قواعد مصر العسكرية.. صراع نفوذ واستعراض للقوة

الثلاثاء 23 يونيو 2020 04:55 م

من آن لآخر، يؤسس الجيش المصري قواعد عسكرية جديدة، لكن وتيرة تأسيس وتطوير هذه القواعد زادت بشكل لافت في عهد الرئيس الحالي "عبدالفتاح السيسي".

وعادة ما يصاحب افتتاح تلك القواعد، مظاهر دعائية، واستعراض للقوة، ورسائل موجهة للداخل والخارج، وسط احتفاء إعلامي كبير.

وكثيرا ما يُصدر "السيسي" للمصريين "خطابات أزمة"، تزعم تعرض البلاد لمؤامرات وحروب من "الجيل الرابع والخامس".

ولا تُعرف التكلفة الحقيقية لإنشاء تلك القواعد، وحجم تسليحها، وأهدافها الحقيقية، فضلا عن حجم الحضور الأجنبي فيها، خاصة الإماراتي؛ حيث يبدو أن أبوظبي باتت تتمتع بتواجد لافت في الكثير من القواعد العسكرية المصرية، في وقت يُعتقد فيه أنها شاركت في تمويل تأسيس وتطوير بعض هذه القواعد.

  • قاعدة جرجوب

قبل أيام، أظهر مقطع فيديو نشره الجيش المصري أعمال إنشاء قاعدة "جرجوب" العسكرية، غربي مطروح، قرب الحدود مع ليبيا (شمال غرب).

وكما تشير تصريحات المسؤولين المصريين، من المنتظر أن توفر القاعدة نقطة تمركز وقاعدة دعم لوجيستي للقوات المصرية؛ ومن المرجح أن تلعب دورا في تأمين مصالح القاهرة شرق وجنوب شرق البحر المتوسط، وحماية النفوذ في مناطق الغاز، ووقف الهجرة عير الشرعية لأوروبا، وكذلك دعم الحليف الليبي الجنرال "خليفة حفتر".

ومن المخطط أيضا أن تقوم قاعدة "جرجوب" بتأمين الجزء الغربي من الساحل الشمالي المصري على البحر المتوسط والذي يضم محطة الضبعة النووية ومدينة العلمين الجديدة، إضافة إلى المنطقة الاقتصادية المزمع إنشاؤها غربا.

  • قاعدة محمد نجيب

وعلى مقربة من الحدود المصرية الغربية مع ليبيا، تمتلك مصر قاعدة عسكرية ضخمة، بمدينة الحمام التابعة لمحافظة مطروح (شمال غرب)، تحمل اسم الرئيس المصري الراحل "محمد نجيب".

وحظي افتتاح القاعدة في 22 يوليو/تموز 2017، بحضور لافت لولي عهد أبوظبي "محمد بن زايد"، والجنرال الليبي "خليفة حفتر"، وهو ما اعتبر وقتها رسالة مفادها أن القاعدة ستكون منصة لدعم المشروع الإماراتي في ليبيا للسيطرة على العاصمة طرابلس.

وإضافة إلى ذلك، تساعد القاعدة أيضا في تأمين حقول الغاز في مياه البحر المتوسط وحقول النفط في الصحراء الغربية ومحطة الضبعة النووية.

وتستوعب القاعدة، التي توصف بأنها "أكبر قاعدة برية في الشرق الأوسط وأفريقيا"، مئات الدبابات وناقلات الجنود، بخلاف احتوائها على 72 ميدانا تدريبيا، و1155 منشأة حيوية.

  • قاعدة سيدي براني

أما قاعدة "سيدي براني" التابعة لمحافظة "مطروح"، بمحاذاة الحدود الليبية، فتعد نقطة تمركز لقيادة المنطقة الغربية العسكرية، وجرى تطويرها بإضافة منشآت جديدة، وميادين للتدريب، ومخازن للأسلحة والذخائر.

وتعزز القاعدة القدرات القتالية للمنطقة الغربية العسكرية؛ بهدف "منع تسرب العناصر الإرهابية عبر الحدود الغربية لمصر، ووقف تهريب الأسلحة، والمواد المخدرة، والهجرة غير الشرعية"، حسب اللواء المتقاعد في الجيش المصري "عادل سليمان"، رئيس منتدى الحوار الاستراتيجي لدراسات الدفاع والعلاقات المدنية العسكرية بالقاهرة.

وتعد "سيدي براني" بمثابة قاعدة للعمليات المتقدمة التي ينفذها سلاح الجوي المصري في العمق الليبي، حسب الخبير العسكري المصري، العميد "صفوت الزيات".

ومن قلب قاعدة "سيدي براني"، ظهر "السيسي" الأسبوع الجاري، محذرا حكومة "الوفاق" الليبية، من أن "سقوط سرت والجفرة خط أحمر"، ملمحا إلى إمكانية التدخل عسكريا في ليبيا.

وكانت قاعدة "سيدي براني" قد صعدت إلى الواجهة في عام 2017، بعد كشف صحيفة "إزفيستيا" الروسية سعي موسكو لاستئجار القاعدة من مصر، بدعوى حاجتها إلى قاعدة عسكرية في منطقة شمال أفريقيا.

وفي ذلك التوقيت، أكدت وكالة "أ ف ب" الفرنسية، نقلا عن مسؤول أمريكي طلب عدم الكشف عن هويته، أن روسيا نشرت قوات خاصة في قاعدة جوية بمدينة "سيدي براني"، وهو ما نفته مصر وقتها.

  • قاعدة برنيس

وفي يناير/كانون الثاني 2020، وبحضور "السيسي" و"بن زايد" أيضا، جرى افتتاح قاعدة "برنيس" العسكرية، على ساحل البحر الأحمر بالقرب من الحدود الدولية الجنوبية، شرق مدينة أسوان (جنوبي مصر).

وكما تشير البيانات، جرى إقامة القاعدة على مساحة 150 ألف فدان، وهي تضم قاعدة بحرية وقاعدة جوية ومستشفى عسكريا وعددا من الوحدات القتالية والإدارية وميادين للرماية والتدريب لجميع الأسلحة، ومطار، ومحطة تحلية للمياه، وأرصفة متعددة الأغراض.

ويقول مراقبون إن "برنيس" ستكون معنية بتأمين السواحل المصرية الجنوبية، وحماية الاستثمارات الاقتصادية، ومواجهة التحديات الأمنية في نطاق البحر الأحمر، وتأمين حركة الملاحة العالمية.

وتحتضن "برنيس" قاعدة "رأس بناس" البحرية، المرجح أن تتحول إلى نقطة ارتكاز مصرية في البحر الأحمر، بداية من قناة السويس وحتى مضيق باب المندب.

ووفق "القناة 12" في التلفزيون الإسرائيلي، فإن "برنيس" ستحول دون تهديد إيران، عبر حلفائها الحوثيين باليمن، مسار السفن المؤدي إلى ميناءي العقبة الأردني وإيلات الإسرائيلي.

وقد تكون القاعدة الواقعة جنوب شرق مصر، أعلى مثلث حلايب وشلاتين، منصة للتحرك العسكري جنوبا حال استمر تعثر المفاوضات مع إثيوبيا حول "سد النهضة".

  • قاعدة شرق بورسعيد

في السياق ذاته، تقوم القوات المسلحة المصرية ببناء قاعدة "شرق بورسعيد" البحرية المُطلة على المدخل الشمالي لقناة السويس على البحر المتوسط.

وتهدف القاعدة إلى توفير الحماية والتأمين اللازمين للمنطقة الاقتصادية وميناء بورسعيد، إلى جانب تأمين الملاحة في الجزء الشمالي من قناة السويس، والسواحل الشمالية لشبه جزيرة سيناء المصرية حتى ميناء العريش.

وفي فبراير/شباط الماضي، نقل "الخليج الجديد"، عن مصادر مطلعة، سعي مصر لبناء قاعدة عسكرية جديدة، على الحدود الشرقية؛ لتأمين قناة السويس، شمال شرقي البلاد.

وستكون القاعدة الجديدة في منطقة "أبوسلطان" بمحافظة الإسماعيلية، وستمتد على مساحة 160 ألف فدان، وستعمل على تأمين المجرى الملاحي الدولي، وأنفاق قناة السويس، والمنطقة الاقتصادية هناك.

وإلى جانب ذلك، هناك قاعدة "سفاجا" البحرية، وهي القاعدة الرئيسية للقوات البحرية المصرية على البحر الأحمر، وتضم المقر الرئيسي لقيادة الأسطول الجنوبي المصري.

ويحظى الجيش المصري بانتشار بحري عبر عدد من القواعد البحرية من رأس التين وأبوقير بالأسكندرية إلى بورسعيد ثم السويس وكذلك سفاجا، بالإضافة إلى قاعدة "لنشات" في مطروح، بخلاف الأرصفة الحربية في موانئ دمياط والغردقة وشرم الشيخ.

أهداف ورسائل

يرى مراقبون أن التوسع المصري في إنشاء قواعد بحرية يأتي لاستيعاب التطور الكمي والكيفي للقوات المسلحة بعد صفقات التسليح التي أبرمت خلال الأعوام الأخيرة وشملت حاملتي طائرات من طراز ميسترال، وعدد من الغواصات والفرقاطات والقطع البحرية المختلفة.

وربما تعد التهديدات المتزايدة جنوبي البحر الأحمر (حرب اليمن)، ونظيرتها شرقي المتوسط (تمدد النفوذ التركي وحرب ليبيا)، مبررا قويا لإنشاء هذا العدد الكبير من القواعد داخل البلاد.

ويحاول نظام "السيسي" تسويق نفسه كشرطي للمنطقة، يضطلع بدور هام في تأمين خطوط الملاحة العالمية، ومكافحة الإرهاب، والهجرة غير الشرعية، وحماية استثمارات الغاز في المتوسط. 

لكن مخاوف تبدو جدية من أن تكون تلك القواعد "رأس حربة" لخدمة الأجندة الإماراتية في منطقتي القرن الأفريقي، وشمالي إفريقيا، لاسيما مع تداول تقارير عن استقبال تلك القواعد شحنات أسلحة، ومسيرات إماراتية، واستخدام أبوظبي لها لشن حملات لدعم الجنرال الليبي "خليفة حفتر".

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

قاعدة محمد نجيب قاعدة عسكرية قاعدة برنيس قاعدة براني

مصر تحول قاعدة سيدي براني لمركز لوجيستي يدعم حفتر