلع المتظاهرون تماثيل كريستوفر كولومبس ونصباً لجنرالات وساسة مؤيدين للعبودية خلال الحرب الأهلية. يمكن تلخيص ما يجري في كونه وضع خطايا الماضي في مرآة الحاضر للمساءلة والعظة.

* د. حسن مدن كاتب صحفي من البحرين

المصدر | الخليج - الشارقة

  كلمات مفتاحية