عام على رحيل مرسي.. هل آن أوان الكشف عن ملابسات وفاته؟

الأربعاء 17 يونيو 2020 06:05 م

تحل في 17 يونيو/حزيران الجاري، الذكرى الأولى لوفاة الرئيس المصري الراحل "محمد مرسي"، أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا في تاريخ البلاد.

وعلى الرغم من مرور عام على وفاة "مرسي" في محبسه، أثناء حضوره جلسة محاكمته على ذمة إحدى القضايا، فإن الغموض يحيط بملابسات وفاته، دون توجيه اتهامات جنائية لأحد.

وحرمت السلطات المصرية، آنذاك، أسرته، من دفنه في مسقط رأسه بقرية العدوة التابعة لمركز ههيا بمحافظة الشرقية (دلتا النيل)، كما منعت إقامة صلاة الجنازة عليه، أو تقديم العزاء لأسرته.

وقضى "مرسي" 6 سنوات في السجن، عقب انقلاب عسكري نفذه وزير الدفاع (حينها)، والرئيس الحالي "عبدالفتاح السيسي"، في الثالث من يوليو/تموز 2013.

مطالبات بالتحقيق

ومنذ رحيل "مرسي" تعددت المطالبات الدولية بإجراء تحقيق مستقل في وفاته، على مدار عام كامل، دون أن تتم ترجمة ذلك على أرض الواقع.

وطالب الناطق باسم مفوضية حقوق الإنسان بالأمم المتحدة "روبرت كولفل"، بتحقيق "سريع ونزيه شامل وشفاف" تقوم به هيئة مستقلة لتوضيح أسباب وفاة "مرسي".

ودعا الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان"، على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا اليابانية، في الشهر ذاته، إلى إجراء "تحقيق شامل" في كافة ظروف الوفاة، لافتا إلى أن هناك شكوكا حول وفاته.

ولاحقا صعد "أردوغان" من لهجته، معتبرا أن "مرسي" (67 عاما) قد "قُتل ولم يمت لأسباب طبيعية"، وتعهد بالسعي من أجل محاكمة الحكومة المصرية أمام المحاكم الدولية، كما دعا منظمة التعاون الإسلامي للتحرك من أجل الوصول لهذا الهدف.

ووصف الرئيس التونسي الأسبق "محمد المنصف المرزوقي"، "مرسي" بأنه "شهيد"، مؤكدا أن التوصيف الوحيد لما جرى له أنه "قتل تحت التعذيب".

وحث البرلماني البريطاني من حزب المحافظين "كريسبن بلانت"، على ضرورة فتح "تحقيق دولي مستقل" في ملابسات وفاة "مرسي" قائلا في بيان، إنه "لم يكن سجينا عاديا".

وتقدم المحامي الفرنسي "جيليز ديفيرز" بطلب إلى الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية؛ للتحقيق في وفاة الرئيس المصري الراحل، مشددا على ضرورة إرسال خبراء إلى مصر لفحص التقارير الطبية وتحديد سبب الوفاة.

أما حقوقيا، فقد دعت "منظمة العفو الدولية" ومنظمة "هيومن رايتس ووتش"، السلطات المصرية إلى إجراء تحقيق فوري في وفاة الرئيس الأسبق.

كما طالبت منظمة "عدالة وحقوق بلا حدود" (مقرها باريس)، بإجراء تحقيق دولي شفاف في وفاة "مرسي".

وفي الداخل، وصفت جماعة "الإخوان المسلمون"، وفاة "مرسي" بأنها "جريمة اغتيال"، مطالبة بتحقيق دولي في القضية.

ملابسات الوفاة

يعزز المطالبات الدولية بالتحقيق في ملابسات وفاة "مرسي"، ظروف الاعتقال والحبس الانفرادي التي تعرض لها مرسي طوال فترة اعتقاله وحتى وفاته.

ووفق منظمة "العفو الدولية" فإن "مرسي" تعرض للإخفاء القسري لعدة أشهر بعد اعتقاله، قبل مثوله للمرة الأولى أمام قاض في 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2013.

وقضى الرئيس الراحل (مكث عاما واحدا فقط في الحكم)، 6 سنوات في الحبس الانفرادي، ما وضع ضغوطا كبيرة على صحته النفسية والبدنية.

وخلال فترة سجنه، جرى عزل "مرسي" نهائيا عن العالم الخارجي، ولم يسمح له سوى بـ3 زيارات عائلية خلال أعوام حبسه الستة، ومنع من الاتصال بمحاميه أو الطبيب، كما جرى وضعه في قفص زجاجي للحيلولة دون التواصل معه أو سماع شهادته.

