من هي الدولة الأخطر على العرب؟

السبت 20 يونيو 2020 04:45 م

من هي الدولة الأكبر خطرا على العرب؟

العمل السياسي الرصين كان، وما زال منذ نكبة فلسطين عام 1948 مقترنا بالعداء لإسرائيل.

الدولة الأشد خطرا على العرب إضافة لإسرائيل هي الدولة العربية المستبدة وهي المشكلة الحقيقية التي تواجههم.

حين يقرّر حاكم مصر العسكريّ أن يقيم علاقات ودّية وتعاونا عسكريا وسياسيا مع إسرائيل، فعلى العرب أن يعتبروا ذلك في مصلحتهم!

تقدّم تركيا أنموذجا يثبت إمكان نمو «قدرات استراتيجية» لدولة بالديمقراطية وليس بالاستبداد والطغيان والتبعية المذلة للخارج والاستخذاء أمام إسرائيل وغيرها.

*     *     *

كان لعمرو موسى، الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية، والذي كان أيضا وزيرا أسبق للخارجية المصرية لفترة طويلة، سيرة سياسية مرموقة داخل مصر وخارجها، وكان مثيرا أن يقرن المغني الشعبي المصري الراحل شعبان عبد الرحيم، احترام كثير من المصريين لسيرة عمرو موسى السياسية مع كره إسرائيل.

فهذه المعادلة، أي العمل السياسي الرصين، كان، وما زال، منذ حصول النكبة الفلسطينية عام 1948، مقترنا بالعداء لإسرائيل.

والواقع أن الأوضاع السياسية في مصر، منذ الانقلاب العسكري الشهير لعبد الفتاح السيسي، عام 2013، والذي نشهد حاليًا تذكيرًا مؤسيا به مع مرور ذكرى وفاة الرئيس المصري الراحل محمد مرسي، لم تعد تقارب الرصانة والمنطق والعقل منذ ذلك الحدث السياسيّ المروّع!

والذي عبّر إيدي كوهين، الإعلامي الإسرائيلي المقرب من الأجهزة الأمنية الإسرائيلية عن مغزاه خير تعبير حين أشاد بحرارة بانتزاع السيسي للسلطة، باعتبار ذلك إنقاذا لإسرائيل من الكارثة التي يمثلها مرسي.

مناسبة الحديث أن عمرو موسى اعتبر، في حديث تلفزيوني، أن تركيا «تشكل أكبر خطر على العالم العربي حاليا»، والسبب هو «قدراتها الاستراتيجية، كما أنها عضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ولديها علاقة استراتيجية واضحة مع الولايات المتحدة ومثلها مع روسيا ولديها أيضا مصالح متشابكة مع الاتحاد الأوروبي».

وهذا توصيف صحيح فعلا للقدرات الاستراتيجية لتركيا، لكنّه يتجاهل، بداية، أن إسرائيل أيضا، رغم أنها ليست عضوا في الناتو، فلديها علاقة استراتيجية أقوى بكثير مع الولايات المتحدة، ومثلها مع روسيا، ولديها أيضا مصالح متشابكة ليس مع الاتحاد الأوروبي فحسب..

بل مع الصين والهند ودول أفريقية وأمريكية لاتينية، إضافة إلى امتلاكها ترسانة نووية، واحتلالها أراضي عربية، وتهديدها حاليا بضم مناطق أخرى تشكل صلب «الدولة الفلسطينية» المنشودة، مهددة بذلك لا مصالح الفلسطينيين فحسب، بل كذلك العرب والمسلمين.

ينبع تصريح عمرو موسى من إشكالية كبرى في السياسة المصرية، وهو مساواته مصالح حكام القاهرة بمصالح العرب، وبالتالي فحين يقرّر حاكم مصر العسكريّ أن يقيم علاقات ودّية وتعاونا عسكريا وسياسيا مع إسرائيل، فعلى العرب أن يعتبروا ذلك في مصلحتهم!

وإذا قرّر نفس الحاكم العسكري أن يدعم جنرالا دمويا مثل خليفة حفتر في خطته للسيطرة على ليبيا، فعلى العرب أن يعتبروا ذلك في مصلحتهم أيضا، وإذا اختلف الحاكم مع تركيا، فعلى العرب أن يختلفوا مع تركيا بدورهم.

الإشكالية الثانية في كلام موسى هي مساواته أيضا بين «الأنظمة العربية» والعرب، وهي طريقة لإغفال آراء الشعوب العربية ووأد قرارها ليس في أن تقرّر أن تُحكم بالطرق الديمقراطية فحسب، بل أن تقرّر حتى ما تحب أو تكره!

وهذه المساواة بين طرفين متناقضين مقصودة بذاتها لأنها تعتبر الأنظمة ممثلة للشعوب، وبالتالي فإن من يواجه سياسات هذه الأنظمة الداخلية أو الخارجية، يصبح عدوا «للعرب».

تتحرّك تركيا، مثل باقي دول العالم، حسب مصلحتها السياسية والاقتصادية والعسكرية، ويمكن أن نلتقي مع هذه السياسات أو نختلف، لكنّ تركيا دولة مسلمة والحزب الحاكم فيها صعد إلى السلطة بقوة الديمقراطية وليس بدبابات وطائرات العسكر!

وبالتالي فهي تقدّم أنموذجا يثبت علاقة نمو «القدرات الاستراتيجية» لدولة بالديمقراطية وليس بالاستبداد والطغيان والتبعية المذلة للقوى الخارجية، والاستخذاء أمام إسرائيل وغير إسرائيل.

الدولة الأشد خطرا على الشعوب العربية، إضافة إلى إسرائيل، هي الدولة العربية المستبدة، وهي المشكلة الحقيقية التي تواجه العرب.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية