أرباح مليارية.. بيزنس الكمامات في مصر

الخميس 18 يونيو 2020 08:09 م

مع دخول قرار الحكومة المصرية، إلزام المواطنين بارتداء الكمامات، حيز التنفيذ، تشتد وتيرة التنافس بين جهات سيادية وحكومية على نيل حصة من الكعكة الثمينة التي خلفتها أزمة فيروس "كورونا".

ويلزم القرار الحكومي "العاملين والمترددين على جميع الأسواق أو المحلات أو المنشآت الحكومية أو المنشآت الخاصة أو البنوك أو مستخدمي جميع وسائل النقل الجماعية سواء العامة أو الخاصة بارتداء الكمامات الواقية".

وينص القرار، المفروض منذ 30 مايو/أيار الماضي، على معاقبة المخالف بـ"غرامة لا تتجاوز أربعة آلاف جنيه" (نحو 250 دولارا)، وسط إجراءات حكومية لتطبيق خطة التعايش مع فيروس "كورونا" خلال الفترة المقبلة.

وتشكو كثير من الأسر المصرية من أن الكمامات تعد عبئا ماليا إضافيا على موازنتها المالية، في ظل احتياجها إلى كمامات يومية تكفي عدد أفراد الأسرة.

وتتراوح أسعار الكمامات العادية في السوق المصري، بين 5 جنيهات (0.32 دولار) للقطعة و10 جنيهات، ولا يشمل هذا الكمامة من نوع "N95" التي يقترب سعرها من 200 جنيه، وسط رواج لملايين الكمامات غير المطابقة للمواصفات.

كمامات الجيش

وتسعى الحكومة المصرية لتوفير حوالى 30 مليون كمامة شهريا لتلبية احتياجات السوق المحلي، بحسب وزيرة التجارة والصناعة "نيفين جامع".

ووفق رئيس شعبة الملابس الجاهزة بالغرفة التجارية بالقاهرة "عمر حسن"، فإن هناك 100 مصنع إضافي ستبدأ إنتاج الكمامات، خلال يونيو/حزيران الجاري، ليرتفع عدد المصانع العاملة على إنتاج الكمامات إلى 400 مصنع، ينتج الواحد منها بين 6 آلاف و30 ألف كمامة يوميا.

ويتصدر السباق، مصانع تابعة لوزارة الإنتاج الحربي (وزارة تابعة للجيش المصري)، بطاقة إنتاج يومية تبلغ 4.5 مليون كمامة؛ بهدف توفير احتياجات السوق المحلي من ناحية، وتصدير الباقي للخارج من ناحية أخرى.

وفتح الجيش المصري 5 خطوط إنتاج جديدة ومطورة للكمامات الطبية التنفسية، وفقا لمعايير منظمة الصحة العالمية بإنتاج يومي يصل إلى 100 ألف كمامة، وفق بيان المتحدث العسكري المصري.

وتوفر منافذ البيع التابعة للجيش المصري، في المحافظات والميادين الكبرى، الكمامات الواقية، بأسعار منافسة لتلك المطروحة في الصيدليات.

وفي أبريل/نيسان الماضي، وفي خطوة دعائية، أصدر الجيش المصري، تعليمات لهيئة الإمداد والتموين بالقوات المسلحة من أجل توزيع الكمامات الطبية على المواطنين مجانا في الأماكن العامة والميادين الرئيسية، تنفيذا لتوجيهات الرئيس "عبدالفتاح السيسي"، لكن التوجيه تم تطبيقه بشكل محدود وفي أماكن قليلة جدا.

وفي أبريل/نيسان الماضي، أعلن "السيسي"، أنه "على استعداد لتوزيع الكمامات على المواطنين مجانا أو بنصف الثمن".

والشهر الجاري، أصدر نقيب المحامين المصريين "رجائي عطية"، قرارا بصرف الكمامة للمحامين بجنيهين فقط على أن تتحمل النقابة فارق السعر المشتراه به من القوات المسلحة، ما يعني أن إنتاج الجيش من الكمامات بات له زبائن بالأمر المباشر.

كمامات التموين

ويبدو أن "بيزنس الكمامات" أصبح توجها حكوميا، حيث أعلن  المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء المصري، المستشار "نادر سعد"، أنه سيتم طرح الكمامات القماشية بسعر 5 جنيهات للكمامة الواحدة.

وقبل أيام، أعلن وزير التموين المصري، "علي المصيلحي"، طرح كمامات قماشية على البطاقات التموينية شهريا (نحو 22 مليون بطاقة)، بداية يوليو/تموز المقبل.

وشدد "المصيلحي" في تصريحات صحفية، على أن توفير الكمامات للمواطنين بات ضرورة ملحة في ظل هذه الظروف الحرجة، على أن تقوم هيئة الشراء الموحد (حكومية) بتحديد الأسعار التى على أساسها سيتم طرحها على بطاقات التموين.