وتفيد تقارير حقوقية محلية ودولية بحرمان "مرسي" من الدواء والمتابعة الطبية الدورية، وكذلك حرمانه من التغذية السليمة، والتريض، والقراءة.

ووجهت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية، الاتهام للشرطة المصرية بالتسبب في قتل "مرسي"، بعدما تركته ملقا على الأرض في المحكمة لمدة 20 دقيقة، دون تقديم الإسعافات الأولية له.

وفي أغسطس/آب 2015، ألمح "مرسي" إلى تعرضه لمحاولة تسمم عن طريق الطعام داخل محبسه، قائلا إنه "رفض تناول طعام لو أكلَه لحدثت جريمة"، مشيرا إلى أن "5 إجراءات حدثت له داخل السجن، كانت تهدف لحصول جريمة بحقه"، دون الإفصاح عن تلك الإجراءات.

شهادة بريطانية

ورصدت لجنة برلمانية بريطانية (ترأسها كريسبين بلانت)، في تقرير مكون من 53 صفحة، في مارس/آذار 2018، ظروف اعتقال "مرسي"، مؤكدة تدهور وضعه الصحي قبل أكثر من عام من سقوطه مغشيا عليه داخل قفص محاكمته.

وأكد التقرير معاناة "مرسي" من السكري، وانخفاض مستوى السكر لديه، وارتفاع ضغط الدم، ما عرضه لحالات من فقدان الوعي، ناهيك عن حرمانه من الطعام المناسب لوضعه الصحي.

وذكرت اللجنة، أن الرئيس المصري الراحل عانى تدهورا في حاسة البصر، وآلاما في الظهر والعظام جراء نومه على الأرض، مع تعنت السلطات في الاستجابة لمطالبه بتقديم الرعاية الطبية، والطعام المناسب، له على نفقته الخاصة.

وإلى جانب تلك الظروف الصحية، احتجز "مرسي" في زنزانة انفرادية، وجرى حرمانه من التواصل مع أي شخص على مدار اليوم، كذلك حرمانه من الكتب والصحف والورق والقلم والراديو.

وخلصت اللجنة البريطانية، إلى أن "مرسي" لا يتلقى الرعاية الطبية الكافية وخاصة في ما يتعلق بمرض السكري والتهاب الكبد، ووصفت ظروف الاعتقال بأنها ترتقي إلى مستوى التعذيب، وأن هذه الظروف قد "تُعّجل بوفاته".

ووفق خطاب مرسل من مركز "جيرنيكا للعدالة الدولية" المختص بملاحقة منتهكي القانون الدولي وقوانين حقوق الإنسان (مقره لندن)، إلى مفوض اللجنة الدولية لحقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة في ديسمبر/كانون الأول 2017، فإن "مرسي جرى اعتقاله في سجن انفرادي يفتقر إلى الحد الأدنى من الشروط من حيث التهوية والمساحة، وبدون سرير مناسب للنوم".

من الجاني؟!

وعلى الرغم من ملابسات الوفاة المثيرة للجدل، فإن السلطات المصرية رفضت الاستجابة للمطالبات الدولية بإجراء تحقيق مستقل ونزيه حول وفاة "مرسي" وادعت أن الوفاة "طبيعية".

ويبدو أن تمتع الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي" بحماية دولية من حلفاء إقليميين ودوليين أبرزهم دول الخليج و(إسرائيل) والولايات المتحدة وروسيا، حالت دون تحرك دولي جدي للتحقيق في ملابسات الوفاة.

ولم يحظ أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر، بأي عزاء من قبل واشنطن وموسكو، وعواصم أوروبا، بل شهدت وسائل إعلام عبرية وسعودية وإماراتية مظاهر احتفاء بوفاته.

وتتعرض أسرة "مرسي" لحصار وتضييق أمني، وظروف قاسية تحول دون مقاضاة المسؤولين عن وفاته، بعد وفاة النجل الأصغر للرئيس الراحل "عبدالله" في سبتمبر/أيلول 2019، والزج بنجله الأكبر "أسامة" في السجن، ديسمبر/كانون الأول 2016.

ورغم ذلك، سيظل السؤال حول ملابسات وفاة "مرسي" والمسؤولين عنها قائما، لأن الإجابة ربما تفتح الباب على مصراعيه أمام تحقيقات مماثلة في وفاة العشرات من المعتقلين السياسيين في السجون المصرية، وعمليات التصفية خارج إطار القانون بحق المئات من المختفين قسريا، وكذلك في العديد من المذابح التي ارتكبت بحق شباب ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

إطلاق مؤسسة مرسي الديمقراطية في الذكرى الأولى لرحيله

أردوغان يستذكر مرسي: رحم الله أخي العزيز