ومن المخطط أن يتم توفير 40 مليون كمامة قماشية واقية شهريا؛ لإدراجها كسلعة ضمن السلع الأساسية، على أن يلتزم البقال التمويني بتسجيل صرف الكمامات للمواطنين.

وستكون الكمامات المطروحة على البطاقات التموينية قماشية، وليست طبية، كما ستكون أرخص من الكمامات القماشية المتاحة في الأسواق بنسبة 30%، بحسب مستشار وزير التموين المصري لشؤون التجارة الخارجية "أيمن حسام الدين".

وتقدم الحكومة المصرية، دعما شهريا قدره 50 جنيها للفرد (نحو 3 دولارات)، يستفيد منه 72 مليون فرد، ويحصلون بموجبه على سلع تموينية وغذائية رئيسة.

كمامات الأوقاف

الغريب أن وزارة الأوقاف المصرية (مؤسسة دينية تُعنى بشؤون المساجد)، دخلت هي الأخرى على خط "بيزنس الكمامات"، معلنة عن طرح كمامة قماشية بـ8 جنيهات، ضمن جهودها لمواجهة فيروس "كورونا".

وأعلن رئيس شركة إدارة المحمودية التابعة لوزارة الأوقاف، "شريف أحمد"، إمكانية البيع بالجملة للصيدليات والأماكن التي تبيع بالتجزئة، مشيرا إلى امتلاك الشركة منافذ لبيع الكمامات.

وأضاف خلال مداخلة هاتفية مع برنامج "صالة التحرير" على قناة "صدى البلد" (خاصة)، أن سعر الكمامة الطبقتين بالجملة يصل إلى 5 جنيهات (0.32 دولار)، بينما يصل سعر الكمامة ذات الطبقات الثلاث إلى 8 جنيهات (نصف دولار).

وزادت الوزارة، بالإعلان عن إنشاء وحدة إنتاجية مختصة بإنتاج قناع حماية الوجه، بدعوى أن الكمامة وحدها لا توفر الوقاية اللازمة للعينين.

ويمكن تكرار استخدام قناع "الأوقاف" بشكل يومي بعد غسله بالماء والصابون، بسبب صنعه من مادة "البولي كربونيت" المقاومة للخدش، ما يطيل عمر القناع الافتراضي، بحسب بيان الوزارة.

ويبلغ سعر القناع 50 جنيهاً مصريا (نحو 3.5 دولار أمريكي). ويأتي إنتاج وبيع هذه الكمامات والأقنعة وسط انتقادات ساخرة لاستغلال أزمة "كورونا" من قبل الوزارة الدينية، سعيا وراء تحقيق الأرباح.

سوق ضخم

وتشهد أسعار الكمامات في السوق المصري، ارتفاعا في الأسعار نظرا للتكالب على شرائها وتخزينها، حيث وصل سعر العلبة الواحدة للنوع المستخدم لمرة واحدة، إلى أكثر من 250 جنيه (14 دولارا)، بعدما كانت تباع بـ12 جنيها (أقل من دولار) قبل اندلاع الأزمة.

بينما وصل الكمامات الأعلى جودة والتي تحتوي على فلتر داخلي وخارجي إلى 1200 جنيه (75 دولارا) للعلبة الواحدة (في السابق كان ثمنها 200 جنيه أو 13 دولارا)، وتحتوي على 20 كمامة.

ولم يشهد سوق الكمامات مثل هذا الانتعاش منذ سنوات، ومن المتوقع أن يشهد المزيد من الزيادة في الطلب مع بدء العام الدراسي الجديد، سبتمبر/أيلول المقبل، مع تكالب التلاميذ والطلاب على شراء الكمامات للوقاية من "كورونا".

ويعد السوق المصري (أكثر من 100 مليون نسمة)، سوقا ضخمة وواعدة لرواج "بيزنس الكمامات"، الذي سيدر المليارات من الأرباح حال استمرار الأزمة لعدة شهور.

وفي ظل مساعي الحكومة المصرية لتوفير 30 مليون كمامة شهريا، وحاجة وزارة التموين لطرح 40 مليون كمامة شهريا،  وتحرك ترسانة مصانع القوات المسلحة لإنتاج 4.5 مليون كمامة يوميا، يمكن توقع المزيد من الأرباح المليارية من وراء "بيزنس الكمامات" في مصر.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

كمامات بيزنس كورونا

دراسة: الالتزام بالكمامات قد يحول دون موجات ثانية لكورونا

لمواجهة كورونا.. تركيا تطور كمامات إلكترونية تقتل الفيروسات

دراسة: التباعد والكمامات أفضل سبل الوقاية من كورونا